في كافة دول العالم المختلفة هناك حرص كبير على المحافظة على الآثار المختلفة سواء كانت عمرانية أم تاريخية أم أماكن للعبادة أم خلاف ذلك، وبلادنا المملكة العربيية السعودية بحمد الله تزخر بكثير من الآثار المختلفة في مختلف مدنها ومحافظاتها، وتتنوع تلك الآثار كما هي متنوعة بتواجدها في تلك الأماكن، ولقد تم بحمد الله تعالى إنشاء الهيئة العامة للسياحة والآثار مؤخراً بالمملكة وبدأت نشاطها في هذين المجالين.
ولقد كان لذلك جهود مثمرة واضحة للعيان وتحديداً في إيجاد اهتمام بالآثار المختلفة التي تكاد تنقرض أو انقرضت بالفعل وهي لا شك لها أهميتها الكبيرة بالنسبة لكل مدينة ومحافظة من مدن ومحافظات المملكة، ومن تلك المحافظات الهامة التي تتواجد بها آثار قديمة انقرضت أو تكاد محافظة الزلفي التي ما زالت جهود الهيئة العامة للسياحة والآثار متواضعة جداً بها لما لهذه المحافظة من أهمية كبيرة في تواجد الآثار المختلفة وإن كنت لا أنسى بعض الجهود المتواضعة التي قامت بها الهيئة مؤخراً وهو إنشاء قرية تراثية في مركز علقة بالمحافظة وهذه القرية هي أنموذج لقرية اندثرت، وقد صممت على الطراز السابق، بيد أن الموقع الحالي عرضة للهدم يوماً ما، خاصة إذا تعرضت المحافظة إلى أمطار وسيول كالتي حدثت في سنة 1418هـ وغيرها، وهذا ولا شك يستدعي من الهيئة أو من البلدية وضع حواجز قوية وكبيرة لمنع السيول من جرف هذه القرية التراثية الجميلة حتى تستمر ليراها أجيال الوقت الحالي والأجيال القادمة، وهي ولا شك خطوة موفقة، كما ذكرت كنت أتمنى أن يتبعها خطوات مهمة أخرى لا سيما ما اندثر نهائياً من ذلك التراث الجميل الهام، وهو ما لا يعرفه الجيل الحالي نهائياً؛ لأننا كما نعرف ويعرف الجميع أن المحافظة كانت تحاط بأسوار وكل جهة من الجهات الأربع يوجد ما يسمى بالدروازة، وهي الباب الكبير باللغة العربية، تفتح نهاراً وتغلق ليلاً وكل جهة تسمى بالدروازة الشمالية أو الجنوبية أو الشرقية، وكل زاوية من زوايا السور الأربع يوجد ما يسمى بالبرج (البرج) الذي يراقب به المتناوبون العدو من الخارج وهو لا يعرف ذلك، وكان ذلك قبل توحيد المملكة على يد المغفور له الملك عبدالعزيز رحمه الله حينما كانت هناك حروب طاحنة واعتداء مستمر والأمن كان ضعيف جداً، أما وأن استتب الأمن بحمد الله في عهد دولتنا الرشيدة منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله فقد أصبحت أهمية تلك الدراويز والأبراح ضعيفة جداً ولذا فإنه بعد التوسع العمراني الهائل في كافة مدن ومحافظات المملكة بحمد الله عامة ومحافظة الزلفي خاصة فإنه أصبح لا ضرورة لتواجد مثل هذه الأشياء التي كانت مهمتها الأولى المحافظة على الأمن بيد أن إزالتها نهائياً واندثارها يعطي نظرة سلبية كبيرة لعدم الاهتمام بالآثار.
وعليه فإنني أطالب الهيئة العامة للسياحة والآثار بدراسة أعداد ومواقع تلك الدراويز والأبراج لتكون منبراً تراثيا يحكي الواقع المؤلم السابق وماهو واقعنا الحالي الذي تنعم به هذه الدولة المباركة بالأمن والأمان بحمد الله وفضله ولنبين لجيلنا الحالي والذي قبله والقادم أيضاً جزءا هاما من تراثنا المعماري الجميل.
وبهذا الصدد أحب أن أوضح أهمية ذلك التراث القديم الذي بني من قبل الأهالي في ذلك الوقت وما مر عليه من مدة طويلة وبالتحديد كان بتاريخ 7-5-1324هـ حيث اطلعت وحصلت على اتفاقية بهذا الشأن مفادها (يعلم من يراه أنه حضر عندي بداح بن سلمان البداح حال كونه أمير الزلفي وأقرّ أنه وكَّل دخيل بن أحمد الحمد وصالح بن علي الشايع وزيد بن محمد العبد القادر وعبدالله الدخيل يحاسبون عبدالله المحمد الناصر من طرف مبنى العقدة فإذا انقطع القطع نزاعها والأحد على أحد دعوى شهد على ذلك مساعد آل عبدالمنعم وناصر الجديع وعبدالعزيز بن عبدالله الدخيل ومحمد الملا وشخصية كاتبه محمد بن عبدالعزيز بن منيع، وقد تم التحاسب على البناء بمبلغ مائة وثلاثة وثمانين ريالا (183) منها مائة وعشرون للخرافي الذي كافل ابن دخيل وثلاثة وستون ريالا (63) لعبدالله الناصر.
هذا هو نص الاتفاقية في ذلك الزمن الذي يتعدى مائة عام وتحديداً بتاريخ 7-5-1324هـ ولذا فإنه آن الأوان لتفكر الهيئة العامة للسياحة والآثار بدراسة هذا الموضوع وإعادة بناء تلك الأسوار والأبراج والبوابات لكي يطلع الجيل الحالي والأجيال التي بعده على مقارنة حديثة بين الزمن الماضي والزمن الحاضر وأسوة باهتمام الهيئة العليا للسياحة والآثار بالمحافظات الأخرى كما أن الهيئة مطالبة بالاهتمام بالتراث الآخر المندثر بالمحافظة، وهو قصر الأمير سعود ومسجد الواصل وغير ذلك كثير.
أملي كبير بسمو الأمير النشط سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار الذي يعرف المحافظة جيداً أن يجد هذا الاقتراح عناية سموه الكريم.. والله الموفق.