هل أتاك حديث تلك المسيرة المباركة التي قادها الأمير الهمام عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود الذي كانت عيناه البصيرتان تحلق إلى سماء دولتهم وعاصمتها الرياض الحبيبة، فما كان منه إلا أن جمع ثلاثة وستين رجلاً من خيرة رجاله، وأوضح لهم ما في عقله وسريرته من عزم وتصميم على فتح الرياض وإعادتها لملك آبائه وأجداده، واتكلت القافلة على رعاية الله سبحانه لها وسارت في طرقاتها تقطعها في الليل وتنتظر في النهار، إلى أن جاء صباح يوم الخامس من شوال لعام (1319هـ) حيث كان هذا الأمير الهمام قد رتب رجاله وأوضح لهم الهدف الرئيسي لهم وهو فتح الرياض وإعادتها إلى عاصمة الدولة السعودية، وما أن أصبح صباح ذلك اليوم المبارك إلا والمنادي على ظهر سطوح المصمك ينادي «الملك لله ثم لابن سعود»، وتبدأ بعدها مسيرة التوحيد والبناء، وما أن أطل اليوم الثاني من جمادى الأولى لعام ألف وثلاثمائة وواحد وخمسين هجرية والموافق للثالث والعشرين من سبتمبر لعام ألف وتسعمائة واثنين وثلاثين ميلادية حتى أشرقت أنوار مملكة جديدة تحت اسم المملكة العربية السعودية وملكها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (رحمه الله)، ونحن هذه الأيام التي نعيشها أمناً واستقراراً وسعادة نفرح باحتفالاتنا بمرور 84 عاماً على قيام مملكتنا الغالية.
ومن هنا تستطيع القول ان الوطن يمثل الحضن الدافئ الذي يترعرع الناس فيه وينهلون من نعمه ويستظلون تحت أديمه تلفحهم شمسه وتظلهم سماؤه بجميع تشكيلات وتعدد تضاريسه بجباله ووهاده، بصحرائه وبحاره فالوطن بعد عملية التوحيد هو أغلى ما يمكن أن يحافظ عليه المواطن فكيف بوطن: الرسالة مقره وبيت الله تعالى يزينه ويشرفه، وطني تهفو إليه النفوس وتتطلع إليه الأفئدة ويتوجه إليه المسلمون في صلاتهم خمس مرات في اليوم ويؤمونه بمئات الألوف في كل عام لأداء فريضة الحج. هذا الوطن الذي كانت تظلله سحائب الفرقة وتنازع الأهواء واختلاف الكلمة، الأمن فيه مفقود والعصبية القبلية مكشرة عن أنيابها، تميل به العواصف يمنة ويسرة ويشاء الله تعالى منذ تلك المسيرة المباركة التي قادها الملك عبد العزيز - رحمه الله - ورجاله المخلصون أن يجتمع شمله وتتوحد كلمته، وترفرف رايته ويعم الأمن والأمان على كل ربوعه وتطمئن النفوس وتذلل السبل وينطلق المسافر لا يلوي على شيء وقد دان له الطريق وبسط له الأمن وعاش الناس في المملكة ميسوري الحال بعد توحيد المملكة سعداء يتظللون تحت راية التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، وقد غمرت نفوسهم البهجة والسرور وزادت موارد الدولة وأصبح النماء والتطوير ميزة لهذه الفترة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز - حفظهما الله - فلا تكاد تمر بمدينة أو محافظة إلا وتعتقد أن المشروعات في هذه أو بتلك، وفي سبيل المحافظة على ذلك الازدهار ورغد العيش فلا بد من توحد الصف والكلمة وإرجاع الأمور لأهلها، والالتفاف حول ملوك البلاد وأمرائها وعلمائها ودعمهم ومساندتهم وان مما يساعد على ذلك احترام هيبة الوطن بإطاعة الهيئات الإدارية والأمنية والتقيد بأنظمتها والمساعدة على كشف أي متربص أو داع إلى فرقة وقطع حبال كيد الكائدين والماكرين. وفي يوم الوطن يجب أن نساعد في المحافظة على وطننا خالياً من أي شائبة تعكر صفوه، نتذكر التضحيات التي حدثت حتى وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم، لذلك أدعو إلى الحزم الشديد ومعاقبة المسيء الذي يتجاوز حدود التصرف ويستغل المناسبة لخلق نوع من الفوضى أو عدم الانصياع لرجال الأمن أو من يمثل الدولة فالإخلال بذلك أو التغاضي والتهاون فيه له عواقب وخيمه وأثار سلبية. فالنظام يجب أن يحترم ويطبق، وليس منا ببعيد ما يقوم به الكثيعند مغادرته الوطن من التزام كامل وتقيد بالأنظمة لمعرفتهم وهيبتهم من تطبيق النظام على المخالفين. أرجو الله جلت قدرته أن يجنب بلادنا المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين جميع الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يعلي كلمة الحق فيها ويحفظ ولاة أمرنا وقادتنا وعلماءنا وشعبنا سالمين غانمين.
وبالله التوفيق ،،،