تناول الكثيرون جهاز المرور وسلبياته بصراحة وقسوة، اتفق معهم في غالبيتها، ومن باب الإنصاف ينبغي إيضاح بعض العوائق التي حالت دون نجاحه:
أولها: تمكين ملايين الوافدين بتأشيرة عامل وغيرهم من مخالف نظام الإقامة من قيادة السيارات بحرية تامة لا تتوفر لهم في دول مجاورة وينبغي تفعيل وسائل النقل العام ومنعهم من القيادة.
وثانيها: موافقة البلديات على الانتشار العشوائي للمحلات والمراكز التجارية والسكنية والطبية والبنوك في جميع الطرقات، وتغاضيها عن تطبيق الأنظمة الملزمة لها بتوفير مواقف السيارات التي اشترطت توفير موقف سيارة لكل خمسين متراً مربعاً من مساحة مباني المراكز الطبية، وثلاثة مواقف لكل وحدتين مفروشتين، وموقف سيارة لكل خمسين متراً مربعاً من مساحات صالات عرض السيارات، وعشرة مواقف لكل مكتب تأجير سيارات وموقف سيارة لكل عشرة أمتار مربعة من مساحة المقهى، وموقف سيارة لكل خمسة وعشرين متراً مربعاً من صافي المساحة المكتبية في الشريط التجاري، وقد أدى ذلك إلى اختناقات شديدة وحوادث مرورية، وينبغي منعها من ممارسة أنشطتها حتى يتم توفير مساحات للمواقف حسب النظام، إضافة إلى قيام المرور برصد فوري لمخالفات الوقوف الخاطئ وعدم التساهل فيه.
وثالثها: جيوش المعارضين لتطبيق نظام المرور وفرض الغرامات على جميع المخالفين، ويتزعمهم للأسف الشديد كثير من المشايخ وطلبة العلم وأعضاء في مجلس الشورى، جندوا أنفسهم علناً لمحاربة (ساهر) وأصدروا فيه الفتاوى وجرموه وانتقدوه بمبررات وحجج معلنة واهية، سببها الحقيقي هو عدم تمييزه بين المخالفين وفقدانهم لقدرتهم على إلغاء وشطب المخالفات والغرامات التي يتم تسجيلها عليهم وعلى محاسيبهم.. فساهر هو أجهزة رصد آلية لمخالفات السرعة وتجاوز الإشارة الحمراء، وليس له أي علاقة بالغرامات المقررة في نظام المرور التي حددت لكل مخالفة مرورية غرامة لها حد أدنى لمن يبادر بتسديدها خلال شهر وحد أعلى لمن يقوم بالتسديد بعد نهاية الشهر ولا تتغير الغرامة بعد ذلك حتى لو تأخر سدادها عدة سنوات.
ولثقتي في سعة صدر مدير عام المرور اللواء عبد الرحمن المقبل، أؤكد له أن التطور التقني الهائل في جهاز المرور لم يواكبه تطور ميداني في أداء منسوبيه وانضباطيتهم، فالتواجد الصوري في الميدان لأفراد المرور وتجاهل غالبيتهم رصد المخالفات والتجاوزات التي تحدث أمامهم يوجب قيام ضباط المرور بجولات ميدانية وجولات سرية، لمتابعة أداء منسوبيه ومحاسبة المتخاذلين والمقصرين منهم في المحافظة على هيبة المرور التي تمثل جزءاً من هيبة الدولة، ومما يؤكد أهمية تواجد الضباط في الميدان لفرض الهيبة وإنهاء الاختناقات ما حدثني به أحد الأصدقاء عن معاناته بداية العام الدراسي من ازدحام شديد في طريق الملك عبد الله واختناق في تقاطعه مع طريق الأمير تركي وتوقف السير لعدة كيلومترات، وأنه بعث بشكوى لمدير عام المرور، وفي اليوم التالي أصبحت الحركة في الطريقين تسير بانسيابية عالية، وفوجئ بوجود اللواء عبد الرحمن المقبل في الموقع في الساعة السابعة صباحاً، وبرفقته عدد من قيادات المرور وإشرافه شخصياً على تعديلات وتحويلات أنهت المشكلة تماماً.
هذه الحادثة تؤكد ضرورة تواجد ضباط المرور في الميدان وإمكانية تحسين أدائه واستعادة هيبته لو كان منسوبوه بتفاني وحماس مديره. كما تؤكد أن غالبية المشاكل والعوائق التي يواجهها المواطنون في كافة الجهات الحكومية يمكن حلها بسهولة إذا باشرها المسؤول الأول كما باشرها مدير عام المرور.