تحتفل بلادنا باليوم الوطني لتوحيد المملكة في 23 سبتمبر من كل عام. وهو يوم توحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية، وقد اختار الملك عبدالعزيز -رحمه الله- يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى الموافق 23 سبتمبر, 1932 يوماً لإعلان قيام المملكة العربية السعودية.
لقد عاش المجتمع السعودي منذ ذلك التاريخ رغدا في العيش واستتبابا في الأمن وشهدت بلادنا سلسلة من التطورات التنموية المتصلة بقيادة حكيمة من ولاة أمرنا ابتداء بالملك المؤسس عبدالعزيز ومرورا بأبنائه أصحاب الجلالة الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد -رحمهم الله جميعا- ووصولا إلى الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-.
إن احتفالنا وفرحتنا باليوم الوطني نابعة من حبنا لوطننا، فمن معايير المواطنة الصادقة الصالحة المحافظة على مرافقنا ومقدراتنا، والولاء والطاعة لولاة أمرنا. كما أن المعيار الصادق للمواطن الصالح هو مدى تفانيه في خدمة وطنه وجده واجتهاده ليرقى بمستوى معيشته ويساهم في تنمية مجتمعة.
نحمد الله تعالى أننا نحتفل بعيدنا الوطني الرابع والثمانين ونحن نعيش في عهد والدنا وقائد مسيرتنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين الذي قفزت بلادنا منذ توليه مقاليد الحكم في 26-6-1426هـ قفزات تنموية لم يشهدها التاريخ من قبل وتحقق الكثير من المنجزات التنموية العملاقة على امتداد مساحات بلادنا الشاسعة وفي مختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة وغيرها، وإنها لفرصة نستذكر فيها ونحن نحتفل بعيدنا الوطني الرابع والثمانين هذه الإنجازات الجليلة التي تميزت بالشمولية والتكامل في بناء المواطن وتنمية الوطن مما يضع بلادنا في مصاف دول العالم المتقدمة.
ومن أمثلة ما تحقق في عهد قائد مسيرتنا والدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز: تضاعف أعداد جامعات المملكة وإنشاء جامعة الملك عبدالله وجامعة الأميرة نورة إقرار برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الذي يدرس من خلاله عشرات الآلاف من الشباب في مختلف جامعات العالم.
وحرص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على استكمال مختلف المشروعات التي تسهل وتيسر على حجاج بيت الله الحرام وزواره أداء مناسكهم والقضاء على مشكلات الازدحام.
وفي هذا السياق، صدرت أوامره -حفظه الله- بتنفيذ مشروع توسعة الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة لتتضاعف طاقتهما الاستيعابية من المعتمرين والحجاج ويساعدهم في أداء نسكهم بكل يسر وسهولة، هذا إضافة إلى إنشاء شبكة من الطرق الحديدية داخل المشاعر وبين مكة المكرمة والمدينة المنورة مرورا بمدينة جدة ومطار الملك عبدالعزيز، مما يسهل الحركة وتنقل زوار المدينتين في مواسم الحج وغيرها.
وخطت مسيرة التعليم العام خطوات متسارعة إلى الأمام منذ إقرار محرم مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام في عام 1428هـ، الذي يعد نقله نوعية في مسيرة التعليم في المملكة العربية السعودية فهو مشروع نوعي يصب في خدمة التعليم وتطوره في المملكة لبناء إنسان متكامل من جميع النواحي الاجتماعية والنفسية وتوج الملك -حفظه الله- اهتمامه بالتعليم العام تعيين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وزيرا للتربية والتعليم وتخصيص 80 مليار ريال لتطوير جوانب التعليم المختلفة.
واتسم عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- بسمات حضارية رائدة جسدت ما اتصف به -رعاه الله- من صفات متميزة أبرزها تفانيه في خدمة وطنه ومواطنيه وأمته الإسلامية والمجتمع الإنساني بأجمعه في كل شأن وفي كل بقعة داخل الوطن وخارجه، إضافة إلى حرصه الدائم على سن الأنظمة وبناء دولة المؤسسات والمعلوماتية في شتى المجالات مع توسع في التطبيقات، ومن هذا المنطلق تم إكمال منظومة تداول الحكم بإصدار نظام هيئة البيعة ولائحته التنفيذية وتكوين هيئة البيعة، وجرى تحديث نظام القضاء ونظام ديوان المظالم، كما تم إنشاء عدد من الهيئات والإدارات الحكومية والجمعيات الأهلية التي تعنى بشؤون المواطنين ومصالحهم ومنها (الهيئة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد) و(وزارة الإسكان).
ونال مجلس الشورى نصيبه من التطوير، حيث أصدر أوامره -حفظه الله- بإشراك المرأة في عضويته ليكون عددهن 30 سيدة، كما طور نظام المجالس البلدية وأصبح للمرأة حق التصويت والترشح عضويتها.
وبدأت المجالس البلدية تمارس مسؤولياتها المحلية وزاد عدد مؤسسات المجتمع المدني وبدأت تسهم في مدخلات القرارات ذات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية وتم تشكيل هيئة حقوق الإنسان وإصدار تنظيم لها وتعيين أعضاء مجلسها، كما تم إنشاء جمعية أهلية تسمى جمعية حماية المستهلك وهيئة الغذاء والدواء، وقام مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بدوره في نشر ثقافة الحوار في المجتمع وأسهم في تشكيل مفاهيم مشتركة بشأن النظرة إلى التحديات التي تواجه المجتمع وكيفية التعامل معها.
وفي المجال الاقتصادي أثمرت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز نحو الإصلاح الاقتصادي الشامل وتكثيف الجهود من أجل تحسين بيئة الأعمال في البلاد وإطلاق برنامج شامل لحل الصعوبات التي تواجه الاستثمارات المحلية والمشتركة والأجنبية بالتعاون بين جميع الجهات الحكومية ذات العلاقة عن حصول المملكة العربية السعودية على جائزة تقديرية من البنك الدولي تقديراً للخطوات المتسارعة التي اتخذتها -مؤخراً- في مجال الإصلاح الاقتصادي ودخول المملكة ضمن قائمة أفضل عشر دول أجرت إصلاحات اقتصادية انعكست بصورة إيجابية على تصنيفها العالمي.
هذا إضافة إلى إنشاء الكثير من المدن الاقتصادية في مختلف مدن المملكة، هذا إلى جانب إنشاء مركز الملك عبدالله المالي بمدينة الرياض.
وفي مجال الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات ونبذ الصدام بينهما وتقريب وجهات النظر، دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في أكثر من مناسبة إلى تعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والحضارات المختلفة وإلى ضرورة تعميق المعرفة بالآخر وبتاريخه وقيمه وتأسيس علاقات على قاعدة الاحترام المتبادل والاعتراف بالتنوع الثقافي والحضاري واستثمار المشترك الإنساني لصالح الشعوب.
وإنشاء مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي للتواصل بين الحضارات بهدف إشاعة ثقافة الحوار وتدريب وتنمية مهاراته وفق أسس علمية دقيقة وإنشاء جائزة الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للحوار الحضاري ومنحها للشخصيات والهيئات العالمية التي تسهم في تطوير الحوار وتحقيق أهدافه، ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني.
وأطلق خادم الحرمين الشريفين مبادرته بتخصيص حكومة المملكة العربية السعودية مبلغ ثلاثمائة مليون دولار لتكون نواة لبرنامج يمول البحوث العلمية المتصلة بالطاقة والبيئة والتغير المناخي، كما اقترح -حفظه الله- إقامة مركز دولي لمكافحة الإرهاب وخصص له مبالغ سخية ودعا دول العالم لمكافحة الإرهاب والتصدي له.
إن ما تحقق لبلادنا من نمو ورفعة شأن يحق لنا أن نتفاخر بها في اليوم الوطني كما يحق لنا أن نفخر ونسعد ونحن نعيش في عهد قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي ندعو له بالصحة والسداد، وندعو الله أن يشد أزره ويحفظ ولي عهده الأمير سلمان بن عبدالعزيز وولي ولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز وأن يديم علينا أمننا واستقرارنا وأن يحفظ لنا ديننا إنه على ذلك قدير.