إنّ استراتيجيات التنمية التي تحد من قدرة النساء على القيام بما يستطعن عمله، تحد بالتالي من قدرة المجتمعات والشعوب على القيام بما يمكنها القيام به.
وعوضاً عن ذلك، ينبغي أن تنصب الجهود على إيجاد بيئة تستطيع المرأة والرجل فيها تحقيق النجاح الاقتصادي، وهذا يعني إيجاد برامج تنموية رئيسية تسعى لتوسعة سيطرة المرأة على موارد الدخل والأسرة وتحسين إنتاجيتها، وتوطيد دعائم حقوقها الاجتماعية، وزيادة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن لها أن تختار من بينها.
ولذا يؤكد الباحث عبد الله بن أحمد بن عبد العزيز الأحمد، على أنّ رؤية وتطلعات الملك عبد الله بن عبد العزيز ورغبته في التحديث والتطوير والتجديد أحدث نقلة كبيرة ومدروسة في المجتمع السعودي، ومنها دعم المرأة السعودية وتذليل كافة الصعاب التي قد تواجهها، حيث أصبح للمرأة دور بارز من خلال المشاركة في المحافل الدولية، إضافة إلى تفعيل دور المرأة في سوق العمل وفتح جميع المجالات أمامها.
ومن هذا المنطلق، بدأ إقرار خطط التنمية التي تعني بهذه القضية «المرأة والتنمية» وذلك لتطوير أوضاع المرأة من خلال توسيع الفرص المتاحة لها في مجالات التعليم والصحة وغيرها، وهذا الأمر لن يتم حتى تتمكن الدولة من إيجاد الوسائل الممكنة للاستفادة من هذه الفرص.
وخير دليل على ذلك ما ورد في خطة التنمية السادسة من خلال المحور الأول فيها وهو تنمية القوى البشرية الوطنية، وشمل أساسها الاستراتيجي السابع بنداً عن العمل على زيادة إسهام المرأة في القوى العاملة بما يتفق والشريعة الإسلامية، ويلاحظ أنّ الأهداف المتعلقة بالمرأة في خطط التنمية المتعاقبة، اهتمت بشكل رئيس بموضوع تحسين المشاركة في قوة العمل، أي بالجانب الاقتصادي للمشاركة المجتمعية للمرأة.
وفي الوقت الذي تحقق فيه خلال الخطط السابقة كثير من الإنجازات في تطوير أوضاع المرأة، استمر التركيز على تنمية القوى البشرية الوطنية، ونص الأساس الاستراتيجي التاسع في الخطة على التوسع في مجالات عمل المرأة بما لا يتعارض والشريعة الإسلامية، وفي إطار عمل المرأة السعودية، فقد اعتمد مجلس الوزراء السعودي قبل سنوات كثيراً من الضوابط والإجراءات لتعزيز النشاط الاقتصادي للنساء، التي سيؤدي تنفيذها إلى إحداث نقلة نوعية في أنماط ونطاق مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي من خلال:
- تطوير الخطط والآليات: حتى تتمكن الدولة من خلق فرص للقوى البشرية النسائية لا بد لها أولاً من توفير المناخ المناسب لذلك، بحيث تتولى وزارة العمل مع وزارة الاقتصاد والتخطيط ووزارة الخدمة المدنية وضع خطة وطنية متكاملة للقوى العاملة النسائية السعودية، تحدد من خلالها الاحتياجات الفعلية من القوى العاملة النسائية في مختلف التخصصات، وبعد أن يتولى صندوق تنمية الموارد البشرية عملية تدريب القوى البشرية النسائية وتوظيفهن ضمن خططه وبرامجه.
- تطوير آليات التنسيق: وهو أن توكل مهمة التنسيق للنساء ذوات الخبرة والكفاية للتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وذلك بغرض تشجيع القطاعات الأهلية على إيجاد نشاطات ومجالات عمل للمرأة السعودية، وتهيئة فرص إعداد السعوديات وتأهيلهن وتدريبهن للعمل في تلك النشاطات والمجالات، وتوفير الدعم المادي والمعنوي اللازم لهن.
- تطوير المشاركة في القطاع الخاص: وذلك من خلال الجهات الحكومية التي تصدر تراخيص لمزاولة النشاطات الاقتصادية، وذلك لاستخراج التراخيص اللازمة لمزاولة تلك النشاطات التي تمنحها للنساء وفق الضوابط الشرعية، بالإضافة إلى منحهن أراضي وتهيئتها لإقامة مشروعات صناعية تعمل فيها النساء.
وفي السنوات (2005 - 2010) تم إعداد مجموعة من الأنظمة والقواعد المنظمة لعمل المرأة السعودية في القطاع الأهلي؛ منها:
- قرار مجلس الوزراء رقم «120» بشأن زيادة فرص ومجالات عمل المرأة السعودية.
- قرار مجلس الوزراء رقم 187 بشأن تراخيص تشغيل النساء.
- القرار الوزاري رقم 793-1 بشأن قصر العمل في محلات المستلزمات النسائية على المرأة السعودية.
- قرار مجلس الوزراء رقم «63» المتضمن بعض الإجراءات النظامية الخاصة بعمل المرأة في القطاعين الحكومي والأهلي.
- قرار مجلس الوزراء رقم «260» الخاص باستراتيجية التوظيف السعودية
ختاماً أقول: إنّ التغيرات المطلوب لها أن تجعل النساء شريكات متساويات في التنمية، هي نفسها المطلوبة للإبقاء على الحياة ذاتها.