هانحن نعيش إشراقة صباح اليوم الوطني الـ83 الذي نحتفل فيه بوطن الإسلام والسلام، المملكة العربية السعودية، ونحتفي بمنجزات تحققت في غضون عقود تحول فيها الوطن الكبير، إلى وطن يشار إليه «بمعجزة الصحراء» بما تحققت فيه من نهضة عمرانية، اقتصادية، وعلمية، جعلته محط أنظار العالم بفضل من الله، ثم بفضل قيادته وولاة أمره المخلصين، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- ثم مرورا بأبنائه الملوك من بعده «سعود، فيصل، خالد، فهد» رحمهم الله جميعا، حتى العهد الميمون لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -وفقه الله ورعاه- الذي يكمل نهضة البلد وتقدمه، وخدمته بصدق وإخلاص، ليكون في حجم التطلعات التي بدأها المؤسس، وسار على نهجه أبناؤه الملوك المخلصون لدينهم ووطنهم وشعبهم، فلله الحمد من قبل ومن بعد، واليوم ونحن نحتفي باليوم الوطني، ينبغي لنا أن نحيي في نفوس أبناء الوطن «القيم الوطنية الحقيقية» من خلال تعرّفهم على ماذا قدم لهم الوطن، وماذا عليهم من حقوق تجاهه، فلا نريد أن يفهموا أن يوم الوطن ليس أكثر من مجرد الاحتفال بيوم ثم ينتهي، ترفع فيها شعارات وطنية، وترفرف فيه الأعلام الخضراء، وتجوب فيه السيارات شوارع الوطن، وتصدح في فضائه الأناشيد والأغنيات الوطنية ثم ينتهي الأمر مع غروب شمس ذلك اليوم؛ بل (ينبغي) أن يعلموا بأن اليوم الوطني هو درس مستمر في حب الوطن، نتعلم فيه كيف يمكن تحويل حبه إلى سلوك حقيقي مترجم على الواقع، يكون شعار كل واحد فينا (ولي وطن آليت ألا أبيعه.. وألا أرى غيري لد الدهر مالكا)، فأمنه، والدفاع عن مكتسباته والاشتياق إليه، والحرص على مقدراته، وطاعة ولاة أمره، جميعها من شيم وأخلاقيات وأصالة العربي، وتعبير عن سمو النفوس الكبيرة العاشقة لوطنها، وفي يومنا الوطني نسترجع مع الدرس صورا وملامح لوطن، كانت تمزقه الحروب والفتن، وتفتك بأبنائه الأمراض والأوجاع، ويهلكهم الفقر والجوع، وحين قيض الله للوطن رجالا صادقين، نذروا أنفسهم لبنائه وتوحيده؛ كانت «الملحمة» التي بدأها الملك عبدالعزيز آل سعود، وشاركه تفاصيلها رجاله المخلصون من أبنائه وأبناء الوطن، لبناء وطن متوحد الأطراف، لبناء كيان لا تمزق أهله المعارك الطاحنة، ولا تنحر وجودهم العصبية المقيتة، وبعد أن أتّم البناء لأسس (توحيد مملكة مترابطة الأطراف) تحول همّه إلى القضاء على الثالوث «المرض، الجل، الفقر» هذا هو الدرس الذي يجب أن يتعلمه أبناء الوطن عبر مناشط متنوعة مدرسية ومجتمعية، تروى تفاصيله من خلالها ويبقى مدى العمر حاضرا في الوجدان كما هو الوطن، ليبقى الوطن ملء السمع والبصر، وموطن الفداء والتضحية عند الملمّات بداخل قلوب جميع أبناء وبنات الوطن شيبا وشبابا، كي يبقى المنجّز الكبير الذي تعب الأجداد من أجله المسمى (المملكة العربية السعودية) آمنا مطمئنا شامخا ناهضا، وأنه كما اعتمد على موارده الطبيعية التي حباها الله أرضه، فإنه يعتمد -بعد الله- على مورد بشري من أبنائه وبناته، لضمان بقاء نهضته العلمية والاقتصادية والعمرانية ودوام استمرارها، وإرساء المكانة الدينية والسياسية التي حظي بها بين دول العالم، وأن يتعلموا بأن هناك أعداء في الداخل والخارج، لن يتوقفوا عن محاولات إيذاء الوطن والمسّ بأمنه (فليفشلوا مخططاتهم بالتمسك بدينهم، والوفاء لوطنهم، والولاء لقيادتهم) وألا يعطوا فرصة لمثيري الفتنة والإشاعات وهاشتاقات الفتنة ودعاة الإرهاب؛ للنيل من وحدتهم ووطنهم، فمن الوفاء قول الشاعر: «ومهما يجر وطني علي وأهلُه.. فالأهل أهلي والبلادُ بلادي».