تحل على المملكة العربية السعودية في يوم الثامن والعشرين من ذي القعدة 1435هـ (الأول من الميزان 1393 هجرية شمسية 23 سبتمبر 2014م) ذكرى يومها الوطني المبارك الرابع والثمانين.
إن اليوم الوطني لمملكتنا الحبيبة هو ذكرى عزيزة نعتز بها ونفخر، لأننا نستعيد فيه ملحمة من أكبر ملاحم التاريخ الحديث، ألا وهي ملحمة البناء والتأسيس التي قادها الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - ليقيم كيان هذا الوطن على هدي كتاب الله العظيم وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، متجاوزاً تحديات جسام، وصراعات دولية بالغة التعقيد كانت تحيط بالبلاد، ليتبدل شكل الحياة في هذا الجزء المهم من العالم من عدم الاستقرار وانعدام الأمن إلى واحة وارفة الظلال تحفها الطمأنينة والأمان.
وفي هذا اليوم المجيد يجب علينا أن نرفع أكف الضراعة إلى الله سبحانه وتعالى أن قيض لهذه البلاد من يعيد إليها دورها الحضاري، لتتلمس خطاها نحو التنمية والتطور، ليعلو البناء ويسمو يوماً بعد يوم منذ عهد الملك المؤسس، مروراً بعهود أبنائه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد - رحمهم الله - ووصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - الذي اتسم بتسارع خطى التنمية، واتساعها لتشمل كل مناطق المملكة، التي تعيش العصر وتتفاعل معه أخذاً وعطاءً في إطار من قيم الإسلام الذي جاء رحمة للعالمين، بروحه الإنسانية العالية التي تسع كل البشر بلا أدنى تمييز.
ويأتي حصول خادم الحرمين الشريفين مؤخراً على الدكتوراه الفخرية من جامعة الأزهر تأكيداً لتجسيده قيم ديننا على أرض الواقع قولاً وعملاً، وتقديراً لجهوده المخلصة في خدمة الإسلام والإنسانية وإسهامه البارز في قضايا الأمة الإسلامية، وحرصه على تقديم كل أوجه الدعم وإظهار سماحة الإسلام وعمقه الإنساني.
وإننا إذ نحتفل بذكرى يومنا الوطني، فإننا نحاول أن نستحضر القيم التي تأسست عليها بلادنا ونهضت بها، لتكون دولة لها ثقلها الإقليمي والدولي، ومن أهمها البعد الإنساني الذي تتسم به سياستها داخلياً وخارجياً، واهتمامها بأن تكون سبباً في إسعاد الإنسان أينما كان، وتخفيف معاناته من دون النظر إلى عرق أو جنس أو دين.
وتمثل هيئة الهلال الأحمر السعودي واجهة حضارية للمملكة بما تقوم به من دور كبير في السعي إلى تخفيف حدة المصائب والآلام البشرية في إطار المبادرات الرائدة لخادم الحرمين الشريفين «ملك الإنسانية»، كما أن فوز الهيئة بعضوية مجلس إدارة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر عن منطقة آسيا والباسفيك دليل على الاعتراف الدولي بتميز أداء الهيئة في تقديم الخدمات الإنسانية لمحتاجيها في جميع أنحاء العالم ، بل إن المملكة تعدُّ الأولى على مستوى العالم من ناحية نسبة ما تقدمه من مساعدات خارجية إلى إجمالي الناتج الوطني بما يساوي 4%، من هذا الناتج حيث استفاد من هذه المساعدات الإغاثية والإنسانية أكثر من 80 دولة في العالم .
وعلى المستوى الخليجي حصلت الهيئة على جائزة العمل الإنساني لدول مجلس التعاون الخليجي في عام 2014م، في مملكة البحرين، إضافة إلى حصولها على جائزة الشرق الأوسط لتميز العناية بخدمة العملاء لعام 2014م في دبي، أما على الصعيد العربي فقد نالت الهيئة جائزة القياديين الرواد في عالم الصحة لعام 2015م وسيتم تسليم هذه الجائزة أثناء فعاليات الملتقى السادس عشر لاتحاد المستشفيات العربية والمقرر عقده في القاهرة خلال الفترة من 26 ـ 27 فبراير 2015م.
وتحرص الهيئة على تقديم أفضل الخدمات الطبية الإسعافية لحجاج بيت الله الحرام والمعتمرين وزوار المسجد النبوي الشريف، ومن ذلك استخدام نقالة الحشود في موسم الحج، وهي الأولى من نوعها في العالم، وتتميز بصغر حجمها، وسهولة التحكم في تنقلها، وقد وضعت فكرتها وصممتها الهيئة التي تطور أيضاً الخدمات المقدمة لجميع فئات المجتمع في كل مناطق المملكة، كما تعمل الهيئة على رفع مستوى العاملين بها بتطبيق أحدث برامج التدريب، وفي هذا الإطار تم تأسيس برنامج الفريق السعودي للعون والاستجابة الإنسانية (قلب السعودية) لتقديم المساعدات الإنسانية لضحايا الكوارث والأزمات دون تمييز وبأفضل معايير الأداء العالمية ومتأهباً لتلبية نداء الواجب في أي وقت حول العالم، إضافة إلى استحداث برنامج الإسعاف الجوي، حيث يستخدم في تطبيقه أحدث الطائرات، ويغطي البرنامج معظم مناطق المملكة. كما تسعى الهيئة إلى زيادة انتشارها في جميع مناطق المملكة لخدمة كافة المواطنين والمقيمين.
إن ما تجده الهيئة من رعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وسموه ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز – حفظهم الله، ساعدها في تقديم أفضل الخدمات لمحتاجيها داخلياً وخارجياً وإن ذكرى اليوم الوطني لمناسبة سانحة لكي نجدد ولاءنا لقيادتنا الرشيدة داعين الله أن يسدد على طريق الخير خطاهم، وأن تبقي مملكتنا الحبيبة مظلة للإنسانية ليعم خيرها وعطاءها كل أنحاء المعمورة.