في دراسة ذكية وعميقة ومتأنية يقدّم لنا الفيلم المحلمي»Boyhood» بشكل يستحق الدراسة سلوكاً مغايراً عن ما نتوقعه عن الجيل الجديد لولاية تاكساس، والتي تعتبر من أهم الولايات الجمهورية المحافظة في الولايات المتحدة.
يحكي الفيلم قصة شاب منذ أن كان طفلاً في عمر الخمس السنوات وحتى بلوغه سن الخامسة والعشرين سنة في توثيق حقيقي على هيئة سرد درامي من دون أي استسلام للأسلوب التوثيقي.
الفيلم يقدّم نفسه كواحد من أهم أفلام العام رغم طوله الزمني ولكن لا يمكن للمشاهد أن يشعر بالملل أثناء المشاهدة، وهو من إخراج ريشتارد لينكلتار والذي قدّم عدداً من الأفلام الرائعة مثل «Before Midnight» مع «Me and Orson Welles».
لولاية تاكساس تاريخ طويل مع العنصرية والجيل المتقوقع حول نفسه، والتطرف المنبثق من تاريخ طويل مع العبودية، سيادة العرق الواحد، والأهم الإعلام المعتمد على سياسة الكره، وكانت الولاية حمراء التوجه، وسياسياً يمينية منذ الانفصال الكنفدرالي قبل الحرب العالمية مروراً بحركات كو كلوكس كلان المتطرفة ضد الملونين وانتهاء بدعمها اللا محدود للرؤساء الجمهوريين على مر العقود الماضية، لهذا يكون الفيلم لافتاً أكثر في دراسته للمجتمع الشاب من خلال جيل الطلاب الجدد في الولاية والذين بدأوا يتمردون على التقاليد المعتادة في الولاية، والعادات الدينية المسيحية المتشددة، والأهم الاختلاف الجذري في وجهات النظر بينهم وبين الجيل القديم من آبائهم وأجدادهم.
قدم المخرج ريشتارد لينكلتار سرداً سينمائياً سكيولوجياً ذكياً بشكل لافت حول كيف يتعامل بطل الفيلم «ماسون»مع من حوله، وكيف هي وجهة نظره حول والدته ووالده، حول نظام التعليم في الولاية، وكيف تشكلت علاقاته مع مجتمع الطلاب من حوله. نجد تحولات جذرية في أسلوب تفكيره، وطريقة رؤيته للحياة، وتقدمه في التفكير الإيجابي والنقدي للمجتمع المحافظ حوله.
للفيلم ضعفاً واضحاً على مستوى التصوير والإعداد الفني من ناحية الديكور والإضاءة، ولكنه يبرز من خلال النص والأداءات، والرسالة والمضامين التي يريد الفيلم قولها.
بسهولة نجد فيلم «Boyhood» سيكون حتماً بين الأفلام المرشحة لجوائز العام لفئة أفضل فيلم، نص، وربما ممثل رئيسي ومساعد «إيثان هوك» الذي قدم أحد أفضل أدواره منذ دوره الملهم في فيلم «يوم التدريب».