دكتوراه الدولة لرجل الأمة هدية مصر لخادم الحرمين

د. محمد عبيد

سعدت كثيرًا - كما سعد غيري من المصريين والسعوديين- بخبر منح خادم الحرمين الشريفين درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم الإنسانية من أقدم جامعة في العالم، جامعة الأزهر الشريف.

ولا يخفى على أحد قيمة هذه الدرجة العلمية، كما لا يخفى أيضا قيمة الممنوح له تلك الدرجة، وتأتي هذه الدرجة -درجة الدكتوراه- في سياق الإشادة والامتنان لجهود خادم الحرمين الشريفين في مجال خدمة الدين والعلم ومحاربة التطرف والإرهاب.

ويأتي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -يحفظه الله تعالى- على قائمة الملوك والحكام الذين اهتموا بمواجهة التطرف الفكري والسلوكي لدى طائفة مهمة جدا، وهي طائفة الشباب فكان من ثمار هذا الاهتمام إنشاء مركز الملك عبدالله للحوار الوطني، ويهدف إلى محاربة الغلو والتطرف وإظهار الرسالة السمحة للدين الإسلامي، ولا شك أن لهذا مردودا طيبا في تحقيق بيئة صالحة لتطبيق المنهج الاعتدالي الوسطي.

ليس من شأن المقالة أن تعدد المناشط -على كثرتها- التي تصب في هذا الاتجاه، وإنما ذكرت نموذجا واحدا عن عمد، وهو أن ما قام به الملك عبدالله -حفظه الله- من محاربة الفكر المتطرف والإرهاب في كل صوره داخل المملكة وخارجها، هو نفسه الدور الذي يقوم به الأزهر الشريف على مر العصور منذ أكثر من ألف عام.

ولعل هذا السبب الوجيه والمناسب الذي جعل هذه المؤسسة الرشيدة تمنح خادم الحرمين الشريفين أرفع درجة علمية فخرية لتوحد النظرة المستقبلية وتقاسم هموم الأمة.

إن هذه الدرجة الأكاديمية من مؤسسة الأزهر الشريف درجة عزيزة -على حد تعبير رئيس جامعة الأزهر- وهي ممنوحة لعزيز وغال على قلوب المصريين والسعوديين، فالملك عبدالله لا يمكن أن تعدد أسباب منحه تلك الدرجة في مقال، فيضيق المقال وتتسع الأسباب ويصعب الحصر.

لكن غاية ما يمكن أن يستنبط من هذا الموقف الميمون هو تلك العلاقة القوية الفريدة التي تشهدها الدولتان، وهو ما يؤكد على وحدة النسيج بين الدولتين قيادة وشعبا.

وليس من غرض المقال أن يذكر مواقف المملكة المشرفة تجاه مصر فهذا مما لا يجب التنبيه عليه لبيانه، وأرى أن هذا وغيره من الأمور الطبيعية بين الدولتين، فالسعودية ومصر يمثلان حراكا له ثقله ومكانته في المنطقة العربية وفي العالم العربي، ولست أعني الحراك السياسي فقط، بل في كل المحاور والاتجاهات، ولو ضربنا مثلا بالثقافة فحدث ولا حرج عن مدى العمق الثقافي والحضاري الذي يربط بين الشعبين.

لقد عشت في المملكة قرابة تسع سنوات لم أشعر فيها أني مقيم جئت لمهمة علمية فقط، بل كنت أشعر أني مواطن يجب علي ما وجب على زملائنا من السعوديين، وكثيرا ما كنت أردد لسعادة الملحق السعودي في إسبانيا دكتور سعيد المالكي وكان وقتها رئيسا لقسم اللغة العربية إن الذي يدفعنا للعمل هنا هو شعورنا بأن هذا الوطن يتسع لنا بحب، وكان الإخوة السعوديون حريصين على إظهار تلك المحبة في الكثير من المواقف التي استمدوها من قائدهم وحبيبهم الملك عبدالله بن عبدالعزيز.

إن مقالي هذا على صغره وبساطته لهو تعبير عن فرحتي -كواحد من الجالية المصرية التي تعيش في المملكة- بمنح خادم الحرمين الشريفين رجل الأمة درجة دكتوراه الدولة.

عاشت مصر والمملكة دولة واحدة قوية لهما من السيادة والنفوذ والسلطة ما يغير وجه العالم إلى ما فيه الخير والصلاح للأمة وللمسلمين.