نقدّر نحن المواطنين ونثمن كل ما تقدمه لنا حكومتنا الرشيدة من تسهيلات لنا بالداخل والخارج، إلا أننا حين نواجه ما يختلف مع مفاهيمنا ورغبتنا نتجه إلى النقد والتذمر لذلك الاختلاف، سواء على مستوى الفرد أو الجماعات، دون النظر فيما وراء ذلك الاختلاف، وقد يكون في الصالح العام، وغالباً هو ذاك.
فمنذ الأشهر الأربعة المنصرمة كنت خارج المملكة في محطات عدة، واستقر بي التفكير في محطتين، هما جاكرتا والقاهرة، واطلعت عن قرب على ما يقدمه رجالنا وأبناء جلدتنا بالخارج، الذين حملوا مسؤولية تمثيل دولتنا وفق الشريعة الإسلامية، والعمل على تسهيل وإنجاز شؤون الرعايا السعوديين في الخارج.
ففي جاكرتا وجدت الاستنفار في متابعة وملاحظة بعض الحالات، وكيفية سرعة إنجازها، والتأكد من صحتها والانضباطية في التعامل في أقصى درجات المرونة التي تسهل للمواطن هناك العيش بعزته وكرامته كما هو في وطنه، رغم ما يعانيه رجالنا هناك من صعوبة في التنقلات وغلاء المسكن.. وبعد ذلك ننزعج في حال عدم التوافق مع متطلباتنا التي تكون متزامنة مع تحقيق غاية في أنفسنا، دون النظر إلى ما قد يعيشون هم من امتزاج الفكر وصعوبة العيش بعيداً عن وطنهم وذويهم. فاستدركت بعد أن خرجت مسافراً أن العمل لا يحتاج إلى تنظيم وتطبيق فقط، بل يحتاج إلى فكر واعٍ لما يقدمه الموظف وما يستقبله المتلقي.. وقد وجدته في القاهرة حين يكون الأمر عند أهل الأمر، حين يكون الاهتمام في نبضه الإبهام، حين ينظم الفكر ويختلج بين الموظف والمراجع.
من هنا جاز لي أن أقول:
إن ما عشته وعايشته بالقاهرة يدعو للفخر والمفاخرة لنا نحن السعوديين؛ إذ روعة المكان الذي يشار له بالبنان، وجمال مظهره الذي ينعكس على من بداخله، ولباقة في الأداء، حسن في المظهر.. أعداد هائلة للموظفين السعوديين والسعوديات، روعة في التنظيم وسهولة التقديم ومتابعة المقيم.
فقد زرت سفارتنا هناك لمراجعة شخصية لم تتحقق، إلا أنني خرجت وأنا في تمام الرضا لما شاهدته من تطبيق لتعاليم شريعتنا السمحة رغم اختلاف المفاهيم هناك. وجدت خصوصية في المكان للنساء والرجال، كل في شأنه، يستقبل بالحفاوة والتقدير والضيافة وتخليص مطالبه وفق حدودها المتاحة. ليس هذا فحسب بل علمت أن الوصول للسفير لا يحتاج إلى بعض البروتوكولات الخانقة، التي تجعل صاحب الحاجة يمل منها، وعلمت أن هناك جلسة للرعايا يومي الأحد والأربعاء لمدارسة أوضاعهم، وتذليل الصعاب لهم في الخارج؛ إذ يجلس السفير وأصحاب الاختصاص، كل فيما يخصه، وإن كانت غير مستغربة لنا نحن السعوديين؛ فقد سنَّها حكامنا منذ توحيد وطننا الغالي حتى عهد خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله. نعم، علمت وشاهدت ووجدت ما علمت.. ولن أسهب وأستطرق في ذلك كثيراً مخافة أن يظن الظانون أنها من باب التزلف.
ولكن..
كل ما تم ذكره لم يأتِ من اجتهاد فقط بل من خطط وأهداف رسمتها العقول النيرة، في مقدمتهم وزيرنا المحبوب، أمد الله في عمره، وجزاه عنا خير الجزاء.
فشكراً يا خادم الحرمين الشريفين لاختيارك للوزير.
وشكراً أيها الوزير لاختيارك للسفير بالقاهرة.
وشكراً أيها السفير على دقة التنظيم.
والحمد لله رب العالمين.