قبل سنوات في المعرض الدولي للكتاب بالقاهرة، وفي لقاء مع مثقفين بضاعتهم الفكر والتنظير والكتابة، دار الحديث عن هذا المعرض العالمي.. الذي استند في عالميته إلى تاريخ مصر أكثر من واقعه، مجمعين على أنه لو أُسند تنظيم وإدارة هذا المعرض إلى (دبي) لصنعت من هذا المعرض حدثاً عالمياً لا يقل عن معرض فرانكفورت الدولي للكتاب.. وكل مهتم بالكتاب يعلم ماذا يعني معرض فرانكفورت الدولي للكتاب.
وفي رمضان قبل سنوات كنت في مطار جدة واتفق بعض المسافرين على أنه لو تم إسناد إدارة وتشغيل هذا المطار إلى (دبي) لرأينا أكبر مطار في العالم إنه بوابة مكة المكرمة.. دبي تدير تدار كل منشآتها على أنها منشآت تجارية قائمة على الربح والخسارة، فتحوّلت إلى درة المدائن.. فهي أكبر محطة إعادة انتشار للبشر (الترانزيت) وأكبر محطة إعادة تصدير للبضائع ما بين الشرق والغرب، حتى صار مطار دبي يستقبل ثمانين مليون مسافر سنوياً.. والقصص تترى عن دبي وكفاءة أداء القائمين عليها، ومن أراد عقد المقارنات فلن يجد أجود وأقرب من دبي في منشآتها وخدماتها وتعاملاتها.
هذا الانطباع المبني على واقع ملموس ومشاهد بالنسبة للكثير من السعوديين، جعل دبي الخيار الأول لأي استثمار ممكن مهما صغر أو كبر.. وصارت محطة ادخار وثق بها العالم كله وليس السعوديون وحدهم.. وأضحت محطة الترفيه الأولى في المنطقة كلها وأحد أهم محطات السياحة والتجارة والترانزيت.. وهي قبلة التدريب والمعارض ومقر عقود التجارة والمؤتمرات وورش العمل.. كما أنها المقر الرئيسي المفضل للشركات الإقليمية والدولية بشكل مطلق تقريباً في المنطقة.
بكل النتائج التي تدل على كفاءة الأداء، إلاّ أنّ طيران الإمارات هذا العام خدش الانطباع عن هذه الكفاءة.. فقد تم تعديل مواعيد السفر والقدوم للآلاف من العوائل التي تحجز مسبقاً لأماكن إجازاتها السنوية، مما أربك الحجوزات والسكن وخلافه.. وحينما يكون التوقع عالياً ثم تُصْدم بهذا العمل يكون التأثير مضاعفاً.. ثم في مطار دبي محطة الترانزيت الأولى في العالم لماذا هذه الأسعار المبالغ فيها في الخدمات.. لا شك أنّ (90%) من المسافرين لا يطيقون شراء قارورة ماء بعشرة دراهم أو كوب قهوة بعشرين أو آيس كريم لأطفالهم بمبالغ تفوق ذلك، خصوصاً إذا كانت فترة الانتظار طويلة والعائلة بها أطفال ولا بد أن ترفه عنهم.. لماذا لا تكون خدمات الغذاء والشراب إحدى وسائل الضيافة من مدينة دبي وتدعم أسعارها في المطار فقط؟.