قال مساعد رئيس مجلس الشورى الدكتور فهاد بن معتاد الحمد إن يوم الحادي والعشرين من شهر جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932م الذي صادف الأول من الميزان, سيظل يوماً خالداً في ذاكرة الشعب السعودي جيلاً بعد جيل, فهو يجسد ميلاد أول وحدة عربية في التاريخ المعاصر, حيث تأسست المملكة العربية السعودية تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، بعد ملحمة الكفاح والبطولة التي خاضها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - ورجاله المخلصون على مدى اثنتين وستين سنة, كانت حافلة بملحمة الجهاد على امتداد مساحة الوطن الشاسعة لتوحيد أرجاء هذه البلاد, وتأسيس أركان الدولة.
وأشار في تصريح بمناسبة الذكرى الرابعة والثمانين لليوم الوطني إلى أن الملك عبد العزيز, وبعد أن انتهى من مسيرة التوحيد, شرع في عملية البناء والتنمية, فعمل على تعزيز الأمن في كل ربوع البلاد بوصفه الركيزة الأساسية للتنمية, فبدون الأمن لا يمكن أن تتحقق التنمية, كما سعى إلى تعزيز الوحدة الوطنية, والاهتمام ببناء الإنسان كونه عماد التنمية الشاملة وهدفها, فكان التعليم هو أول اللبنات لبناء الإنسان السعودي, إدراكاً منه - طيب الله ثراه - أن العلم والمعرفة هما الأساس لتطور المجتمعات وتقدمها, ولذلك اهتم الملك عبد العزيز بنشر التعليم وإنشاء المدارس في مختلف مناطق المملكة وفق الإمكانات المالية المتوافرة في بدايات تأسيس الدولة. وتوالت مظاهر التنمية تباعاً خاصة بعد أن من الله على هذه البلاد باكتشاف النفط, وأصبحت المملكة العربية السعودية تعول بعد الله سبحانه وتعالى على النفط كمصدر للاقتصاد الوطني.
وأوضح أن الملك عبد العزيز - رحمه الله - وفي إطار حرصه على استمرار هذا الوطن وضمان وحدته واستقراره, أدرك بحكمته ونفاذ بصيرته, أن هذا لن يتحقق إلا بثلاثة أمور هي:
أولاً: التمسك بتعاليم الإسلام وتحكيم شرع الله, وإحقاق الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ثانياً: تحقيق مبادئ العدل والمساواة بين المواطنين, وتلمس حاجاتهم والسهر على راحتهم, وتحسين مستوى معيشتهم والعمل على تلبية مطالبهم المشروعة.
ثالثاً: تعزيز اللحمة الوطنية, وتوثيق العلاقة بين القيادة والشعب.
وهي وصايا وجهها لأبنائه من بعده, الذين التزموا بها في قيادتهم الحكيمة لهذه البلاد. وهو ما نقرأه في رسائله التي وجهها لهم, وتحمل مضامين في غاية الحكمة الإدارية, وشكلت منهجاً في إدارة حكم هذه البلاد.
وأضاف الدكتور فهاد الحمد: إن من نعم الله على هذه البلاد الطاهرة أن اختصها بقادة في سمو مكانتها وخصوصيتها, فلم تتوقف مسيرة الخير والنماء - ولله الحمد - منذ أن جمع شملها الملك عبد العزيز وصولاً إلى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله ورعاه - رائد الإصلاح وباني النهضة الحديثة بخطواته الرائدة في تطوير الأنظمة وتحديثها بما يستجيب للتطورات, ويساير المتغيرات المتسارعة التي تشهدها المملكة في مجالات عديدة, فسار - حفظه الله - على نهج والده بتعزيز اللحمة الوطنية بين القيادة والشعب, والعمل على تحسين مستوى المعيشة للمواطن بما يرفع من شأنه ويوازي المكانة الاقتصادية للمملكة, وبذل جهوداً كبيرة للنهوض بمستوى التعليم عبر مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم, والتوسع في افتتاح الجامعات, والارتقاء بالخدمات الصحية, وتطوير مرفق القضاء, وإعادة هيكلة أجهزة الدولة للتحول نحو العمل المؤسسي الذي يرتقي بالخدمات التي تقدمها كل الجهات الحكومية, واستثمار التقنيات الحديثة, بما ييسر على المواطن الحصول على تلك الخدمات بأسهل الطرق وأيسرها.
وأكد مساعد رئيس مجلس الشورى أن النسيج الاجتماعي والعلاقة الوثيقة التي تربط بين القيادة والشعب هي سر أمن هذه البلاد واستقرارها, وتظهر جلياً في توحد المجتمع السعودي والوقوف خلف قيادته, والولاء لها بالسمع والطاعة, وتأييدها في جميع خطواتها وقراراتها التي تصب في خدمة الأمن والاستقرار, وحفظ وصيانة مقدرات الدولة ومكتسباتها, من كيد أعداء الوطن والمتربصين بأمنها وبشبابها.
ولفت النظر إلى الاهتمام والرعاية اللتين يحظى بهما شباب الوطن من قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - الذي يحيطهم بأبوته الحانية ورعايته الدائمة لهم, واتخاذ جميع الإجراءات التي تنأى بشباب المملكة عن الغلو والتطرف, والتأثر بأفكار أهل الزيغ والظلال والأفكار المنحرفة.
وأشار مساعد رئيس مجلس الشورى إلى أنه على الرغم من الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة, والأحداث التي تعصف بعدد من الدول العربية, إلا أن المنجزات الحضارية والمشروعات تتوالى في المملكة العربية السعودية في هذا العهد الزاهر, وهذا أبلغ دليل على ما تنعم به المملكة من أمن واستقرار, بفضل من الله ثم بوحدتها السياسية والوطنية, التي عمل قادة هذه البلاد على ترسيخها, وتعزيزها بالمبادرات التي تستهدف رفاهية المواطن ورخاء الوطن واستقراره, ودليل أيضاً على السياسة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين وقراءته للواقع واستشراف المستقبل, وهو ما جنب المملكة الفتن وإثارة القلاقل التي سعى إلى إحداثها بعض المغرضين والحاقدين على هذه البلاد المباركة لما تحظى به من مكانة إسلامية لما شرفها الله بوجود أطهر بقعتين على وجه البسيطة, وخدمة الحرمين الشريفين, ومكانة دولية لمواقفها الرائدة في خدمة القضايا العربية والإسلامية, والسلم والأمن الدوليين, فضلاً عن مكانتها الاقتصادية التي بوأتها موقعاً مهماً في مجموعة العشرين الاقتصادية.