كتاب د. عبد الله الغذامي (اليد واللسان) تضمن قصة عشقه للكتب.. فمنذ شبابه المبكر وهو يهوى القراءة.. وقد كان يملك (دراجة) فرط فيها بالبيع لأجل شراء الكتب..
يقول الغذامي: مرت سنة أو أكثر وأنا أعيش هذه الفرحة حتى جاء يوم طرق فيه باب بيتنا صديقي الأثير محمد السليم رحمه الله وقال لي أن الشاعر صالح الأحمد العثيمين عين ملحقاً ثقافياً خارج المملكة وأنه باع مكتبته بما تحمل من كنوز الكتب واشترتها منه مكتبة اليحيا والكتب كلها معروضة في تلك المكتبة، وهنا انطلقت مع محمد حيث رأينا كل ما يثير وما يغري من كتب التراث والدواوين والموسوعات ولكن: أين الفلوس؟
هنا لم أجد بداً من التضحية بدراجتي الأثيرة على نفسي وعرضتها للبيع وهو الأمر الذي أسال لعاب كل الزملاء الذين كانوا يغبطونني على تلك البسكليت وتمت البيعة مع أول عرض حيث بعته بمائة وثمانين ريالاً.
ضحيت بالدراجة من أجل الكتب..
قفزت مكتبتي من بضعة كتب إلى عشرات الكتب والمدونات والمجلدات.. وما زالت هذه الكتب عندي أعود اليها حتى اليوم مقلباً في صفحاتها وأشم فيها رائحة الطفولة وأزقة المسهرية حارتنا في عنيزة، وأرى ختم مكتبة اليحيا ولكن اسم الشاعر صالح العثيمين ليس عليها ويبدو أنه لم يكن معتاداً على كتابة اسمه على الكتاب. أما أنا فقد سجلت اسمي على كل كتاب ومعه تاريخ الاقتناء وما نسيت أبداً أنني في ذلك التاريخ قد شرعت في الذهاب إلى المعهد مشياً على الأقدام.
لقد تحولت الدراجة من آلة للسير إلى ورقات من الكتب والتراث وتركتني في موعد مفتوح مع أجمل الأحلام.
انها لمتعة فاتنة ان تجلس بين الكتب تراها في صور وأحجام واشكال وألوان وتطل عليك كعوبها بين الرفوف وتحس أنها تتكلم معك وتنظر اليك وتستجيب لهواجسك، وفي حياتي تعلمت هذه المتعة ومارستها وما مر يوم إلا وجلست في مكتبتي أتأمل وأسرح النظر بين الكتب وقد تطول الجلسة وأنا أترك نفسي منسابة تقودها النظرات ويعمها الصمت العميق والممتد عبر القرون بين الشعراء والكتاب وبين اللغات.. ويمر الوقت في هذه الرحلة الخيالية وكأني وسط نسائم التاريخ وهمسات الزمن وأنا واحد من هؤلاء القابعين وسط الصفحات آخذ وأعطي معهم.