يطل علينا في كل عام ذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية لتعيد إلى الأذهان هذا الحدث التاريخي الهام ويظل الأول من الميزان من عام 1352هـ يوماً محفوراً في ذاكرة التاريخ منقوشاً في فكر ووجدان المواطن السعودي، كيف لا..؛ وهو اليوم الذي وحد فيه جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- شتات هذا الكيان العظيم وأحال الفرقة والتناحر إلى وحدة وانصهار وتكامل، وفي هذه الأيام تعيش بلادنا أجواء هذه الذكرى العطرة (ذكرى اليوم الوطني)، وهي مناسبة خالدة ووقفة عظيمة تعي فيها الأجيال قصة أمانة قيادة, ووفاء شعب ونستلهم منها القصص البطولية التي سطرها مؤسس هذه البلاد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- الذي استطاع بفضل الله وبما يتمتع به من حكمة وحنكة أن يغير مجرى التاريخ وقاد بلاده وشعبه إلى الوحدة والتطور والازدهار متمسكاً بعقيدته ثابتاً على دينه.
إن في حياة الأمم والشعوب أياماً هي من أنصع تاريخها ويومنا الوطني لبلادنا العزيزة تاريخ بأكمله إذ يجسد مسيرة جهادية طويلة خاضها البطل الموحد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- ومعه أبطال مجاهدون هم الآباء والأجداد -رحمهم الله جميعاً- في سبيل ترسيخ أركان هذا الكيان وتوحيده.. تحت راية واحدة وهي راية التوحيد، ومثلما كان اليوم الوطني تتويجاً لمسيرة الجهاد من أجل الوحدة والتوحيد فقد كان انطلاقة لمسيرة جهاد آخر.. جهاد النمو والتطور والبناء للدولة الحديثة.
اليوم الوطني مناسبة عزيزة تتكرر كل عام نتابع من خلالها مسيرة النهضة العملاقة التي عرفها الوطن ويعيشها في كافة المجالات حتى غدت المملكة وفي زمن قياسي في مصاف الدول المتقدمة، بل تتميز على كثير من الدول بقيمها الدينية وتراثها وحمايتها للعقيدة الإسلامية وتبنيها الإسلام منهجاً وأسلوب حياة حتى أصبحت ملاذاً للمسلمين، وأولت الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين جل اهتمامها، وبذلت كل غال في إعمارهما وتوسعتهما بشكل أراح الحجاج والزائرين وأظهر غيرة الدولة على حرمات المسلمين وإبرازها في أفضل ثوب يتمناه كل مسلم.
وتوحيد هذه البلاد على يد قائدها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- لهو تجربة متميزة للمجتمع الدولي وأحد النماذج الناجحة في تاريخ الأمم وإبراز ذلك النهج الذي تبنته المملكة في سياستها الداخلية القائمة على مبادئ الإسلام الحنيف، وكذلك في علاقاتها الدولية المستمدة من تراثنا وحضارتنا واحترام مبادئ حقوق الإنسان في أسمى معانيها، كما أنها فرصة ثمينة أن نغرس في نفوس النشء معاني الوفاء لأولئك الأبطال الذين صنعوا هذا المجد لهذه الأمة فيشعروا بالفخر والعزة ونغرس في نفوسهم تلك المبادئ والمعاني التي قامت عليها هذه البلاد منذ أن أرسى قواعدها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- ونعمّق في روح الشباب معاني الحس الوطني والانتماء إلى هذه الأمة حتى يستمر عطاء ذلك الغرس المبارك.
ولقد دأبت حكومة المملكة منذ إنشائها على نشر العلم وتعليم أبناء الأمة والاهتمام بالعلوم والآداب والثقافة بكافة أنواع العلوم الإدارية والفنية التقنية والمهنية وعنايتها بتشجيع البحث العلمي وصيانة التراث الإسلامي والعربي وإسهامها في الحضارة العربية والإسلامية والإنسانية وشيدت لذلك المدارس والمعاهد والجامعات ودور العلم ولا أدل على ذلك مما تشهده بلادنا العزيزة من نهضة شاملة في كافة المجالات ومن آخرها ما تم مؤخراً في مركز حوطة سدير بمحافظة المجمعة حيث انطلقت بحمد الله مسيرة التدريب في فرع الكلية التقنية بحوطة سدير, حيث بدأ الفرع في استقبال المتقدمين الذي تجاوز عددهم (110) متقدم عن طريق بوابة القبول الإلكترونية حيث تم قبول (60) متدرب ممن انطبقت عليهم الشروط وتم إكمال ما يلزم من الإجراءات المنظمة لعملية القبول والتسجيل وقد انتظم في التدريب (60) متدرب ممن تم قبولهم في تخصص (المحركات والمركبات) وتخصص (الحاسب الآلي).
حيث يعد هذا أول فصل تدريبي لفرع الكلية في مقر المعهد الصناعي الثانوي بحوطة سدير متطلعين لزيادة الطاقة الاستيعابية للفرع ليتم قبول جميع المتقدمين وفق الإجراءات المنظمة لذلك.
وفق الله الجميع في رسم الصورة المشرقة لما يزيد على قرن من الزمان خرجت فيه الجزيرة من أمم جاهلة متناحرة إلى أمة موحدة قوية في إيمانها وعقيدتها، غنية برجالها وعطائها وإسهامها الحضاري.. فخورة بأمجادها وتاريخها.