أوضح نائب رئيس مجلس الشورى الدكتور محمد بن أمين الجفري أن إعلان توحيد المملكة العربية السعودية هو ثمرة كفاح دامت اثنين وثلاثين عاماً من الكفاح، لجمع شتات البلاد بعد فرقة، والقضاء على الصراع والنزاع بين الجماعات والقبائل، واحتواء أبنائها تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، وترسيخ قواعد الدولة الحديثة على مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة، والعقيدة الصافية، ونشر العلم، وإرساء الأمن والأمان، بعد أن ساد الخوف أرجاء الجزيرة العربية ردحاً من الزمن.
وأشار إلى أن ذكرى اليوم الوطني الرابع والثمانون لإعلان توحيد المملكة فرصة للوقوف عند شخصية الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله -، واستلهام العبر والدروس من سيرة هذا القائد الفذة، الذي صنع مجد البلاد، واستطاع بحنكته وإيمانه ونافذ بصيرته، أن يؤسس دولة عصرية دستورها القرآن، ويضع قواعد هذا البناء الشامخ، ويشيد ثوابته، ويجعل من المملكة العربية السعودية مثالاً يحتذى به في وحدتها السياسية، والأخذ بأسباب الحضارة المعاصرة، معتمداً - رحمه الله - في المقام الأول على بناء الإنسان كمرتكز تقوم عليه الحركة التنموية.
وبين الدكتور الجفري في تصريح بمناسبة اليوم الوطني المملكة خطت خطوات متسارعة نحو التنمية الشاملة على يد أبناء الملك عبدالعزيز الذين تناوبوا على الملك من بعده، سعود وفيصل وخالد وفهد - رحمهم الله -، وحتى هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، الذي سجل في تاريخ الدولة فصلاً جديداً، تبدو ملامحه واضحة في هياكلها وأنظمتها وأطرها الإدارية، والمنجزات الحضارية في مختلف المجالات التنموية بجميع مناطق المملكة، كما أدرك - أيده الله - ببصيرته المستنيرة أهمية مواكبة حركة تطور المجتمع السعودي واحتياجات أجياله الشابة حاضراً ومستقبلاً.
ولفت النظر إلى أن المجتمع السعودي مجتمع فتي إذ توجد نسبة كبيرة من سكان المملكة تحت سن 25 عاماً، بمعنى أن فئة الشباب هم الأعلى في المجتمع السعودي، حيث يمثلون مورداً تنمويّاً واعداً إذا توفرَت لهم فرص تعليم ومهارات جيدة، وفرص عمل ملائمة، وهو ما أدركه خادم الحرمين الشريفين بحكمته وحنكته وبنظرته الثاقبة، فركز في سياسته الداخلية على بناء الإنسان السعودي كونه اللبنة الأولى والرئيسة في التنمية، والتوسع في البرامج التنموية التي تمس حياة الشباب ضمن مفهـوم التنمية المستدامة، فجاءت مبادراتـه وقراراتـه - يحفظه الله - لتؤسس دولة عصرية حديثة، ونهضة شاملة تقوم على تعليم يواكب التطورات الحديثة في مجال التربية والتعليم، وافتتاح الجامعات في مختلف مدن المملكة ومحافظاتها للتيسير على الطلاب والطالبات إكمال دراساتهم العليا، ليصل عدد الجامعات بالمملكة إلى أكثر من ثلاثين جامعة حكومية وأهلية، فضلاً عن افتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، التي تعد منارة علم تفتح أبوابها للموهوبين والمتميزين من مختلف دول العالم، إلى جانب برنامج الابتعاث الخارجي للطلاب والطالبات لنيل الدرجات العلمية من أرقى الجامعات العالمية في جميع المجالات والتخصصات العلمية والصحية والطبية والهندسية التي تحتاجها العملية التنموية ويتطلبها سوق العمل، حيث وصل عدد المبتعثين المستفيدين من البرنامج منذ انطلاقته في العام 1426هـ إلى أكثر من 150.000 مائة وخمسين ألف طالب وطالبة موزعين في أكثر من 30 دولة، تخرج منهم حتى الآن نحو 55000 خمسة وخمسون ألف طالب وطالبة.
وأكد أن خادم الحرمين الشريفين - رعاه الله - أولى الموهوبين من أبنائنا الطلاب والطالبات جل عنايته ورعايته، فأنشأ مركز الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع لرعاية الموهوبين ودعم قدراتهم ومهاراتهم في الابتكار والاختراع، لإيجاد رواد من الشباب المبدع والموهوب في مجالات العلوم والتقنية بدأت نتائجه تثمر على الساحة، فبين الحين والآخر نسمع عن ابتكارات واختراعات لأبنائنا وبناتنا في الداخل والخارج في مجالات الطب والهندسة والكيمياء والإحياء، نالوا على أثرها جوائز عالمية في مسابقة إنتل الدولية للعلوم والهندسة للعام 2014 م، والذي عقد في ولاية لوس أنجلس في الولايات المتحدة الأمريكية وسط منافسة أكثر من 1700 طالب وطالبة يمثلون أكثر من 100 دولة حول العالم. وشارك الطلاب السعوديون في هذا المحفل العلمي الدولي بـ18 مشروعاً علمياً مختلفاً، كما حققوا جوائز عالمية في المسابقة ذاتها للعام 2013 التي أقيمت في فينيكس أريزونا الأمريكية.
ونوه نائب رئيس مجلس الشورى بدور خادم الحرمين الشريفين الرائد فيما يتعلق بالإسكان وإيجاد فرص العمل للشباب، حيث أولها جل عنايته واهتمامه، فأمر ببناء 500 ألف وحدة سكنية بتكلفة قدرها 250 مليار ريال، وقدم الدعم لصندوق التنمية العقارية، وكذلك للبنك السعودي للتسليف والادخار بعشرات المليارات لتوسيع مجال خدماته التي يستفيد من غالبيتها فئة الشباب بالحصول على القروض التي يقدمها البنك للمساعدة على الزواج، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتوجيه جميع ذوي العلاقة لاستحداث ودعم فرص العمل المناسبة للشباب (ذكوراً وإناث) في مختلف المجالات.
ولفت الدكتور الجفري النظر إلى سعي القيادة الحكيمة إلى وضع استراتيجية وطنية للشباب يجري إعدادها وإقرارها حسب الإجراءات النظامية اللازمة، وقد جاء مشروع هذه الاستراتيجية ليضاف إلى إنجازات هذا العهد الزاهر في خدمة شباب الوطن، فهم الأكثر تأثيراً في برامج مسيرة التنمية المستدامة، وتلبية حاجة سوق العمل، وأكثر فئات المجتمع توجهاً نحو التجديد واستيعاب المتغيرات والتفاعل والاستجابة لمخرجات عملية التطور والتقدم العلمي، مبيناً أن الإستراتيجية الوطنيةِ للشبابِ تهدف إلى إحداثِ نقلةً نوعية وكمية في السياسات والخطط والبرامج الموجهةِ للشبابِ، وبما يوفرُ لهم القدرةَ على مواكبةِ حركةِ التغييرِ والتنميةِ المتسارعةِ والتفاعلِ الإيجابيِّ معَ متطلباتِ العصر واقتصادِ المعرفةِ.
وأفاد أن شبابنا بما يحظون به من رعاية كريمة واهتمام من قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين باتوا محسودين من قبل أعداء هذه البلاد على ما ينعمون به من خير في مجتمع يحقق لهم الأمن والأمان والنمو الفكري الصحيح والرعاية الشاملة التي يندر لها مثيلاً حتى في أكثر الدول تقدماً، وأصبحوا مستهدفين من أرباب الفكر الضال الذين يستهدفون أبناءنا في عقيدتهم وأفكارهم، ويعملون على استقطابهم وتجييشهم ضد قادتهم وعلمائهم ومجتمعهم، إلا أن خادم الحرمين الشريفين بأبوته الحانية وحرصه على أبنائه من شباب هذا الوطن، أدرك ببصيرته النافذة خطر ما يتعرض له الشباب وتوعد كل من ينال من وطننا وشبابه أو يغويهم بالويل والملاحقة مهما طال الزمن، كما أصدر أوامره الكريمة لمحاربة التطرف والغلو ومكافحة الإرهاب، وتصحيح أفكار من تأثر بتلك الأفكار المتطرفة وعودتهم إلى العقيدة الإسلامية الصحيحة ومنهج الوسطية، ومنح كل من غُرر بهم من شباب هذا الوطن للذهاب إلى أماكن الفتن والقتال في الخارج بدعوى الجهاد فسحة من الوقت للعودة إلى وطنهم ونبذ الأفكار المتطرفة، والتمسك بالمنهج الإسلامي الوسطي الصحيح الذي تقوم عليه هذه الدولة.
وأشار إلى توجيه المليك - رعاه الله - العلماء والدعاة إلى التصدي للأفكار الضالة، والغلو والتطرف بمناصحة الشباب وتصحيح عقيدتهم من الأفكار الضالة التي يروج لها خوارج هذا العصر، وأعداء هذا الوطن الذين يستهدفون مجتمعنا في عقيدته وأمنه ووحدته.
وبيَّن أن جهود خادم الحرمين الشريفين في محاربة الإرهاب لم تتوقف على الصعيد المحلي بل امتدت إلى محاربته على الصعيد الدولي كون الإرهاب ليس مرتبطاً بدولة أو دين وعانت منه الكثير من شعوب العالم، فكانت مبادرته - يحفظه الله - بالدعوة إلى تأسيس المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، وقدم له تبرعاً مالياً قدره مائة مليون دولار دعماً من المملكة للمركز.
وخلص الدكتور الجفري إلى القول: إن التطوير والتحديث الذي شهدته المملكة تحقق بفضل من الله ثم بحنكة وحكمة قائد تجاوز كل حواجز الجمود المصطنعة دون تعارض أو تناقض مع ثوابت العقيدة الإسلامية، وتقاليد مجتمعنا الأصيلة، وبشكل مدروس ومتدرج، يقدم للعالم أنموذجاً متفرداً لدولة إسلامية، قادرة على مسايرة تطورات العصر ومستجداته.