هناك الكثير من الإستراتيجيات التي يحب بعض المدراء التغافل عنها، فتراه أحياناً يهمشُ قراراً ويفنشُ آخر، فما يلبث إلا أن يجد منظمته تمر بأزمة آيلة لسقوطه. إن الإستراتيجية التي أعنيها وأخصها بالطرح في مقالي هذا هي من الإستراتيجيات الهامة في حياة المدير الإداري الناجح، فهي كفيلة أن تحولَ بعض السياسات والتوجهات الإدارية غير الهادفة إلى نقيضها، إنها إستراتيجية هامة ويعي أهميتها الكثير من المدراء لكنهم مع الأسف يتغافلون عنها «إستراتيجية اتخاذ القرار». فهي وبلا أدنى شك لا يتبيّن نجاح المدير من فشله إلا من خلالها، وهي مهمة صعبة، بل إنه ما من شيء أصعب على الموظف من قرار يتخذه مديره لا يؤمل نفعه، ولا يرجى خيره، فيشعر ذلك الموظف أنه يمر بين دائرتي «التهميش والتفنيش».
إن القرارات أخي القارئ /أختي القارئة تتفاوت في درجتها وخطورتها، ولهذا فإن سياسية اتخاذ القرار: لا تعتمد على البديهة أو الحدس فحسب وإنما هي مجموعة خطوات متتابعة للاختيار بين البدائل، ومن ثم الوصول للقرار الأمثل، فلذلك وكما ينصح علماء الإدارة لجعل قرار المدير قراراً صائباً؛ فإنه يتوجب عليه دراسته أولاً، ثم الاستشارة وتبادل الأفكار مع أصحاب الرأي والفكر من الموظفين، وكذلك الإعداد الجيد له، وتوضيحه لجميع الموظفين بشفافية دون تحفظ، وأخيراً تقويم القرار ومتابعته.
إننا جميعاً عندما نتخذ القرار سواءً في حياتنا اليومية، أو في منظماتنا الإدارية؛ فإن هدفنا تحقيق أمر نصبو إليه، أو الخروج من مشكلة تواجهنا... فلذلك فإن مع تلك الخطوات الهامة لمتخذ القرار التي يُدندن حولها علماء الإدارة الحديثة، إلا أنني أود أن أهمس كذلك في أذنيك أخي القارئ /أختي القارئة همستين هامتين... متى ما فطنت لها جيداً وأحسنت تفعيلها على نطاقك الشخصي، فإنك بحق تستحق أن تكون قائداً ناجحاً ليس بالضرورة أن تكون في منظمة ما أو منشأة ما... بل يكفيك أن تكون قائداً ناجحاً لنفسك أولاً ثم لأهل بيتك وأخلائك:
« الهمسة الأولى: أعط نفسك فرصة للتفكير بهدوء وعقلانية، والتأمل في آثار القرار المستقبلية فالتأني من الله والعجلة من الشيطان.
« الهمسة الثانية: لا تخف من الخطأ، فليس صحيحاً أن تكون جميع قراراتنا صحيحة، ولكن الصحيح أن نبذل جهدنا في اتخاذ واتباع خطوات القرار الصحيح، فإن وفقنا فالحمد لله وإن أخطأنا فالخطأ لا بد أن نراه كجزء من حياتنا الطبيعية فنحن لسنا معصومين من ذلك.
خلاصة القول: اتخاذ القرار من أصعب المهمات التي تنتظر المدير والفرد في أي عمل يقومان به، فلذلك تجد أن علماء الإدارة وصفوه بوصف مختصر بأنه هو صنع القرار، إنني وأنا إذ أكتب هذا المقال أخي القارئ /أختي القارئة إلا أنني أعجب أشدُ العجب من المدير الذي يتخذ قراراً بعد عرضه للدراسة والاستشارة، ثم يُعدُ له الآليات الواضحة لجميع العاملين، وفي لحظة تُهمش تلك الجهود دون سابق تخطيط، ويُفنشُ ذلك القرار بلا تفكير في أبعاده المستقبلية. هذا طرحي المتواضع أضعه بين أيديكم الكريمة في هذه الصحيفة المتميزة، ولك أخي القارئ/أختي القارئة مشاركتي بتعليقاتكم وآرائكم التي أحسبُ أنها ستثري الطرح من الجانب الإداري تميزاً وإشراقاً.