لدينا اليوم الجزء الثالث من سلسلة الغذاء الإسلامي، وهي سلسلة ستتكون بإذن الله من عدة حلقات، كل واحدة منها تتكلم عن غذاء من الأغذية التي وردت في القرآن، أو التي حثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أكلها، وفي المقالة الأولى رأينا منافع زيت الزيتون، وفي الثانية تأمّلنا فوائد الحبة السوداء، واليوم سنطّلع على فوائد طعامٍ لا شك أنّ الكل يأكله باستمرار، فهو من أعمدة غذاء العرب، والنخلة الشامخة هي سيدة الأشجار كلها في ثقافتنا، وطبعاً ثمرتها والتي ستتبوأ الصدارة في مقالة اليوم.
قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: «إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر». وكان التمر مِن أكثر غذائه وكان يتصبّح به إذا وجده، فقد روى أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ قبل أن يصلّي على رطباتٍ، فإن لم تكن رطباتٌ ، فتُميراتٌ ، فإن لم يكن تُميراتٌ ، حَسا حسوات من ماءٍ. ورغم أنّ أكله عليه الصلاة والسلام كان قليلاً جداً وأحياناً يمر به اليوم ولا يأكل فيه أي شيء إلاّ أنّ جسمه لم يكن هزيلاً ضعيفاً، بل من يقرأ وصف الرسول سيلاحظ أنّ جسمه قوي ويميل نحو المظهر العضلي، ومن أسباب هذا بُعده عن الأطعمة الضارة أو الخالية من المنافع وتركيزه على الأطعمة الطيبة المليئة بالمغذيات، والتمر مليء بها، فالتمر يحوي عدة مغذيات، أولها الألياف والتي تعتني بالأمعاء ويمكن أن تحمي القلب وتقي من سرطان القولون بإذن الله. ثانياً هناك المعادن، فالتمر يحوي معادن تقوي العظام وتحسن فقر الدم وهي البوتاسيوم والنحاس والمنغنيس والمغنيسيوم، وهذا الأخير له دور في تخفيف الالتهاب في الجسم، وكذلك في خفض ضغط الدم. التمر كذلك يقوي المخ لأنه يحوي فيتامين ب6. ومما نعرفه عن هذه الثمرة الطيبة شيء أفادتنا به دراسة نُشِرت في مكتبة وزارة الصحة الأمريكية، حيث أراد العلماء ملاحظة أثر التمر على الحامل، فأعطوا التمر لعشرات النساء الذين بقي على ولادتهم شهر، وأكلت كل واحدة منهن ست تمرات كل يوم لمدة 4 أسابيع، وقارن العلماء هذا بنساء لم يأكلن أي تمر في شهرهن الأخير، فظهر أنّ آكلات التمر كانت الولادة عليهن أسهل، وصارت الولادة الطبيعية فيهن أكثر من الفريق الآخر، ولم يحتجن إلى تدخل طبي لمساعدة وتسريع الولادة بنفس القدر الذي احتاجته النساء اللاتي لم يأكلن التمر. ولا نحتاج إلى هذه الدراسات لنعلم هذا، فقد أوصى الله سبحانه مريم في آخر حملها أن تأكل التمر، فقال: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا}.
يا لها من ثمرة رائعة! قال رسول الله لأم المؤمنين رضي الله عنها: يا عائشةُ، بيتٌ لا تمرَ فيهِ ، جياعٌ أهلُهُ . يا عائشةُ، بيتٌ لا تمرَ فيهِ جياعٌ أهلُهُ - أو جاعَ أهلُهُ - قالها مرتينِ ، أو ثلاثًا. صدق رسول الله.