لماذا الكتابة خلف أسماء مستعارة؟!
سؤال وجهته في أحد المنتديات، ولم أجد إجابة. الجميع صامت!! وهذا جزء مما أتحدث عنه دائماً من عباءة العادات والتقاليد الاجتماعية وقمع المشاعر؛ ما جعل منا متحدثين بدون هوية!
أو ربما لم نعتد على ترف المصارحة.
الاسم المستعار أصبح ظاهرة في بعض صحافتنا وبعض المنتديات الإلكترونية الأدبية والثقافية، ويبقى الجنس الناعم هن المتخفيات بنسبة اختناق أكبر. يبدعن بخاطرة جميلة أو قصة رائعة أو شعر عذب، ويعطرن حروفهن بمشاعر وأحاسيس أنثوية فاخرة، ويقبعن في الكواليس تحت سطوة المجتمع الشرقي الذي لم يتخطَّ بعد عقدة الأنثى!
ومع ذلك لم تعد الكتابة خلف اسم مستعار تختص بالمرأة؛ فها هم الرجال يتنفسون أيضاً باختناق!
بعض الأشخاص يرون أن الكتابة خلف اسم مستعار تمنحه مساحة من الحرية للتملص من الرقابة وعيون الخصوم وقذف التهم؛ ليمنح نفسه ما يبتغي، وهنا حالة جُبن صريحة لشخصية لا تستطيع مواجهة أفعالها، ولا ردود الفعل الناتجة منها..
والبعض يتوارى خجلاً بكتابات جريئة بعيداً عن أعين التوبيخ والنقد، يراها المجتمع جريئة، لكنها مشاعر ربما تُرجمت بالعمق وسط مجتمع يرفض البوح!
وهناك من هو فنان كلمة، يعزف على ثقافة عالية تبحر في كلماته وإبداعه، لينتهي بك المطاف خلف شخص مجهول اختار ما اختار من أسماء مرتبطة بالطبيعة، أو بالخيل لتمثل كتاباته!
هل هي أزمة المتلقي أم أزمة الكاتب؟
الكتابة متنفس وبحر من الأحاسيس، يبحر فيها الكاتب حسب حالته، في تغريدة في خاطرة، في مقال، في قصة قصيرة.. فأحيان فعل الكتابة يكون خاضعاً لحالة الكاتب وقتها، ربما حالة كآبة، فتجد في حروفه نكهة ألم.. أو فرح فتشم رائحة جميلة بين حروفه تنشر البهجة..
أو في حالة شغب، فتجد نفسك بين حروف شقية مجنونة، أو حالة حب فتكون بين كلمات تنكسر على حروفها آهات الشوق والحنين.
حالات لا تمثل الشخص، بل تمثل حالته فقط وقت الكتابة، وتظل أحوالاً بشرية غير ثابتة، ولا يحق لنا محاكمة بعضنا ما لم تتعدَّ حروفنا الخطوط الحمراء.
أن نكتب وندوّن أسماءنا بالأخير فليس هذا بحثاً عن الشهرة أو توثيقاً.. نشعر معه أننا أحرار، ولسنا مسجونين في عتمة، نضيء القليل من الضوء لنتنفس الصعداء!
فأنا لا أُجيد التنفس والإبداع إلا من خلال كلمات تنتهي بالأخير باسمي.. هنا أكون بأحضان الحرية.. ألامس الغيوم فتمطر كلماتي بين مؤيد وناقد.