الوزرة: مبارك بن محمد، ريادة الأعمال سليمان أبا نمي ودروس في التجارة والعقار والصناعة وإدارة الاستثمار، مطابع الحميضي، 1430هـ (2009م)، الرياض.
يقع الكتاب في 394صفحة.
يبدأ بمقدمة وقائمة بالمحتويات وتسعة مباحث تناول فيها المؤلف سيرة الشيخ سليمان أبا نمي، ثم نبذة عن مؤلف الكتاب.
بدأ الكاتب الفصل الأول في الرويضة.بيئة لصنع الرواد بذكر طفولة الشيخ سليمان أبانمي ونشأته بين أبوين نجديين وأسرة بسيطة، تأثر خلالها بوالدته التي كانت تصنع الأواني من سعف النخل وتبيعها لشراء متطلبات الأسرة، ونظراً لأن والده كان شبه غائب عن المنزل لوجود عائلة أخرى لديه، لذا حاولت والدته إسناد العديد من المهام اليه وإلى أخيه لمساعدتها في امور الحياة .كما أنه كان يتلقى تعليمه على يد مقرئ المدينة المرحوم ابن عجيمان في عام 1358هـ - 1938م. انتقلت أسرة الشيخ سليمان للاستقرار في المجمعة والالتحاق بالدراسة النظامية بناءً على رغبة والده، رغم تألمه الشديد لفراق والدته .لكن اضطرته الظروف إلى العودة مرة أخرى إلى الرويضة حيث مازالت والدته هناك.
في عام 1359هـ اتخذ سليمان أبا نمي قراراً بالذهاب إلى الرياض مع مجموعة من أبناء الرويضة هو أصغرهم سناً. وعندما قدم إلى الرياض من المجمعة وبالتحديد في مقيبرة مع زوج خالته يوسف السالم الذي اشترط أن يعمل هو وأبانمي سوياً، ونظراً لصغر سنه وضعف بنيته فقد تم تكليفه بجمع الرماد الذي يستخدم لطلي أوعية الطين التي تسمى (محافر) لكيلا يلتصق الطين بها.وكان أول راتب أسبوعي يستلمه أربعة ريالات، وشاءالله تعالى أن ينظم مع أخيه برجس في وظيفة حكومية لدى (مستودع العمران) وبالفعل أظهر نجابته وذكاءه وزاد راتبه من تسعة ريالات إلى تسعين ريالا ثم إلى مائة وخمسين ريالا، وهذا الوضع المادي الممتاز في ذلك الوقت فرض عليه أن يذهب إلى والدته في الرويضة ويحضرها معه إلى الرياض.
ذكر الباحث في الفصل الثاني بين الانتكاسة والإصرار أن أبا نمي ترك الوظيفة الحكومية والراتب الذي وصل إلى مائة وخمسين ريالا، وتخلى عنه بعد أن أوكل إنشاء المباني الحكومية إلى شركة ابن لادن وتم تصفية مستودع العمران عام 1364هـ، لذا أضطر ابا نمي إلى افتتاح محل تجاري يبيع فيه المواد التموينية مثل الأرز والسكر والقهوة والطحين وغيرها، لكنه لم يستمرطويلا لعدة عوامل منها ضعف القوة الشرائية ومحدودية هامش الربح في تلك المواد، فعاد إلى الوظيفة الحكومية أمين صندوق في البلدية عام 1365هـ وكان يتقاضى راتباً قدره مائتان وثمانون ريالا إلى أن أصبح أربعمائة ريال.
تناول الكاتب في الفصل الثالث جبل رمانه: ميلاد حلم، الأوضاع الصحية لوالدة ابانمي وله شخصياً، إذ اضطرته ظروفه الصحية وظروف والدته إلى التنقل بين الظهران إلى البحرين، ومن ثم إلى لبنان، خلال هذه الفترة أحيل إلى التقاعد المبكر، وفي بيروت أقام تحالفاً تجارياً مع اللبناني أرتين سيمونيان وكيل ساعات جيوفيال في لبنان، ومن لبنان انتقل إلى سويسرا. ورغم تجارته التي أحياناً تقابل بالفشل مثل خسارته في الساعات التي اشتراها من سويسرا وباعها بخسارة، الا أنه يعاود مرة أخرى تكرار التجربة، فقد أنهى في لندن مع شركة سنجر صفقة لتوريد الآلات والمواد الأولية واضطر لذلك إلى اقتراض مبلغ 450 ألف ريال من البنك الأهلي .وفي الفصل الرابع يتناول الكاتب سيرة ابا نمي وإصراره على الانتقال إلى مجال الصناعة، إذ قرر انشاء مصنع للأثاث المعدني اضافة إلى مصنع السرر ومصنع المراتب ثم افتتح مصنع الاسفنج، وبهذا فهو يسلك طريقاً مغايراً لما كان عليه في السابق، ويسمح لنفسه ان تخوض غمار تجربة صناعية جديدة، أسهمت في المساعدة في بناء الاقتصاد السعودي.
في الفصل الخامس القفز في حزوم السليمانية وضح المؤلف أن ابا نمي انتقل من محيط الصناعة إلى محيط العقار بشراء (حزوم السليمانية)، في فترة شهد خلالها العقار تطوراً ملحوظاً حيث قفز سعر المتر من 7 ريالات إلى 150ريالا ثم 280 ريالا، وبذلك أضا ف أبا نمي نجاحاً مشهوداً إلى ما سبق من نجاحاته.
بين الباحث في الفصل السادس الاستثمار بين هرمس وجلوبال ستار أن ابا نمي انتقل من الصناعة وتجارة العقار إلى مجال جديد وهو تجارة الأسهم وأن يكون شريكاً للبنك السعودي الأمريكي، ولم تقتصر استثماراته العقارية على السوق السعودية بل امتدت إلى الدول الاخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وسوق الاسهم المصري، محققاً نجاحاً شهد به ابناء جيله .ثم ذكر في الفصل السابع الملياردير واين بافيت واستراتيجية ابانمي،كما تكلم عن فشله في تجربة جلوبال ستارز وفي وتولوجي، وقد أدت هاتان التجربتان إلى ان يتكيف اسلوبه في إدارة ثروته مع حجم الإنجاز الذي حققه.
في الفصل الثامن تناول الباحث الجانب الآخر في حياة ابا نمي، ذكر فيه بساطته في ادارة أعماله والاعتماد على نفسه في أغلب أمور حياته واحتفاظه بالعلاقات والصداقة والتواصل معها. ثم تكلم عن عائلة أبانمي الصغيرة واعتماده على زوجته في ادارة أمور البيت وانصرافه إلى التجارة، ثم تكلم عن أولاده ودفعهم إلى الدراسة حتى وصلوا إلى أعلى الدرجات والمراتب. أخيراً تكلم عن تبرعات الشيخ أبانمي ومن أهمها دعمه لجمعية إنسان والتي أشاد بها الأمير سلمان بن عبد العزيز.
قدم الوزرة في مؤلفه نموذجاً فريداً لريادة الأعمال وهو الشيخ سليمان ابانمي، الذي بدأ حياته التجارية من عامل فخار بسيط إلى واحد من أكبر تجار العقار والأسهم في المملكة العربية السعودية.والحقيقة ان الشخصية موضع الدراسة تستحق الإشادة، وأن يستفاد من تجربتها الثرية في سوق المال والاقتصاد، لكن مما يؤخذ على الحماد عدم مقدرته على ترتيب الموضوع زمانياً، وتكرار بعض الأحداث أكثر من مرة، مما يشتت ذهن القارىء. وكذلك عدم ترتيب الأفكار والتوجيهات والنصائح التي يرغب في تقديمها لرواد الأعمال، بل إنه يريد أن يستنبط القارىء هذه القواعد من بين ثنايا سيرة الشيخ ابا نمي، وكان بالإمكان اختصار ذلك للقارىء مما يضفي على كتابه نوعاً من التميز.ويمكن لنا اختصارها في التالي:
- طاعة الله سبحانه وتعالى.
- برالوالدين
- الصبر
- مجالسة الصالحين وكبار السن للاستفادة من آرائهم وخبراتهم.
- معرفة الانسان لخصائص شخصيته.
- العودة إلى الوراء لا تعني الفشل، بل التقدم بخطوات أقوى.
- البدء من الصفر.
- سعة الاطلاع.
- معرفة مبدأ تحمل المخاطر.
- استثمار العلاقات الشخصية والإفادة منها.
- عدم تشتيت الذهن في أكثر من مهمة.
- استفد من أبسط الأشياء لديك.
- كل الأشخاص يمكن الاستفادة منهم،لا يوجد شخص غير مهم.
أكرر وأشيد بما ذكره الوزرة في مؤلفه عن الشيخ ابا نمي في رغبته أن يحذو شبابنا في السير للإفادة من تجربة أبا نمي، وإصراره على النجاح، وطرق أبواب عدة للتميز، دون الاقتصار على مجال واحد.