تمضي السنوات وتتغير الأحوال ويبقى وطني على قمة الأوطان يغرد خارج السرب، إنها اللوحة الإلهية التي أبدعها المولى جل وعلا على مر الأزمان لأطهر البقاع، بلادي المملكة العربية السعودية التي تأسست عبر مراحل عديدة لرجال أتقياء أنقياء رفعوا اسم الله فرفع الله شأنهم وأعزهم وكتب النصر والتمكين لهم، حتى بزغ نجم فارس الجزيرة وبطلها الذي نفض غبار السنين عن مهبط الوحي برؤية وعزيمة قلما تجود بها الأيام.
جلالة المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود «طيب الله ثراه» المؤسس لهذا الوطن العظيم الممتد من ضفاف الخليج العربي حتى شواطئ البحر الأحمر.
إن ما قام به من ملحمة تاريخية جليلة تتضح نتائجها اليوم في ظل ما يمر به عالمنا العربي من تشققات وتصدعات تؤكد أن هناك فرقا بين بناء الأوطان وبناء الأنظمة وهو الفرق ذاته بين بناء البشر والحجر، فلقد ضحى ملوك وطننا الحبيب بالغالي والنفيس لأجل بناء الإنسان السعودي الذي أصبح اليوم علامة فارقة بين الشعوب علماً وخلقاً ومنهجاً، خصوصاً في زمن الانفتاح والمعرفة التي عصفت بضعاف النفوس ممن لم يستطيعوا التفريق بين قيم الحضارة بشقيها المادي والمعنوي، الذي أكد عليها ديننا الإسلامي الحنيف حيث حض على العلم والتعلم والتدبر والتفكير مثل ما أمر بالعبادات.
لقد وفق الله تبارك وتعالى حكامنا على مر الأزمان منذ عهد المؤسس يرحمه الله مروراً بأبنائه البررة الذين تلقفوا شؤون الحكم والسياسة السليمة القويمة المبنية على أساس إسلامي متين من موحد البلاد والعباد.
إن ما نشهده اليوم ليس وليد لحظة أو صدفة، بل هي عجلة التاريخ التي تتحرك وفق معطيات هامة كالعلوم والمعرفة والخيال والحرية والحقوق، كلما كانت هذه الأسس مزدهرة ومنتعشة فسوف تدور هذه العجلة للأمام والعكس صحيح.
وما يعيشه المواطن والمقيم في بلد الحرمين الشريفين في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك العادل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود «يحفظه الله ويرعاه» من أمن وأمان ورفاهية في العيش واستقرار يعكس عملاً دؤوبا لمقامه الكريم؛ حيث بدأ عهده الزاهر بالعمل على الصحة والتعليم بهدف تحسين مستوى المعيشة للفئة المحتاجة من المجتمع، وبدأ التدرج في العمل الاقتصادي والاستثماري والصناعي والزراعي، وفي كافة المجالات حيث ترتفع وتتنوع مستوى الصادرات السعودية بشكل لافت عاماً بعد عام، وتبنى يحفظه الله سياسات جديدة للتطوير والتنظيم والتخطيط والتنفيذ في مناحي متنوعة لسد الفجوة القديمة في الأمم المتقدمة، حتى وصلت أياديه الكريمة لكافة شرائح المجتمع لتساهم في دعم المرأة وإيصالها للمكانة الرفيعة التي وضعها ديننا الحنيف فيها، وتجلت الإنسانية في الوالد القائد تجاه أبناء شعبه من ذوي الاحتياجات الخاصة ومنهم فئة ذوي التوحد، حيث أصدر المقام السامي الكريم المشروع الوطني للتعامل مع التوحد واضطرابات النمو الشامل بالقرار رقم 227 وتاريخ 13-9-1423هـ لتنفيذه عن طريق القطاعات ذات العلاقة ممثلة في (وزارة الصحة، وزارة التربية والتعليم «المعارف»، وزارة الشؤون الاجتماعية «وزارة العمل والشؤون الاجتماعية») مع توضيح مهامها بشكل تفصيلي إلا أنه وحتى هذه اللحظة لم ير النور، إن الدولة أعزها الله تدفع بوقوة الجميع للتقدم والرقي بما يليق بسمعة المواطن السعودي الذي هو أساس هذا الوطن واستمرت رعاية المليك المفدى لأبنائه المرضى النفسيين لتتجلى الإرادة الكريمة في وضع الأمور في نصابها من خلال موافقة مجلس الوزراء على نظام الرعاية الصحية النفسية بعد النظر في قراري مجلس الشورى رقم (75/ 61) وتاريخ 24-12-1432هـ ورقم (34/ 18) وتاريخ 12-6-1434هـ إلا أنه لم يفعل على الواقع، وهذه الأنظمة الهامة والحيوية باتت أمانة عظيمة في أعناق المسؤولين عن تنفيذها.
وأن هذا العمل السامي الكبير من لدن القيادة وفقها الله في سبيل راحة المواطن وتحقيق تطلعات الدولة والشعب يضع هؤلاء المسؤولين أمام المجتمع بأسره، حيث إننا نمتلك كل شيء ولا عذر لأحد؛ فالزمان زماننا والأرض أرضنا وأصبحنا نتبوأ مكانة مرموقة بين الدول وأعين الجميع تشاهد عن كثب النتيجة المبهرة لعمل شاق على مدار عقود، فلنحقق التوجيه الأبوي الكريم تجاه أبنائه الأعزاء وهي رسالة من القلب للقلب يترك الكسل والصمت والعمل وقول الحق بدعم الوطن الذي هو في أمس الحاجة اليوم لأبنائه الأوفياء، والتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة والرقي بخدماتهم ودمجهم في المجتمع وإعطائهم حقوقهم هو والمقياس الحقيقي لتقدم الشعوب.
نتقدم جميعا مواطنين ومقيمين، ونيابة عن منجزات الوطن الكبيرة بمناسبة اليوم الوطني الرابع والثمانين للمملكة العربية السعودية بأسمى آيات التهاني وأصدق التبريكات لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك/عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله» وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير/ سلمان بن عبدالعزيز آل سعود نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وسيدي ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير/ مقرن بن عبدالعزيز المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين «يحفظهم الله».