تبدو الهدنة الهشة في أوكرانيا وعملية سحب القوات من خط الجبهة أمس الثلاثاء مهددة مع اكبر هجوم دموي يشنه المتمردون الموالون لروسيا في خلال شهر وقد أسفر عن مقتل تسعة جنود اوكرانيين. وتجدد أعمال العنف في معقلي الانفصاليين يلقي بثقله ايضا على انطلاقة الحملة الانتخابية للاحزاب المشاركة في انتخابات 26 تشرين الاول/اكتوبر البرلمانية مع انتهاء مهلة تسجيل الترشيحات ليل الثلاثاء. وأبلغ الرئيس الأوكراني بترو بوروشنكو الاثنين المستشارة الألمانية انغيلا ميركل- أقرب حليف أوروبي له- بأن روسيا تتجاهل بنود اتفاق السلام الذي تم التوصل اليه في 5 ايلول/سبتمبر في مينسك. وشدد بوروشنكو على أنه «يتوقع أن تلتزم روسيا ببروتوكول مينسك وأن تسحب قواتها وتضمن إغلاق الحدود وتقيم منطقة عازلة» كما أعلنت الرئاسة في بيان. وتم تعزيز الهدنة باتفاق ابرم في 20 ايلول/سبتمبر، وينص على انسحاب كل من الطرفين مسافة 15 كلم عن خط الجبهة والسماح لمراقبين أوروبيين بالإبلاغ عن أي استئناف لأعمال العنف التي أسفرت منذ بدء النزاع عن مقتل3200 شخص. لكن محاولة وفد من الجيش الروسي في نهاية الأسبوع إقناع المتمردين بالانصياع لبنود الخطة انتهت كما يبدو بالفشل.
وكانت هذه الزيارة إلى منطقة حرب شكلت اقرارا غير مباشر من موسكو بالنفوذ الذي تمارسه على المتمردين. وأعلن الجيش الأوكراني أن ميليشيات شنت هجوما قرب منطقة مطار دونيتسك وأصابت قذيفة آلية تنقل قوات حكومية. وقتل تسعة جنود في الضربة. وقال مسؤولون محليون ورسميون اوكرانيون إن أربعة مدنيين قتلوا أيضا في هجمات صاروخية وبقذائف الهاون في معقلي المتمردين دونيتسك ولوغانسك. وقال المتحدث باسم الجيش الاوكراني فلاديسلاف سيليزنيوف الثلاثاء لمحطة التلفزيون الاوكرانية الخامسة ان المتمردين يستخدمون مجددا صواريخ غراد التي ادت في السابق الى تدمير عشرات منازل المدنيين. وقد هيمن عرض بوروشنكو منح مناطق الانفصالين حكما ذاتيا مقابل تخليهم عن المطالبة بالاستقلال، على النقاش السياسي الدائر قبل الانتخابات البرلمانية. لكن المتمردين الموالين لروسيا رفضوا المشاركة في انتخابات 26 تشرين الأول/اكتوبر وأعلنوا عن تنظيم انتخابات تشريعية في مناطق نفوذهم ورئاسية في 2 تشرين الثاني/نوفمبر.
وواجه الرئيس الأوكراني عدة انتقادات لقراره هذا بعد سبعة أشهر على إقالة سلفه الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش. وقامت كييف والاتحاد الأوروبي بتنازل آخر كبير عبر القبول بإرجاء دخول اتفاق التبادل الحر بين الطرفين حيز التنفيذ حتى نهاية 2015. لكن حزب المناطق الذي كان يرأسه يانوكوفيتش ويسيطر على مقاعد البرلمان المنتهية ولايته، قرر مقاطعة الانتخابات التي يفترض ان تؤدي بالتالي الى تجديد كبير للبرلمان. في سياق متصل أجرت الحكومة الأوكرانية في كييف تحقيقات ضد مسؤولين روس بعدما بدأت موسكو التحقيقات ضد مسؤولين أوكرانيين بتهمة «الإبادة الجماعية» لسكان شرق أوكرانيا الناطقين باللغة الروسية. وانتقدت النيابة العامة الأوكرانية الإجراءات الجنائية التي تتخذها روسيا ضد المسؤولين الأوكرانيين واصفة إياها بأنها تدخل في عمل القضاء الأوكراني والقوات الأوكرانية. ويذكر أن روسيا تتهم بعض السياسيين وممثلي الجيش الأوكراني بإصدار أوامر «للقضاء التام على المواطنين الناطقين بالروسية» في منطقتي النزاع دونيتسك ولوهانسك منذ بداية «عملية مكافحة الإرهاب» في نيسان/أبريل الماضي. وتجدر الإشارة إلى أنه ليس واضحا الآن هوية الأشخاص الذين يتم إجراء التحقيقات ضدهم بتهمة «الإبادة الجماعية».فضلا عن ذلك تجري الآن في روسيا محاكمة الطيارة الأوكرانية ناديجدا سافتشينكو بتهمة المساعدة في قتل بعض الصحفيين الروس أثناء نشوب بعض المعارك في شرق أوكرانيا.ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة لقى ما يزيد عن 3500 شخص مصرعهم منذ نشوب الأزمة الأوكرانية في نيسان/أبريل الماضي. وتجدر الإشارة إلى أن كلا من قوات الجيش الأوكراني والانفصاليين الموالين لروسيا يقع على عاتقهما مسؤولية قتل المدنيين الأبرياء.