سعادة رئيس تحرير الجزيرة الموقر
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، أما بعد:
فقد اطلعت عبر جريدة الجزيرة صفحة «آفاق إسلامية» في يوم الجمعة بتاريخ 3-1-1435هـ، ورقم العدد (15310) ص41، على مقال بعنوان «وإذا خاصم فجر» للأستاذ سلمان بن محمد العُمري. وأشكره على تناوله هذا الموضوع المهم خصوصاً، وعلى موضوعاته الثرية عموماً في كتاباته لكثير من القضايا الأخلاقية والدعوية والاجتماعية وغيرها، وأتفق مع الكاتب جملة وتفصيلاً في أهمية الموضوع المطروق في صحيفة الجزيرة، وفي عظم المشكلة السلوكية التي تشهدها المحاكم وغيرها، وصارت مجالاً خصباً في بعض المجالس الخاصة والعامة - للأسف الشديد - وهي الفجور في الخصومة من أولئك ذوي الأنانية ومحبي الذات وأصحاب النفوس المريضة.
ولعلي أنطلق في تعقيبي في رسم الصورة التي ذكرها المولى تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}. إن الفجور في الخصومة سوء أدب وتعد وطيش وفساد.
وكذا ما رسمه النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه..». وفي تحذيره أيضاً - صلى الله عليه وسلم - من خصال النفاق والمنافقين. فعن عبدالله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا ائتُمن خان، وإذا حدّث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر».
ذلك أن المخاصم الفاجر يفعل كل سوء من أجل الوصول غير المشروع إلى مطالبه ومبتغاه بدون رعاية لأدب أو فضل أو معروف أو إحسان. ويأتي تحذير النبي - صلى الله عليه وسلم - من الخصومات كما في حديث عن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم».
قد يحصل خلاف وشقاق فيما بين الإخوان والأقارب والجيران والزملاء عموماً، لكن مع هذا كله لا يليق أن تتحول الخلافات إلى نيران مشتعلة، تأكل الأخضر واليابس، وتكون القطيعة، وتنتشر الخصومة، ويكثر الفجور - عافانا الله وإياكم - فهذه أمراض خطيرة.. وقد أحسن الكاتب في التركيز عليها في كتابه الموسوم (سلوكيات يرفضها الإسلام).