تعد جمعية الكشافة العربية السعودية هيئة ذات شخصية اعتبارية تهدف إلى نشر الحركة الكشفية وتشجيعها وتنظيمها في أنحاء المملكة والمساهمة في تهيئة النشء وتوجيه الشباب وإعدادهم خلقياً وثقافياً واجتماعياً وتنمية شعورهم بالواجب نحو الله جل شأنه ثم الملك والوطن.
وقد حظيت الجمعية باهتمام ورعاية ودعم فائق من ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- وفي هذا التقرير نستعرض قصة نشأة الحركة الكشفية في المملكة وجزء من جهود ولاة الأمر في تكوين ودعم هذه الجمعية التي أصبحت اليوم ركناً أساسياً ومهماً في منظومة العمل الكشفي حول العالم.
الملك عبدالعزيز أمر بإدخال الكشافة بالمدارس
كان من عادة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- استقبال ضيوف ووفود بيت الله الحرام بمكة المكرمة في اليوم العاشر من ذي الحجة للتهنئة بعيد الأضحى المبارك، وكان من ضمن ضيوف حج عام 1353هـ الوفد العراقي الذي تضمن بالإضافة إلى الوفد الرسمي فريق من الكشافة، فسأل جلالته عنهم وقيل له أن هؤلاء هم كشافة العراق جاءوا لأداء فريضة الحج وتقديم الخدمات اللازمة للمحتاجين وكبار السن من الحجاج، وإنهم كشافة سلم ومحبة وإخاء وأن الكشفية تعنى بتربيتهم وتعويدهم على الاعتماد على النفس وحب الوطن، وأعجب الملك بها ووجه بتكوين فرق كشفية بمدارس المملكة.
وبعد أن صدر أمر الملك عبدالعزيز بتعيين السيد طاهر الدباغ مديراً عاماً للمعارف عام 1355هـ خلفاً للشيخ إبراهيم الشورى أنشأ الدباغ عام 1356هـ مدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة وأسس بها أول فرقة كشفية وكانت تشارك في استقبال وتوديع الملك عند قدومه إلى مكة المكرمة أو مغادرتها، كما شاركت فرقة المدرسة الصولتية التي تأسست فيها أول فرقة كشفية عام 1362هـ في المهرجان الكبير الذي أقيم عام 1364هـ بمناسبة قدوم الملك عبدالعزيز رحمه الله إلى مكة المكرمة.
الملك سعود يؤسس للكشافة ويمنحها أرضاً
في أواخر السبعينيات الهجرية حظيت العاصمة المقدسة بزيارة جلالة الملك سعود -رحمه الله- وأمر حينها بمنح أرض كبيرة يقام عليها مخيم كشفي، حيث تم تسويرها وبنيت عليها بعض الغرف الجانبية، ونصبت فيها الخيام الصغيرة، وسرادق كبيرة، وفي 9-4-1381هـ أصدر رحمه الله المرسوم الملكي رقم 22 بتأسيس جمعية الكشافة العربية السعودية واعتبارها هيئة ذات شخصية اعتبارية، وسجلت في عام 1383هـ كعضو في المكتب الكشفي العالمي، وفي عهده شاركت المملكة في الجامبوري الكشفي العالمي الثالث عشر الذي عقد في اليونان عام 1963م وفيه تم الاعتراف بجمعية الكشافة العربية السعودية، كما شاركت المملكة قبله عام 1356هـ في المخيم الكشفي العربي الثاني الذي أقيم في أبي قير بالإسكندرية، والمخيم الكشفي العربي الخامس بالرباط 1962م، وفي نفس العام أرسلت الدولة بعثة كشفية قوامها 22 قائداً كشفياً من مختلف مدارس المملكة إلى لبنان لدراسة أسس ومناهج الحركة الكشفية وكانت هي النواة الأولى من القادة بالمملكة، كما انطلقت في عهده أول خدمة عامة لحجاج بيت الله الحرام بمكة المكرمة عام 1382هـ، وكان رحمه الله يشارك أبناءه الاحتفالات والمناسبات الكشفية في مدرسة الأنجال.
الملك فيصل يجمع الكشافة المسلمين في مكة المكرمة
انطلاقاً من حرص الملك فيصل -رحمه الله- على جمع الكلمة وما تنطوي عليه مبادئ الحركة الكشفية من معاني الإخوة والتعاون على البر صدرت الموافقة السامية بتاريخ 24-4-1384هـ بتعميم مشاركة خدمة الحجاج لتشمل الدول العربية والإسلامية بحيث يقام تجمعاً إسلامياً كل عامين حيث أقيمت ستة تجمعات لجوالة البلاد العربية والإسلامية بمكة المكرمة من عام 1384هـ إلى عام 1394هـ، وكان رحمه الله يحرص على افتتاحها أو استقبال المشاركين فيها.
كما أنه غفر الله له قد شجع النشاط الكشفي بشكل عام ورعى كثيراً من الأنشطة الكشفية الصيفية، ووافق على مشاركة جمعية الكشافة في كثير من الدراسات والدورات والمؤتمرات والمخيمات، ورحلات وزيارات لبعض الدول الإسلامية لتوثيق الروابط معها.
الملك خالد دعم مالي وتوسع في المشاركات
شهد عهد الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله- طفرة مالية حيث منحت جمعية الكشافة العربية السعودية في عهده أكبر إعانة مالية سنوية منذ تأسست، كما شهد عهده رفع مكافآت القادة والكشافة والجوالة العاملين بمعسكرات الخدمة العامة بمكة المكرمة والمدينة المنورة، وحضر حفلات افتتاح واختتام بعض التجمعات الإسلامية، ونشطت المشاركات السعودية في الخارج على كافة المستويات.
في عهد الملك فهد المملكة تستضيف المخيم والمؤتمر العربي
لقد أعطى الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- العمل الكشفي اهتماماً كبيراً، ووافق على مشاركة القيادات الكشفية السعودية في كثير من المناسبات الخارجية وأقيمت في عهده أكبر تظاهرتين عربيتين تستضيفها المملكة حيث استضافت المخيم الكشفي العربي الرابع والعشرين الذي أقيم مدينة الطائف عام 1420هـ، والمؤتمر الكشفي العربي الثالث والعشرين الذي أقيم في مدينة الرياض عام 1421هـ، واستقبل رحمه الله الوفود المشاركة فيه، كما صدر في عهده نظام الجمعية المعدل وافتتح أول تجمع كشفي أقيم في جدة عام 1378هـ عندما كان وزيراً للمعارف، وبنيت في عهده الكثير من مراكز التدريب الكشفية بمختلف مناطق ومحافظات المملكة.
الملك عبدالله والدعم الكبير لـ»رسل السلام»
لقد وضع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- بصمة للكشافة السعودية منذ أن كان ولياً للعهد حينما افتتح المخيم الكشفي العربي الرابع والعشرين يوم السبت 20-4-1421هـ، وافتتح مدينة الملك فهد الكشفية في نفس اليوم والتاريخ، واستقبل -حفظه الله- عام 1422هـ المشاركين في المؤتمر الكشفي العربي الثالث والعشرين الذي أقيم في الرياض، وحينها دعا الكشافين في جميع أنحاء العالم أن يكونوا رسل سلام، كما استقبل عام 1426هـ المشاركين في المخيم الدولي الكشفي للتعرف على الحضارات وتبادل الثقافات الذي أقيم في الجبيل، وانطلق برعايته ودعمه المشروع الكشفي العالمي رسل السلام عام 2011 من مدينة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) وأعلن في ذلك اليوم تبرعه بمبلغ 37،25 مليون دولار، والذي يطبق الآن في 150 دولة، ومنح وقتها وسام الذئب البرونزي أعلى وسام كشفي عالمي تقديراً لدعمه للسلام والعمل الكشفي، ويحرص الصندوق الكشفي العالمي على نشر جهود الملك عبدالله في هذا المشروع في المحافل الكشفية الكبيرة من خلال الصور والكلمات والمطبوعات، وكان حفظه الله قد منح زمالة بادن باول خلال استقباله لملك السويد الرئيس الفخري للصندوق الكشفي العالمي كارل جوستاف السادس عشر حينما زار الرياض لافتتاح معرض السلام الكشفي الدولي في مركز الملك فهد الثقافي عام 1429هـ.
كما يشُرف الكشافة سنوياً بالسلام عليه وتهنئته بعيد الأضحى المبارك خلال استقباله لهم في مشعر منى، ويفخر الكشافة بصوره -حفظه الله- وهو يرد التحية الكشفية عليهم بمثلها، كما يفخر الكشافة أن الملك عبدالله هو من دشن موقع الجمعية الرسمي على شبكة الإنترنت.