المملكة العربية السعودية دولة مترامية الأطراف متنوعة التضاريس، تحيط بها دول عربية متنوعة الثقافات والحضارات. يعيش فيها، إضافة إلى أبنائها، ملايين البشر من مختلف بقاع الأرض. وقد حباها الله تعالى بنعم لا تحصى ولا تعد، فهي مهبط الوحي، وموطن آخر الرسالات وآخر الرسل (عليهم السلام) ؛ ومن هنا اكتسبت مكانة خاصة في نفوس المسلمين في شتى بقاع المعمورة. إضافة إلى ما حباها الله تعالى من ثروات هائلة، وظفتها في بناء دولة حديثة عصرية، لها وضعها على المستويين: الإقليمي والعالمي.
إن المتابع المنصف يجدها تتبنى قضايا الشعوب المستضعفة، وخاصة قضايا الشعوب الإسلامية، وتدافع عن المظلومين في كل المحافل، وتساعد المنكوبين، وتمد يد العون إلى كل محتاج. إنها الملاذ الآمن للأمة، والحصن الذي تلجأ إليه بعد الله تعالى.
وعلى مر العقود ظلت بلادنا تتبنى مواقف مشرفة، تقف مع الحق وتدافع عن المظلومين، ومن هنا استحقت تلك المكانة في أفئدة المسلمين وغيرهم.
وتلك المكانة وذلك الاحترام اللذين حظيت بهما على المستويين الإقليمي والعالمي، لم يرق للبعض، فقاموا بمحاولة تشويه صورتها، وتعكير صفوها، ببث الإشاعات، وتوجيه الإعلام المأجور لتنفيذ مخططاتهم. ومما يؤسف له أنهم وجدوا من يستمع إليهم، ويسير في ركبهم، ويسهم في تنفيذ مخططاتهم الدنيئة، والطامة الكبرى أن هناك من خدع من أبناء هذا الوطن بمخططاتهم، وأصبح جزءا منها، وبذلك أسهم في زعزعة أمن بلاده بقصد ودون قصد.
ونحمد الله تعالى على أن هناك وعياً في المجتمع بخطر ما يحاك ضد بلادنا، وتظل تلك الأصوات الحاقدة والمخدوعة خافتة غير مؤثرة، لكنها تظل حاضرة، وبحاجة إلى ردع، ومن جانب آخر تثقيف وتوجيه، وهذا دورنا جميعاً: الأسرة، المسجد، المدرسة، الجامعة، محيط العمل، كل يعمل في ميدانه بما يستطيع.
وأدعو في هذه المناسبة (يوم الوطن) أبناء الوطن إلى الوحدة والالتفاف حول القيادة الحكيمة، وإفساد مخططات الأعداء، ورد كيدهم في نحورهم. وأدعو إلى استثمار ما ننعم به من نعم في مواصلة البناء، لنحقق الرخاء لنا وللأجيال القادمة.
لا بد أن يكون شعارنا: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا». علينا الحذر كل الحذر من بعض ما ينشر في وسائل الإعلام المختلفة، وفي وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، من إشاعات وأكاذيب، تسيء إلى المجتمع بصورة عامة. فليس كل ما ينشر صحيحاً!!
وأؤكد في هذا السياق أننا لم نبلغ بعد المكانة التي نطمح إليها، ويجب أن نقر بأن لدينا بعض جوانب القصور التي لا يخلو منها مجتمع مهما بلغ. فنحن لا ندعي العصمة والكمال، بل هناك قصور في بعض الخدمات التي تقدم للمواطن، والدولة لا تألوا جهداً في السعي الحثيث لمعالجتها، وخادم الحرمين الشريفين (حفظه الله) يدعو دائماً إلى توفير الخدمات للمواطنين وتسهيل أمورهم. لكن كبر مساحة المملكة، يؤدي إلى التأخر في تنفيذ بعض المشروعات. لكن العمل قائم، والدعم حاصل، وبمشيئة الله تعالى، سنكون أفضل في القادم من الأيام. ودائما ما نجد خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله) يدعو إلى العمل والبذل والإخلاص، ويعد بتوفير الدعم المادي والمعنوي لإسعاد المواطنين.
إنه (حفظه الله) حريص كل الحرص على مصلحة الوطن والمواطن، فمن يتابع ما يحدث في بلادنا من مشاريع يجد أننا نعيش في مدن أشبه ما تكون بورش عمل، يتواصل العمل فيها ليلاً نهاراً. أسأل الله تعالى أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وولي عهد الأمين، وولي ولي عهده، وأن ينعم على بلادنا بالأمن والأمان.
وأستثمر هذه المناسبة الجميلة في الدعوة إلى بذل الجهود والعمل بجد وإخلاص لما فيها رفعة بلادنا، فدور المواطن لا يقل بأي حال عن دور المسؤول،بل يفوقه. ومن هنا ينبغي أن نستشعر أننا شركاء في التنمية والبناء، فلنحافظ على مكتسباتنا، بالعمل الجاد. وعلى الأقل، لو قام كل منّا بإصلاح نفسه وأسرته صلح المجتمع كله. وهذا ما ينبغي أن نستشعره في يوم الوطن.
أسأل الله تعالى أن يحمي بلادنا من كل مكروه، وأن يحفظها بحفظه، وأن يجمع كلمتنا، وأن يحمي بلاد المسلمين، وأن نتجاوز الفتن والفرقة، إنه سميع مجيب.