حازت مكة المكرمة على قصب السبق في تنفيذ العديد من المشروعات الحيويَّة العملاقة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- الذي يولي جلّ اهتمامه بمكة المكرمة، والمدينة المنورة ومشروعاتها، من أجل توفير أقصى درجات الراحة لقاصدي بيت الله الحرام من الزوار والمعتمرين والحجاج، وذلك إيمانًا واستشعارًا من الملك المفدى -أيَّده الله- بأن خدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما شرف عظيم لا يوازيه شرف ونعمة أنعم الله بها على قادة وشعب المملكة.
ومن أبرز المشروعات التي نفذت في مكة المكرمة مشروع (وقف الملك عبدالعزيز للحرمين الشريفين) الذي أمر بتنفيذه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -رعاه الله- ويُعدُّ أحد أضخم المشروعات المعمارية في العالم، حيث تبلغ مساحة البناء مليونًا و500 ألف متر مربع، ويتكون من سبعة أبراج متجاورة.
وروعي في تنفيذ المشروع الطابع المعماري الإسلامي، ويصل ارتفاع البرج الرئيس فيها إلى 600 متر، وتبلغ الطاقة الاستيعابية له 65 ألف نسمة، ويشتمل المشروع على مسجد يتسع لـ3300 مصل.
كما يشتمل المشروع كذلك على مواقف للسيَّارات تتسع لأكثر من 1000مركبة مرتبطة بالأنفاق الأرضية تحت المبنى، وذلك لتأمين حركة القادمين والمغادرين من النزلاء موزعة على أربعة طوابق، كما يشتمل على خزانات مياه تزيد طاقتها الاستيعابية عن53.000 متر مكعب لضمان توفير المياه خصوصًا في أوقات الذروة، إضافة إلى الاحتياجات الإضافية اللازمة لشبكة مكافحة الحريق التي يجب أن تكون متوفرة على مدار الساعة.
وربطت الأبراج السكنية في المشروع بجسور تختلف في ارتفاعاتها، وذلك لتسهيل التنقل ما بين الأبراج، وللإخلاء السريع عند الطوارئ، ويتَضمَّن المشروع نظام تكييف مركزي صمّم في مبنى منفصل على بعد أكثر من كيلومتر عن المشروع، وذلك لتجنب الضوضاء الناتجة عن تشغيل المبردات. وزوّدت مباني الوقف بنظام تحكم ومراقبة لعمل الأجهزة الأساسيَّة بما فيها المضخات والمراوح والمعدات الكهربائية، وذلك لمراقبة عملها وتأمين الخيارات البديلة في حال تعطله.
ورُوعي في مباني وقف الملك عبد العزيز للحرمين الشريفين إبراز النواحي الجمالية، والمحافظة على البيئة والطابع المعماري للمنطقة المحيطة، فواجهات مباني الوقف ترسم الطابع المعماري الإسلامي بشكل يليق بأهمية المشروع وموقعه قرب المسجد الحرام.
ويعد الوقف مدينة متكاملة الخدمات، إِذْ يحتوي على سبعة أبراج سكنية، يشمل كل برج منها على فندق وشقق فاخرة مفروشة، وأجنحة من جميع المستويات، إضافة إلى مجمع تجاري، وأسواق مركزية، ومنطقة مطاعم.
علاوة على ذلك فقد زود الوقف بمجموعة من المصاعد والسلالم الكهربائية لتغطية حجم الإعداد الكبيرة التي تفد إليه من الضيوف والزوار والنزلاء، ليتسنى للجميع الحركة بكلِّ سهولة ويسر، والوصول إلى الحرم بأسرع وقت، حيث وفرت 412 مصعدًا تتحرك معظمها بسرعة ستة أمتار في الثانية، و140 سلمًا كهربائيًا.
ويحتضن المشروع مركزًا ثقافيًا، إضافة إلى مركز خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لدراسة ومتابعة منازل القمر، ومركز أبحاث علوم الفلك، والرصد الفلكي، ومهبطين للطائرات العمودية على اتِّصال مباشر بجميع الأبراج السكنية، ومركزًا طبيًّا متكاملاً، فضلاً عن تجهيز مقر للمؤتمرات بطاقة استيعابية تبلغ 1500 شخص، ومحطات خاصة للحافلات.
ووفرت بمشروع الوقف أحدث وسائل الأمن والسلامة باستخدام النظام المتكامل للإنذار المبكر ومكافحة الحريق، كما زود المشروع بمحطتين لمعالجة مياه الصرف وإعادة استعمالها في دورات المياه.
وتتعدد الأنشطة الداخليَّة للمجمع من مراكز تجاريَّة ومطاعم ووحدات سكنية ومواقف سيارات وأماكن للصلاة وعناصر ترفيهية لتتناسب مع الجو الديني المحيط، بما يوفر لمرتادي المبنى وقاطنيه معظم الخدمات المطلوبة دون الحاجة إلى التنقل خارجه. ويتميز وقف الملك عبد العزيز للحرمين الشريفين بقربه من المسجد الحرام، وتمتعه بالإطلالة المباشرة على الكعبة المشرفة، واتِّصاله المباشر بساحات الحرم الخارجيَّة، كما تتربع على قمة المجمع أعلى وأكبر ساعة في العالم ساعة مكة المكرمة.