عندما نتحدث عن الإرهاب فإننا نتحدث عن سلوك إجرامي ينطوي على وسائل إرهابية تميل إلى عنف شديد مفرط يقوم على إهدار دم كثير من الأفراد الآمنين وإحداث الرعب والاضطراب بين أفراد المجتمع.. ومفهوم الإرهاب ما زال في دائرة الاتفاق على مفهوم موحد عام للإرهاب.. والمنظور المتعارف عليه هو أنه نوع من أنواع الحرابة التي أجمع فقهاء الشريعة الإسلامية على أن من أرهب الناس يستحق أقصى العقوبات.
وقد توغل أفراد هذه المنظمة المتطرفة والمارقة عن قانون أي مجتمع في أي بقعة في العالم تحت أسماء مستعارة وأعمار مختلفة ومسميات متعددة.. ولم يخلُ أي مجتمع من هذه الفئة، وقد تختلف طريقة الكشف عنهم من دولة إلى أخرى.. ولكن يجب أن يتفق الجميع على وضع آلية مدروسة وخطط تطويرية للحد من وجود مثل هذا التطرف بين أفراد المجتمع والأخذ بالاعتبار أن مثل هذه الفئات ليست وليدة اليوم أو أنها تعتمد على مخطط فردي أو جماعة، بل يتعدى ذلك إلى أن هناك دولاً تبنت بناء خلايا لهذه الفئات بالمال والعتاد والخطط المدروسة.. فأصبح العالم الآن أقل أمناً وأكثر اضطراباً، وامتد لهيب الإرهاب ليشمل دولاً عدة في المنطقة التي شهدت في الآونة الأخيرة المزيد من أعمال العنف وأعمالاً إرهابية عدة أدت إلى زعزعة أمنها واستقرارها. وقد توسعت رقعة الإرهاب ليشمل مناطق واسعة في أوروبا كإسبانيا وبريطانيا وروسيا، كما وصلت تأثيراته مرة أخرى إلى أمريكا التي باتت تخشى منه كثيراً في الفترة الحالية. من هذا وذاك ينبغي التأكد أن الإرهاب ظاهرة عالمية معقدة وأصبحت لغزاً يصعب حله، لأن هنالك أسباباً كثيرة أدت إلى ظهوره وتوغله في كثير من الدول، ومنها السياسية والاقتصادية والفكرية، لذلك فإن الإجراءات العسكرية والأمنية الرادعة ليست كافية لوحدها للقضاء على الإرهاب، بل يحتاج ذلك لجهود دولية حثيثة للتخفيف من بعض المشكلات الاقتصادية العالمية وتفشي الفقر في عدد من الدول التي أصبحت مرتعاً خصباً للإرهاب.. والتخفيف من ظاهرة استشراء البطالة.. ولندرك أن العامل الفكري لا يقل أهمية عن العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية.. بل إن العلاج الفكري - الثقافي هو الأكثر فعالية من العلاجات الأخرى، لأن الإرهاب بحد ذاته مصدره الفكر والعقل، فهو ينهل من الفكر المتطرف المتزمت. وللحد من هذا الفكر والحد من انتشاره يجب نشر الأفكار العقلانية القائمة على التسامح وحل المشكلات المتنازع عليها بين البشر بالحوار والأساليب السليمة، والأخذ في الاعتبار أن الأفكار الوسطية المعتدلة التي تقرب بين الأديان وتحترم الرسالات السماوية.. هذه الرسالات التي أكدت دائماً على الإخاء والمحبة والسلام. إن على الأمة وقواها الدولية أن تبذل جهداً منظماً وعقلانياً شاملاً من أجل القضاء على هذه الفئة الجامحة ومعالجة أسبابها قبل ظواهرها، فهي خطوة جديرة في إلحاق الهزيمة النهائية بها وبمن وراءهامن يعمل على نشرها وتغذيتها.