يطل علينا في كل عام ذكرى اليوم الوطني لبلادنا لتعيد للأذهان هذا الحدث التاريخي المهم. ويظل الأول من الميزان عام 1352هـ يوماً محفوراً في ذاكرة التاريخ، منقوشاً في فكر ووجدان المواطن السعودي، كيف لا وهذا اليوم الذي وحد فيه جلالة المغفور له - بإذن الله - الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - شتات هذا الكيان العظيم، وأحال الفرقة والتناحر إلى وحدة وانصهار وتكامل. وفي هذه الأيام تعيش بلادنا أجواء هذه المناسبة الغالية (ذكرى اليوم الوطني الرابع والثمانين)، وهي مناسبة خالدة ووقفة عظيمة، تتأمل فيها الأجيال قصة كفاح قيادة ووفاء شعب، نستلهم منها قصص البطولة التي سطرها الملك عبدالعزيز ورجاله المخلصون من شتى أرجاء الوطن.
وقد استطاع بتوفيق الله أولاً ثم ما يتمتع به من حكمة وحنكة أن يغير مجرى التاريخ، وقاد بلاده وشعبه إلى أكبر وحدة وطنية عرفها التاريخ الحديث متمسكاً بعقيدته ثابتاً على دينه آخذاً بلاده إلى التطور والنماء.
وقد استمر أبناؤه البررة برفع راية البناء للوطن والمواطن إلى أن وصلنا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين عهد العطاء والإنجازات الجبارة.
اليوم الوطني مناسبة تتكرر كل عام، نتابع من خلالها مسيرة النهضة العملاقة التي عرفها الوطن، ويعيشها في شتى مناحي الحياة، حتى غدت المملكة العربية السعودية وفي زمن قصير في مصاف الدول المتقدمة، بل تتميز على كثير من الدول بقيمها الدينية وتمسكها بعقيدتها السمحة وتبنيها الإسلام منهجاً وأسلوب حياة، حتى أصبحت ملاذاً للمسلمين في شتى أرجاء المعمورة. وقد أولت المملكة الحرمين الشريفين قِبلة المسلمين جل اهتمامها، وأرخصت لهما المال، حتى أننا نرى في هذا العهد الزاهر تضاعف التوسعة للحرمين أضعافاً كثيرة ولله الحمد، التي أبهرت المتابعين في شتى أقطار الأرض. وقد دأبت حكومة خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله وألبسه ثوب الصحة والعافية - على نشر العلم والتعليم، كذلك الاهتمام بالعلوم والآداب والثقافة والعناية بالبحث العلمي والحوار بين الأديان، فكان - حفظه الله - قائداً في هذا المجال، كما اهتم - حفظه الله - بالتعليم العالي، وتوسع في افتتاح الجامعات، وأصبحت المحافظات بل بعض المراكز لا تخلو من مركز للتعليم الجامعي.
توحيد هذا الكيان الذي تم على يد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - يُعتبر تجربة متميزة للمجتمع الدولي، وأحد النماذج الناجحة في تاريخ الأمم، وأبرزها ما تبنته المملكة في سياستها الداخلية القائمة على مبادئ الإسلام الحنيف، وكذلك علاقاتها الدولية المستمدة من تراثنا وحضارتنا واحترام مبادئ حقوق الإنسان في أسمى معانيها، كما أنها فرصة لنا أن نغرس في نفوس النشء معاني الوفاء لأولئك الأبطال الذين صنعوا هذا المجد لهذه الأمة، فشعروا بالفخر والعزة، ونغرس في نفوسهم تلك المبادئ والمعاني التي قامت عليها هذه البلاد منذ أن أرسى دعائمها الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ونعمق في روح الشباب معاني الحس الوطني والانتماء إلى هذه الأمة والبُعد عما يثيره المغرضون في وسائل الإعلام المختلفة من تشويش وإساءة لهذه البلاد حرسها الله من كيد الكائدين وحقد الحاقدين. وعلينا أن نستمر في سقي هذا الغرس الذي غرسه الملك عبدالعزيز وأبناؤه الغر الميامين، رحم الله من تُوفِّي منهم، ووفّق الله الأحياء لمواصلة السيرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ولا يسعني في ختام كلمتي هذه إلا أن أقدم أسمى وأرق التهاني والتبريكات لخادم الحرمين الشريفين بحلول اليوم الوطني الرابع والثمانين، وأن يمد الله في عمره لمواصلة البناء والإنجاز لكل ما فيه رفاهية هذا الوطن ومواطنيه. كذلك أقدم التهنئة الخالصة لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران بهذه المناسبة العزيزة.
والتهنئة موصولة لولي ولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وكذلك لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، وأخيراً لأميرنا المحبوب أمير منطقة الرياض الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز.
وأخيراً أشكر الإخوة في إدارة التعليم على احتضانهم احتفال محافظة الأفلاج بهذه المناسبة، وأهنئهم على جهودهم، بارك الله فيهم، وسدَّد الخطى، ودامت أفراحك يا وطني الحبيب.