هل خطر في بال الملك عبدالعزيز ورجاله -رحمهم الله رحمة واسعة- وهو في مقر إقامته المؤقت في الكويت أثناء استعداده لاستعادة الرياض أن يؤسس هذه الدولة العظيمة بكل مقدساتها وسكانها وتعدد قبائلها وأقاليمها واتساع مساحتها الشاسعة.
طموح القادة لا حدود له؛ ففي تاريخنا الإسلامي نماذج مشرفة نفتخر بها؛ خليفة رسول الله (أبو بكر الصديق) رضي الله عنه كان في البدء بدأ في محاربة المرتدين في بعض أقاليم الجزيرة العربية ونتج عن حرب المرتدين أن وحد أقاليم الجزيرة العربية وتشكلت الإرهاصات الأولى للدولة الإسلامية في جزيرة العرب، والخليفة الراشد (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه بدأ في نشر الإسلام في خارج الجزيرة العربية وتحديداً في حدودها الشمالية والشمالية الشرقية, ودحر الاعتداءات الفارسية والبيزنطية على تخوم العرب الشمالية فاكتشف المراقبون والمؤرخون أن الخليفة القائد العظيم عمر بن الخطاب أسس دولة الخلافة الإسلامية وأوصل حدود الدولة الإسلامية شرقا إلى أراضي الدولة الروسية الحالية، وفتح بلاد الجبال إيران وقضى على الإمبراطورية الفارسية واستحوذ على معظم دول آسيا الوسطى بلاد الترك، وفي الشمال الأوسط استعاد بلاد الشام من الإمبراطورية البيزنطية، ومهد إلى نهاية دولة بيزنطة الشرقية، والخليفة الراشد (عثمان بن عفان) رضي الله عنه خاض بحار الروم وأوصل دولة الخلافة إلى أقاصي شمال غرب آسيا (آسيا الصغرى) ووطد الدولة في الشرق وإفريقية، والخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه حول دولة الخلافة إلى إمبراطورية حيث ورثت إمبراطورية فارس وبيزنطة بالشرق، ثم الخليفة العباسي هارون الرشيد رضي الله عنه جعل الإمبراطورية الإسلامية من أكبر وأقوى الإمبراطوريات في القرن الثاني الهجري القرن الثامن الميلادي في الشرق, وهناك قادة كبار في العهد العباسي والسلجوقي والمملوكي والعثماني.
بالتأكيد أن الملك عبدالعزيز بعد توفيق الله وإرادته استلهم التاريخ السياسي للخلافة الإسلامية والتاريخ المحلي لبلدنا وساعده الظرف السياسي الذي مكنه من تحقيق حلم تأسيس دولة عظيمة في الجزيرة العربية بكل مخزوناتها.
كان توفيق الله ورعايته ثم الظرف السياسي ساعد وعجل للملك عبد العزيز بأن يتم مشروع التوحيد، فتح الرياض عام 1902م حين كان العالم يشهد التحضير للحرب العالمية الأولى والصراع المحتدم في المنطقة العربية بين الخلافة العثمانية والإمبراطورية البريطانية، وبدأ مشروع التوحيد خلال انشغال القوى العظمى من حوله في الحرب العالمية الأولى 1914-1918م وإعلان تركيا عام 1918تخليها عن الخلافة الإسلامية, وأكمل مشروعه الوطني بتوحيد المملكة عام 1932م والعالم يعيش أجواء تحضير الحرب العالمية الثانية 1939-1945م والتي انتهت بانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية, ولم يرحل الملك عبدالعزيز يرحمه الله عن الدنيا عام 1953 م إلا والمملكة قد ثبتت أقدامها مع دول الأمم المتحدة وصداقتها مع دول الحلفاء.