نعم، إنه وطن عزيز على كل قلب سعوديّ، بل عربيّ، بل كل مسلم، إذ هو وطن الحرمين الشريفين. في كل عام يجيء هذا اليوم برمزه وفَخاره، وبشهادته على هذا الكيان العظيم الراسخ المترابط المتآلف، الذي يضمّ بين جوانبه أعظم بقعتين على وجه الأرض: مكة المكرمة، حيث بيت الله الحرام، والمدينة المنورة، حيث مسجد الرسول خير الأنام عليه أفضل الصلاة وأتمّ السلام، وحسب ذلك شرفاً وفضلاً وفخراً لقيادة هذه البلاد الأوفياء لدينهم ولهذا الوطن وشعبه، بل للمسلمين جميعاً.
يأتي هذا اليوم العزيز بعبق الماضي، فذاك الملك عبدالعزيز الرجل العظيم المؤسس الموحّد لهذه المملكة التي أضحت اليوم أستاذة الأمم ومنبر الوسطية وداعية الحوار بفضل الله تعالى، ثم بما نهجه وسار عليه الأبناء البررة الملوك الكرام، فغدا البناء مكيناً شامخاً صلباً لا تؤثّر فيه عواصف الفتن ولا جولات المحن بإذن الله تعالى.
وها هي ذي الأيام شاهدة على مرّ تاريخ الدولة السعودية حتى هذا العهد المجيد عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي أثبت للعالم كله أنه رجل المرحلة وربّان السفينة التي تتلاطم حولها الأمواج وتهبّ عليها الرياح العاتية، فقام - حفظه الله تعالى- يوجّه ويرسم الطريق الصحيح ويشخّص الداء ويضع الدواء ويُدير دفة النجاة بحزم وحكمة، ويعينه وليّ عهده الأمير الهمام الفذ العلم سلمان بن عبدالعزيز ووليّ وليّ عهده الأمير النجيب المقدام مقرن بن عبدالعزيز حفظهم الله تعالى ورعاهم وأبقاهم ذخراً للبلاد والعباد.
فاليوم يوم الوطن، يوم التاريخ التليد، ويوم الحاضر الشاهد، ثباتاً وعزةً وعلواً وتمكيناً، والشعب الوفيّ لقيادته ووطنه بأمرائه وعلمائه وجنوده، ورجاله ونسائه، صغيرهم وكبيرهم، يضعون كل جهودهم وإمكاناتهم في تحقيق ما تصبو إليه القيادة المباركة في رفعة الوطن وعزته في كل مجالات الرقيّ والنهضة والمحافظة على مقدراته ديناً وعلماً وعملاً واقتصاداً وأمناً، يداً واحدة ضد كل من تسوّل له نفسه المساس بشيء من ذلك، ليظل الوطن دوماً عزيزاً شامخاً بإذن الله تعالى.
فالتهنئة كل التهنئة لإمامنا ووليّ أمرنا خادم الحرمين الشريفين، ولولي عهده الأمين، وولي ولي عهده الكريم، ولجميع الأسرة المالكة العزيزة، ولأبناء الوطن المخلصين الأوفياء بهذه المناسبة الغالية على قلوبنا. والله الله في الوطن وقيادته وجنوده وأبنائه جميعاً.