اليوم الوطني مناسبة غالية تعطر ذاكرتنا في كل عام. يعيش الوطن بكافة أطيافه ومناطقة المختلفة أجواءً احتفالية تبعث السعادة في النفوس يتم خلالها استذكار حجم المنجز الذي تحقق في عهد الملك المؤسس - طيب الله ثراه - والذي تمثل في التوحيد وتأسيس الأركان لدولة عصرية حضارية أصبحت تتمتع بمكانة لها وزنها في المحافل العربية والإقليمية والعالمية.
هذا الثقل الدولي الذي تتمتع به المملكة اليوم كان نتاجاً لمنهج عبقري اختطه ملك أحسن التأسيس والبناء، استثمر ذكاءه المتوقد، وحُسنَ استشرافة للمستقبل في التأثير والقيادة حتى استطاع أن يجمع الأشتات، ويوحد القبائل ويوثق اللحمة، ويحارب الجهل والعصبية، وينشر الفضيلة على أساس متين تمثلَ في الدين وإعلاء القيم الإسلامية وحماية العقيدة إيماناً منه بأن حماية الدين تمثل أولوية الأولويات التي تجلب معها كل خير بما في ذلك حماية الوطن والمواطن، وهو يُرجع الفضل دوماً وأبداً إلى الله تعالى على منجز التوحيد ويظهر ذلك جلياً في مقولته: «لقد أسستُ هذه المملكة دون معين، لقد كان الله القدير معيني وسندي. وهو الذي أنجح أعمالي».
إذاً هذا المنهج الذي سار عليه الملك المؤسس- طيب الله ثراه-، وهو ذات المنهج الذي حافظ عليه أبناؤه الملوك من بعده، فازدهرت المملكة، وتفجرت خيراتها وأفاء الله تعالى عليها بنعمه ظاهرة وباطنة حتى أصبحت المملكة -يحفظها الله- محط الأنظار، ومهوى الأفئدة، تُعلي من شأن الإنسانية وتسهم في إغاثة الملهوفين في شتى أقطار الأرض، وهذا ديدن ولاة أمر هذه البلاد -يحفظهم الله-؛ فقد حفظوا العهد، وبنوا على المنجزات التاريخية وواصلوا مسيرة التأسيس والتطوير في ثوبٍ من الحداثة وإعلاءٍ لقيمة الأصالة مع الاحتفاظ بالقيم والعقيدة والتوحيد.
سنوات عديدة مضت منذ بزوغ فجر التأسيس والتوحيد للمملكة في العام 1351هــ والإنجازات تتوالى والهمم لا تفتر أو تخبو مدفوعة بحب الوطن وخدمة المواطن، وظلت المملكة عهودًا متواصلة من التطوير والإنجاز، واليوم ترفل المملكة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز- يحفظه الله- في ثوب العز والتمكين، وتشهد نهضة غير مسبوقة، ففي عهده الزاهر، أُطلقت مشاريع ضخمة ستعود بالنفع والفائدة على أبناء هذا الوطن المعطاء وعلى المسلمين عموماً.
فقد أولى خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- اهتماماً خاصاً بالمشاعر المقدسة فكان مشروع قطار الحرمين السريع، ومشروع قطار المشاعر المقدسة، وتوسعة خادم الحرمين الشريفين عبد الله بن عبد العزيز للحرم المكي الشريف، وتوسعة المسجد النبوي الشريف، ومنشأة الجمرات الحديثة، وساعة الحرم المكي، ومشروع مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة.
وشهد التعليم في عهده الميمون نقلة جذرية، إذ تضاعف عدد الجامعات في المملكة، وتم إنشاء المدن الجامعية، والتوسع في قبول الطلاب والطالبات، وتسهيل الابتعاث أمام الراغبين من أبناء الوطن ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للاستثمار البشري، وغيرها من المشروعات التعليمية التي لا يتسع المقام لذكرها والتي يمكن تصورها بتصور حجم ما خصص لها ضمن موازنة الدولة، حيث تم تخصيص ربع موازنة الدولة للإنفاق على التعليم العام والعالي.
المشاريع كثيرة في عهد الميمون، فمن مركز الملك عبد الله المالي، إلى مشروع مدينة الملك عبد الله الرياضية بجدة، ثم صدور أمره الكريم بإنشاء (11) ملعباً رياضياً موزعة على مناطق المملكة المختلفة، وإطلاق مشروع النقل في مدينة الرياض الذي سيغير الكثير وسيمثل نموذجاً حضارياً يضاف إلى النماذج الأخرى المشرقة.
تلك بعض المشروعات، وليس كلها؛ نستذكرها في هذا المقام لنعيش معها قصة هذا الوطن الذي لم يبخل علينا يوماً، ولنسطر محبتنا لترابه ولولاة أمورنا -يحفظهم الله- في يوم الوطن وكل أيامنا وطن.
وختاماً يشرفني أن أتقدم بخالص التهنئة لمقام خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وولي ولي العهد وحكومتنا الرشيدة والشعب السعودي بهذه المناسبة العطرة سائلاً الله تعالى أن يعيدها علينا باليمن والخير والبركات، وأن يديم علينا أمننا وأماننا وأن يحفظ مملكتنا الحبيبة من كل سوء ومن كيد الكائدين إنه تعالى سميع مجيب.