قد تصف كل شيء يحدث أمامك بالتفصيل، لكن حروفك ستعجز حتماً في وصف حالة شغف ضيوف الرحمن بشرب ماء زمزم، وتمريره على مقدمة الرأس وأجزاء من الجسم.. حالة الشوق إلى قطرات زمزم الباردة تسابقت إليها أيدي حجاج ضيوف خادم الحرمين الشريفين الفلسطينيين من قطاعي غزة والضفة الغربية لحظة دخولهم مقر سكنهم في ضاحية «كدي».
القصة لم تبدأ وتنتهي عند سد الظمأ وتحقيق الأمنيات، فالعادات التاريخية التي صنعها «الزمازمة» وتوارثوها على مر الأجيال، ستظل صورتها الذهنية عالقة في أذهان الـ1000 حاج فلسطيني الذين ينعمون هذه الأيام بنفحات الإيمان بضيافة «ملك الإنسانية».
وعند دخول حجاج فلسطين مقر الإقامة التي أمر بها الملك عبدالله في مكة تخالجت مشاعر الفرح والانبهار وهم يشاهدون «الجرة المبخرة» التي يحملها الزمازمة لسقايتهم، حيث كانت طقوس سقاية الحاج البسيطة في تكوينها، العريقة في مدلولها، والتي لا تتعدى اللبس المكاوي الكامل، السديري والكمر والعمة «ذات اللون البرتقالي المصفر مع الأبيض» والجرة المبخرة بالمستكة.
وطاسة إناء الشرب ويضرب «الزمزمي» الآنية النحاسية ببعضها وهو ينادي «زمزم» لتتعالى من حناجر الحجاج صيحات التكبير والتلبية في مشهد مهيب أنستهم أوجاع الحرب على فلسطين.