حمل اقتصاديون زيادة الإنفاق الحكومي وارتفاع كمية النقد، وارتفاع تكلفة إيجار المساكن وفاتورة الاستيراد مسؤولية ارتفاع نسبة التضخم خلال أغسطس الماضي ولامس معدل التضخم في المملكة أعلى مستوى في ستة أشهر، بعد أن سجل مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة لشهر أغسطس مقارنة بنظيره من 2013 ارتفاعاً بـ2.8%، وذلك نتيجة ارتفاع شهدته الأقسام الرئيسية المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة في مؤشراتها القياسية. وقال الاقتصاديون لـ»الجزيرة» إن الجهات الحكومية المعنية بحاجة إلى فرض مزيد من الرقابة على الأسواق ومنع الاحتكار، حيث فمسببات التضخم متعددة لكن الحد من أغلبها كفيل بعودة الأسعار إلى القيم المقبولة مستقبلاً، مشيرين في الوقت ذاته إلى أنه قد يكون للحركة الموسمية التي توافق موسم رمضان والعيد والعطلات تأثير في زيادة حدة التضخم لشهر أغسطس من هذا العام. وشددوا على ضرورة إبراز دور وزارة التجارة وحماية المستهلك في هذا الجانب، من خلال التأكد من عدم استغلال تجار المواد الغذائية وأصحاب الشقق والفنادق وأصحاب المطاعم وغيرهم، والتلاعب بأسعار السلع والخدمات، فهذه المؤشرات تدل على حركة ارتفاع واضحة يجب التأكد من أسبابها المنطقية للحد من وجود أي ثغرات قد تستغل على حساب المستهلك. وقال المحلل هشام الوليعي: من أسباب زيادة التضخم ارتفاع الإنفاق الحكومي بحجم يفوق قوة الاقتصاد، وارتفاع كمية النقد نتيجة لانخفاض قيمة العملة مقابل العملات الرئيسية، إلى جانب ارتفاع إقراض البنوك للأفراد، كذلك تدفق السيولة إلى سوق الأسهم في الفترة الأخيرة ساعد في عودة التضخم قياساً بركود السوق السابق، والذي يزيد من الانتعاش الاقتصادي وفي المقابل يعطي الفرصة للتضخم بالتزايد. وأضاف: من المسببات أيضاً ارتفاع تكلفة إيجار المساكن، وارتفاع فاتورة الاستيراد، حيث يضغط هذان العاملان بشكل مباشر على دخل الفرد باستحواذهم على النسبة العليا من الدخل الشهري. ودعا الوليعي إلى إعادة تقييم السياسة النقدية وإيجاد القيمة العادلة لرفع سعر الريال مقابل الدولار، ليعكس قيمته الحقيقية نظراً للأعباء التي يتحملها الريال منذ فترة طويلة، والعمل على تحويل السيولة النقدية الضخمة للإنتاج في خلق المصانع والمشاريع الصناعية التي تحقق التكامل الاقتصادي من سلع محلية وخدمات ووظائف، والذي من شأنه التقليل من فاتورة الاستيراد. وشدد الوليعي، على ضرورة المسارعةفي تأمين السكن، والذي يشكل معضلة حقيقية يواجهها الاقتصاد عبر الإسراع في إنهاء مشاريع الإسكان، إذ يصب ذلك في مصلحة انخفاض التضخم، لافتا إلى أن الدولة بحاجة أيضا إلى فرض الرقابة على الأسواق بشكل أكبر ومنع الاحتكار، حيث إن مسببات التضخم متعددة لكن الحد من أغلبها كفيل بعودة الأسعار إلى القيم المقبولة مستقبلاً. وأكد الوليعي، أن الأسباب الجوهرية للتضخم حاليا تتمثل بشكل رئيسي في جشع التاجر من خلال استغلال هذه الأسباب بشكل مبالغ فيه، في ظل ضعف التشريعات التجارية، وضعف الأداء الرقابي وتصنيف السلع والخدمات في وقت سابق والتي ساعدت التاجر والمستورد على المبالغة في الأسعار لحد يفوق قيمة المنفعة للسلعة أو الخدمة المقدمة، مع أننا نرى حالياً تحرك من وزارة التجارة في التشريع وتفعيل القوانين التي تكفل انضباط الأسعار بالوتيرة الطبيعية والرقابة عليها والتي تحتاج لعمل كبير ووقت أطول للوصول لأسباب التضخم الواقعية في الاقتصاد. من جهته قال الاقتصادي مساعد السعيد: بيانات مصلحة الإحصاءات توضح أن التغيير النسبي في الرقم القياسي لتكلفة المعيشة لشهر أغسطس الماضي جاء انعكاساً للتطورات التي شهدتها الأقسام الرئيسية المكونة للرقم القياسي لتكلفة المعيشة، حيث ارتفع قسم المطاعم والفنادق بـ 1.2%، ويليه قسم السلع والخدمات العامة بنسبة ارتفاع 1.0%، ثم قسم الأغذية والمشروبات الذي سجل نسبة ارتفاع 0.8%،فيما سجلت بقية الأقسام ارتفاعات من نسبة 0.5% فما دون، إذ انعكست هذه التطورات الواضحة في هذه الأقسام على الرقم القياسي لتكلفة المعيشة، وبنظرة فنية لمسار الرقم القياسي نجد أنه داخل مسار صاعد منذ أغسطس2013، ما يعني أنه في موجة ارتفاع مستمرة، وذلك بدافع من المكونات المذكورة آنفاً» وبين السعيد، أنه قد يكون للحركة الموسمية التي توافق موسم رمضان والعيد والعطلات تأثير في زيادة حدته لشهر أغسطس من هذا العام، ولكن بوجه عام المسار متصاعد، مشددا على ضرورة إبراز دور وزارة التجارة والصناعة وحماية المستهلك في هذا الجانب، من خلال التأكد من عدم استغلال تجار المواد الغذائية وأصحاب الشقق والفنادق وأصحاب المطاعم، والتلاعب بالأسعار للسلع والخدمات المقدمة، فهذه المؤشرات تدل على حركة ارتفاع واضحة، ويجب التأكد من أسبابها المنطقية للحد من وجود أي ثغرات قد تستغل على حساب المستهلك. وأشار السعيد إلى أنه استشرافا للقادم نجد أن سعر النفطلخام عالمياً يعيش مرحلة تصحيح جانبي طبيعي متوافقا مع ارتفاع سعر صرف الدولار أمام العملات الرئيسية، وهذا بدوره سيعزز من قيمة الريال المرتبط بالدولار، وقد نشهد خلال الفترة المقبلة تخفيف لوتيرة موجة ارتفاع الرقم القياسي لتكلفة المعيشة (تصحيح جانبي) وبعدها يجب المراقبة بحذر للأرقام للتأكد من عدم معاودة الارتفاع وتسجيل قمة جديدة بعد موجة التباطؤ المنتظرة، وإلا سندخل بمسار صاعد أشد حدة من المستويات الحالية. وأوضح السعيد، أن التضخم عادة يأتي من أسباب عديدة يتمثل أولها في السبب المحلي الذي يأتي نتيجة لتفوق الطلب على العرض، وهذا النوع يتجلى في الطلب على العقار والوحدات السكنية، مما أدى لأرتفاع الأراضي والوحدات السكنية، وبالتالي أدى لارتفاع نسب التضخم بشكل واضح، كذلك زيادة الإنفاق الحكومي في تنفيذ المشاريع الضخمة في البنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى ازدياد نسب التضخم، وذلك عبر ضخ المليارات لتنفيذ تلك المشاريع وجلب الأيدي العاملة وزيادة الرواتب لشريحة كبيرة منها. وكان مؤشر الرقم القياسي العام لتكلفة المعيشة في المملكة، قد سجل في أغسطس الماضي ارتفاعاً 2.8% مقارنة بنظيره من العام السابق.