« تعج المنطقة العربيَّة بعدد من التنظيمات الإرهابيَّة التي تُهدِّد الأمن وتنذر بالتفتيت والخراب.. كيف نقرأ ما يجري من أحداث؟
« ما المخاطر الحقيقية للإرهاب على مستوى الاوطان وخصوصًا بلدنا الآمن المملكة العربيَّة السعوديَّة؟
« تعرَّضت المملكة للاستهداف من قبل القائمين والمنفذين للمشروع الإرهابي العالمي، وجابهت هذا الخطر بكلِّ اقتدار.. كيف نرى نجاح المملكة في دحر الإرهابيين وإبطال مشروعهم الخبيث؟
« في الكلمة التي وجّهها خادم الحرمين الشريفين للداخل والخارج إعذار وإنذار مما يجري من مؤامرات ومحاولات لزعزعة أمن المنطقة وتقسيمها.. ما الذي يعنينا في هذه البلاد لتفادي هذا الخطر الداهم؟
« دعت المملكة إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، وظلت تدعم الفكرة وتؤازرها، وقدمت دعمًا ماليًا كبيرًا لهذا الغرض.. ما الذي ينبغي فعله لضمان نجاح الفكرة على المستوى الإقليمي والدولي؟
« كانت هذه أسئلتنا لعدد من الأدباء والمثقفين والأكاديميين في حلقة النقاش التي قدمناها في عدد الأربعاء 27 أغسطس، وهي التي نقدمها لضيوفنا في هذه الحلقة كذلك، في محاولة لتقديم مقاربة لما يجمع عليه أبناء هذه البلاد المخلصون لوطنهم ولقيادتهم الحكيمة. فماذا قال ضيوفنا في هذه الحلقة..؟
المملكة تستنفر العالم لمحاربة الإرهاب
بداية أكَّد الأستاذ الدكتور محمد المقصودي الباحث في مجال حقوق الإنسان والأمن الفكري بأن الإرهاب ظاهرة عنف عالميَّة لا تقتصر على أهل دين أو ملة، فمن يمارس العنف هم فئات فاقدة لكل إنسانيَّة ومروءة، لذلك خطت المملكة العربيَّة السعوديَّة خطوات مهمة وملموسة في مكافحة ظاهرة الإرهاب الخطيرة، وأسهمت بفعالية في التصدي لهذه الظاهرة ومن ويلاتها ونتائجها المدمرة من خلال المؤتمرات واللقاءات والمشاركات العربيَّة والدوليَّة، وكانت أول دولة توقع على معاهدة مكافحة الإرهاب الدولي بمنظمة المؤتمر الإسلامي في صفر لعام 1421هـ الموافق لشهر مايو من عام 2000م.
وأضاف: المملكة سبَّاقة في حث المجتمع الدولي على التصدي للإرهاب، ووقفت مع جميع الدول المحبة للسلام في محاربته والعمل من أجل القضاء عليه واستئصاله من جذوره، ودعت المجتمع الدولي إلى تبنى عمل شامل في إطار الشرعية الدوليَّة يكفل القضاء على الإرهاب ويصون حياة الأبرياء ويحفظ للدول سيادتها وأمنها واستقرارها. وتوّجت هذه المساعي باستضافة المملكة العربيَّة السعوديَّة للمؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في مدينة الرياض في 25 من ذي الحجة عام 1425هـ الموافق للخامس من فبراير لعام 2005م بمشاركة أكثر من 50 دولة عربيَّة وإسلاميَّة وأجنبية، إلى جانب عدد من المنظمات الدوليَّة والإقليميَّة والعربيَّة، تتويجًا لجهودها في محاربة الإرهاب بكلِّ صوره على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي للقضاء على هذه الظاهرة، منطلقة من إيمانها بأن الإرهاب هو مشكلة عالميَّة خطيرة يستوجب التصدي لها وتعاون جميع الدول وتضامنها وتضافر جهودها.
الإرهاب لا يهزم الدول المتماسكة
وقال الدكتور المقصودي: إن المملكة العربيَّة السعوديَّة استطاعت بفضل الله، ثمَّ بوعي قيادتها الراشدة الحكيمة؛ اتّخاذ موقف حازم وصارم ضد الإرهاب بكلِّ أشكاله وصوره على الصعيدين المحلي والدولي. وبما أن المملكة جزء من العالم؛ فقد عانت من أعمال العنف والإرهاب الذي أصبح ظاهرة عالميَّة تعددت أساليبه ومسالكه، وطال العديد من دول العالم كونه آفة خطيرة لا وطن ولا دين له ولا يعرف جنسًا ولازمنًا ولا مكانًا، بيد أنه لا يمكنه أن يهزم الدول الكبيرة القوية بإيمانها وبتلاحم قيادتها وشعبها مثل المملكة العربيَّة السعوديَّة، فقد تكسرت مجاديف الإرهابيين على يد سواعد أبنائها من رجال الأمن البواسل، وتهاوت مبادئ أفكارهم ومنهجهم الضال بعد أن تصدى لها مفكرو وعلماء المملكة ومشايخها وقارعوها الحجة بالحجة، وفندوها وبينوا بالأدلة من الكتاب والسنّة خطأها وفسادها وبطلانها.
حرب المملكة على الإرهاب
وأضاف قائلاً: المملكة العربيَّة السعوديَّة تصدت لأعمال العنف والإرهاب على المستويين المحلي والدولي فحاربته محليًّا وشجبته وإدانته عالميًّا. فعلى المستوى المحلي حاربت المملكة الإرهاب من خلال خطين متوازيين هما المعالجة الأمنيَّة والمعالجة الوقائية. وعلى مستوى المعالجة الأمنيَّة سطر رجال الأمن السعوديون إنجازات أمنيَّة في التصدي لأعمال العنف والإرهاب، ونجحوا بكلِّ شجاعة وإتقان وإبداع بعد أن تشربوا عدالة القضية وشرف المعركة في حسم المواجهات الأمنيَّة مع فئة البغي والضلال، فجاء أداؤهم مذهلاً من خلال القضاء على أرباب الفكر الضال أو القبض عليهم دون تعريض حياة المواطنين القاطنين في الأحياء التي تختبئ فيها الفئة الباغية، بل سجَّل رجال الأمن إنجازات غير مسبوقة تمثلت في الضربات الاستباقية وإفشال أكثر من 95 في المئة من العمليات الإرهابيَّة بفضل من الله، ثمَّ بفضل الإستراتيجية الأمنيَّة التي وضعتها القيادات الأمنيَّة وحازت على تقدير العالم بأسره، كما سجلوا إنجازًا آخر تمثِّل في اختراق الدائرة الثانية لأصحاب الفكر الضال وهم المتعاطفون والممولون للإرهاب، الذين لا يقلون خطورة عن المنفذين للعمليات الإرهابيَّة، فتم القبض على الكثير منهم، وبذلك تَمَّ باقتدار تجفيف منابع العقل الظلامي الخالي من أيّ فكر حيوي عدا ممارسة القتل والخراب. وأضحت تجربة المملكة العربيَّة السعوديَّة في مكافحة الإرهاب وكشف المخططات الإرهابيَّة قبل تنفيذها تفوقًا غير مسبوق يسجل للمملكة العربيَّة السعوديَّة سبقت به دولاً متقدِّمة عديدة عانت من الإرهاب عقودًا طويلة.
ماذا قال خادم الحرمين عن أمن المملكة؟
ويقول كذلك: وفي هذا السياق قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود: إن الأمن في المملكة العربيَّة السعوديَّة بألف خير فهي صامدة كالصخر تكسرت عليه كل تلك الهجمات.
وأضاف في حديثه -أيَّده الله- لصحيفة السياسة الكويتية نشرته يوم 30 جمادى الأولى عام 1425هـ الموافق 16 أغسطس 2004م: إننا اجتزنا مراحل الإرهاب.. فنحن ذهبنا إلى رؤوس الثعابين مباشرة لنقطعها. وفي جانب إنساني وتقديرًا للتضحيات التي قدموها اهتمت الدَّولة رعاها الله برجال الأمن البواسل الذين يخوضون بكلِّ شرف المعركة ضد الإرهاب، واحتضنت أبناء شهداء الواجب منهم وأسرهم واعتنت بالمصابين منهم وتشرفوا بزيارات وزير الداخليَّة أو أمير المنطقة الموجودين بها أو نائب وزير الداخليَّة أو مساعد وزير الداخليَّة لهم ومواساتهم وتقديم العزاء لهم والإشادة بما قدموه من إنجازات للوطن ستظل وسام شرف في سجل الإنجازات الأمنيَّة للبلاد. وبالتالي فقد نال رجال الأمن شرف ثقة القيادة السعوديَّة في قدراتهم وشجاعتهم وتقديرها لتضحياتهم بأرواحهم في سبيل الحفاظ على أمن هذه البلاد الطاهرة وصون أمن مواطنيها والمقيمين فيها وقاصديها من الزوار والمعتمرين وحجاج بيت الله الحرام. فقد أكَّد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ثقته الدائمة في رجال الأمن والقوات المسلحة بمختلف القطاعات الأمنيَّة، منوهًا -أيَّده الله- خلال جلسة مجلس الوزراء التي عقدت يوم الاثنين 28 محرم 1427هـ بيقظة رجال الأمن وتفانيهم في خدمة دينهم ثم وطنهم وشعبهم وتوفيقهم بفضل الله في القضاء على فلول الإرهابيين الهاربين وإحباط المحاولة الإرهابيَّة في محافظة بقيق التي استهدفت منشأة اقتصاديَّة وطنيَّة كبرى يعود نفعها على جميع أبناء الشعب السعودي. ووصف الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود تضحيات رجال الأمن بأوسمة الشرف وأنواط الكرامة التي يتقلَّدها أصحاب الفعل المشرف ويزهو به الوطن والمواطن.
جهود وزارة الداخليَّة
ولفت الدكتور محمد المقصودي إلى أن الدَّولة ممثلة في وزارة الداخليَّة قد قامت بجهود متكاملة لرفع معنويات رجال الأمن في الدفاع عن بلدهم ومحاربة أصحاب الفكر المنحرف، فقدمت لهم الدعم المادي والمعنوي، وتَمَّ منح أسر الشهداء منهم والمصابين والمتضررين كل ما يعينهم على مواجهة أعباء الحياة فضلاً عن أنها كانت بلسمًا لحياة الأسر التي فقدت أحد رجالاتها في عمليات أمنيَّة ضد الإرهابيين، واستضافت وزارة الداخليَّة أسر شهداء الواجب لأداء مناسك الحج عرفانًا منها بما قدمه أولئك الشهداء وأسرهم من خدمات جليلة للوطن. ووجد رجال الأمن البواسل في خوضهم معركة الشرف ضد الإرهابيين دعمًا ومساندة من العلماء والمواطنين الذين أشادوا بإنجازاتهم الأمنيَّة والتصدي للإرهابيين وتفكيك مخططاتهم وإحباطها قبل تنفيذها، وملاحقتهم في كلِّ مكان للقضاء عليهم أو القبض عليهم. فقد خاطب سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلميَّة والإفتاء في بيانه الذي أصدره عقب تفجير مبنى الإدارة العامَّة للمرور بالرياض رجال الأمن وبشرهم بأنَّهم على خير عظيم وهم في ثغر من ثغور الإسلام وقال: عليكم بالحرص واليقظة والعزيمة في الدفاع عن دينكم أولا، ثمَّ عن بلاد المسلمين ضد أولئك الضالين.
وفيما يتصل بالمعالجة الوقائية فقد قامت المملكة بالعديد من المبادرات والجهود للقضاء على الفكر المنحرف والأعمال الإرهابيَّة أهمها المبادرة التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في الخامس من شهر جمادى الأولى 1425هـ الموافق 23 - 6 - 2004م - وتضمنت عفوًا عن كل من يسلم نفسه لمن ينتمي إلى تلك الفئة الضالة ممن لم يقبض عليه في عمليات الإرهاب طائعًا مختارًا في مدة أقصاها شهر من تاريخ ذلك الخطاب، وسيعامل وفق شرع الله فيما يتعلّق بحقوق الغير. واستفاد من ذلك القرار عدد كبير من الأشخاص الذي اعتنقوا الفكر الضال وسلموا أنفسهم للجهات الأمنيَّة واستفادوا من العفو الملكي، من بينهم أشخاص كانوا موجودين في الخارج. ونهجت الدولة في ذات السياق أسلوبًا فريدًا في علاج ما ظهر من بعض أبنائها باعتناقهم الفكر التكفيري المنحرف من خلال مواجهة الفكر بالفكر، وتصدت وزارات الداخليَّة والثقافة والإعلام والشؤون الإسلاميَّة والأوقاف والدعوة والإرشاد والتربية والتَّعليم، والتَّعليم العالي لهذا المجال. فقد شكلت وزارة الداخليَّة لجنة المناصحة، وهي لجنة شرعية تتكون من العلماء والدعاة والمفكرين بهدف تصحيح المفاهيم الخاطئة والمغلوطة لدى الموقوفين ونصحهم وتوجيههم إلى تعاليم الدين الإسلامي الصحيحة السليمة وفق ما شرعه الله سبحانه وتعالى وبينه رسول الهدى صلَّى الله عليه وسلَّم في سنته النبوية، فجلسوا مع الموقوفين وقدَّموا لهم المحاضرات في هذا الخصوص وأرشدوهم وأبانوا لهم خطأ فكرهم من وجوه عدة، وبينوا لهم بالأدلة الشرعية والنبوية الطريق المستقيم، ودلوهم على الحق الذي ينفعهم في دينهم ودنياهم، وتحققت مع هذا النهج الأهداف المرجوة في عودة الكثير من المغرر بهم إلى جادة الصواب نادمين على ما اقترفوه من أعمال. ولعل أبرز ما تحقق في هذا السياق تراجع الكثير من المُنظِّرين للفكر التكفيري المنحرف عن فتياهم التي استندت عليها عناصر الفئة الضالة في القيام بأعمالها الإجرامية وأكَّدوا أن فتياهم تلك خاطئة وتراجعوا عنها وأعلنوا توبتهم، وتراجع عدد من أعضاء الخلايا الإرهابيَّة.
جهود مكثفة من عدَّة جهات
وألمح الدكتور المقصودي إلى ما تقوم وزارة الثقافة والإعلام من جهود كبيرة لمحاربة الفكر التكفيري المنحرف من خلال البرامج الإذاعيَّة والتلفازية التي استضافت فيها العلماء والمشايخ، وتناولوا الفكر التكفيري وأبانوا بالحجة والبراهين خطأ المنهج وصححوا المفاهيم الخاطئة والمغلوطة مستدلين بذلك بما جاء في القرآن والسنة وما نقل عن السلف الصالح وأئمة المسلمين. وكذلك وزارة الشؤون الإسلاميَّة التي كثفت من المحاضرات والدروس الدعوية والتوعوية في المساجد لبيان خطأ الفكر التكفيري وتحريمه وتجريم من يعتنقونه ومن يرتكب أعمال العنف ضد المسلمين ومقدرات الوطن. ودور وزارة التربية والتَّعليم التي بذلت جهودًا كبيرة لتوعية الطلاب والطالبات بخطورة الأعمال الإرهابيَّة وحرمتها في الإسلام والآثام التي تقع على مرتكبيها، وحثّ المعلمين والمعلمات على توعية الطلاب والطالبات بذلك وتوجيههم إلى الطريق الصحيح وغرس حب الوطن وطاعة أولياء الأمور في نفوسهم، كما ركزت على تعزيز الأمن الفكري، وخصصت يومًا دراسيًّا كاملاً خلال العام الدراسي لإقامة معرض في كلِّ مدرسة للبنين والبنات عن الإرهاب والأعمال الإجرامية التي ارتكبها أرباب الفكر التكفيري، وما نتج عنها من قتل للأبرياء وتدمير للممتلكات ومقدرات الوطن لتوعية الطلاب والطالبات بأهمية الحفاظ على أمن البلاد والعباد والوقوف صفًا واحدًا ضد كل من يعبث بالأمن باسم الدين وهو منه براء.
ونظمت المملكة بالتزامن مع المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب حملة التضامن الوطني لمكافحة الإرهاب في مختلف مناطق المملكة دامت أسبوعًا كاملاً شاركت فيها جميع القطاعات التعليميَّة والأمنيَّة، وهدفت إلى زيادة الوعي العام في دعم التعاون بين أفراد المجتمع السعودي للتصدي للعمليات الإرهابيَّة وتعزيز الانتماء للوطن والدفاع عنه ومكافحة الغلو والتطرف الذي ينبذه ديننا الإسلامي الحنيف. وأصدرت المملكة بذلك جملة من الأنظمة والتَّعليمات واللوائح لاستخدام شبكة الإنترنت والاشتراك فيها بهدف مواجهة الاعتداءات الإلكترونية والإرهاب الإلكتروني إضافة إلى تنظيم الجهات المعنية دورات تدريبية عديدة عن موضوع مكافحة جرائم الحاسب الآلي لتنمية معارف العاملين في مجال مكافحة الجرائم التي ترتكب عن طريق الحاسب الآلي وتحديد أنواعها. وكذلك قانون مكافحة الإرهاب وغيره من الأنظمة الرادعة لظاهرة العنف. يضاف إلى ذلك حكمة القيادة السعوديَّة في كسب أسر المطلوبين أمنيًّا ممن لهم صلة بالعمليات الإرهابيَّة إلى جانبها في معركتها ضد الإرهاب، إِذْ لم تحملهم وزر أعمال أبنائهم إيمانًا بما جاء في كتاب الله عز وجل: «وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى».
تجفيف منابع الإرهاب
وقال الدكتور المقصودي: لقد عملت الدولة عبر أجهزتها الرسمية على تجفيف منابع الإرهاب واجتثاث جذوره من خلال إعادة تنظيم جمع التبرعات للأعمال الخيريَّة التي قد تستغل لغير الأعمال المشروعة وقامت بإنشاء هيئة أهلية كبرى تتولى الإشراف والتنظيم على جميع الأعمال الإغاثية والخيريَّة بهدف تنظيم عمل تلك الهيئات وعدم السماح لذوي النوايا والأهداف الشريرة باستخدام الهيئات الإنسانيَّة لأعمال غير مشروعة.
النجاحات التي حققتها المملكة في مكافحة الإرهاب والإنجازات الأمنيَّة التي سطرها رجال الأمن في إحباط الكثير من المخططات الإرهابيَّة قبل وقوعها كانت محل إشادة وتقدير دوليين. فقد أشاد الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في خطاب ألقاه إمام مؤتمر جمعية رؤساء تحرير الصحف الأمريكية بدور المملكة العربيَّة السعوديَّة في محاربة الإرهاب.. وقال: إن الإرهابيين ارتكبوا خطًا تكتيكيًا في تقديري حين هاجموا المملكة وهم يدركون الآن نتائج ذلك. وعلى المستوى الدولي كانت المملكة العربيَّة السعوديَّة ولا تزال سبَّاقة في حث المجتمع الدولي على التصدي للإرهاب، ووقفت مع جميع الدول المحبة للسلام في محاربته والعمل على القضاء عليه واستئصاله من جذوره، ودعت في مناسبات دوليَّة المجتمع الدولي إلى تبني عمل شامل في إطار الشرعية الدوليَّة يكفل القضاء على الإرهاب ويصون حياة الأبرياء ويحفظ للدول سيادتها وأمنها واستقرارها.
ويُعدُّ المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي دعت إليه المملكة وعقد بمدينة الرياض أوائل شهر فبراير عام 2005م واحدًا من الجهود الدائبة للمملكة في مكافحة هذه الآفة العالميَّة في إطار دولي وجانب من جوانب عمل المملكة المستمر في محاربة الإرهاب الذي ترى المملكة دائمًا أن القضاء على الإرهاب لن يتم إلا بتعاون دولي في استئصال جذوره ومعالجة أسبابه. لقد بذلت المملكة جلّ جهودها لإنجاح المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب إيمانًا منها بأن المؤتمر يمثِّل عزم الأسرة الدوليَّة للقضاء على الإرهاب. وفي ذلك قال خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود في الكلمة التي افتتح بها المؤتمر: إن المملكة العربيَّة السعوديَّة كانت من أوائل الدول التي عانت من الإرهاب وحذّرت من خطره وقاومته بكلِّ شدة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي ونحن الآن في حرب مع الإرهاب ومن يدعمه ويبرر له وسوف نستمر في ذلك بعون الله حتَّى القضاء على هذا الشر.. إننا سنضع تجربتنا في مقاومة الإرهاب إمام أنظار مؤتمركم كما إننا نتطلَّع إلى الاستفادة من تجاربكم في هذا المجال، ولا شكَّ أن تجاربنا المشتركة سوف تكون عونًا لنا جميعًا بعد الله في معركتنا ضد الإرهاب. ودعا - حفظه الله- إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب يكون العاملون فيه من المتخصصين في هذا المجال الهدف منه تبادل المعلومات بشكل فوري يتفق مع سرعة الأحداث وتجنبها إن شاء الله قبل وقوعها. وأكَّد الملك المفدى ثقته في الله بأن النتيجة النهائية هي انتصار قوى المحبة والتسامح والسَّلام على قوي الحق والتطرف والإجرام.
وقال منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجيَّة الأمريكية كوفر بلاك في تصريح صحافي: إننا يجب أن نحكم على الحكومة السعوديَّة من خلال أعمالها في ميدان مكافحة الإرهاب.
وفي ذات السياق تقدمت المملكة بمشروع قرار للجمعية العامَّة للأمم المتحدة يدعو لتشكيل فريق عمل لدراسة توصيات ذلك المؤتمر بما في ذلك إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب أعلنه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز-رحمه الله- في كلمته التي ألقاها إمام الجمعية العامَّة للأمم المتحدة التي أكَّد فيها أن خطر الإرهاب يُهدِّد العالم أجمع مما يوجب تضافر الجهود لمكافحته. ودافع سموه عن الإسلام مؤكِّدًا براءته من الإرهاب قائلاً: إن الإسلام دين أمن وسلام ودين تعاون بين البشر والإسلام بكلِّ مبادئه يحرم الاعتداء على الإنسان ويقول الله عزّ وجلّ: وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ . كما يقول في محكم كتابه: مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً .
مواقف المملكة مع دول العالم ضد الإرهاب
ويقول الدكتور المقصودي: استمرارًا لمواقف المملكة العربيَّة السعوديَّة من ظاهرة الإرهاب ومكافحته فقد صادقت على العديد من الاتفاقيات الخاصَّة بمكافحة الإرهاب كما صادقت على جملة من الاتفاقات الدوليَّة ذات العلاقة من بينها الاتفاقية الخاصَّة بالجرائم وبعض الأفعال الأخرى المرتكبة على متن الطائرات (طوكيو، 1963م) واتفاقية مكافحة الاستيلاء غير المشروع على الطائرات (لاهاي 1970م) واتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامه الطيران المدني (مونتريال، 1971م) واتفاقية منع الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص المتمتعين بحماية دوليّه بمن فيهم الموظفون الدبلوماسيون والمعاقبة عليها (نيويورك، 1973م) والاتفاقية الدوليَّة لمناهضة أخذ الرهائن (نيويورك، 1979م) والبروتوكول المتعلّق بقمع أعمال العنف غير المشروعة في المطارات التي تخدم الطيران المدني الدولي، الملحق باتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الطيران المدني (مونتريال، 1988م). كما انضمت المملكة إلى اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحريَّة (روما، 1988م) والبروتوكول المتعلّق بقمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامه المنشآت الثابتة الموجودة على الجرف القاري (روما، 1988م) واتفاقية تمييز المتفجرات البلاستيكية بغرض كشفها (مونتريال، 1991م) والاتفاقية الدوليَّة لقمع تمويل الإرهاب (نيويورك، 1999م) والاتفاقية الدوليَّة لقمع الهجمات الإرهابيَّة بالقنابل (نيويورك، 1997م) واتفاقية قمع الإرهاب النووي (نيويورك، 2005م) واتفاقية الحماية المادِّية للمواد النووية (فيينا، 1980م) وبروتوكول اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحريَّة، والبروتوكول المتعلّق بقمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامه المنصات الثابتة الموجودة على الجرف القاري وتعديلات اتفاقية الحماية المادِّية للمواد النووية. كما انضمت المملكة إلى عدد من المعاهدات الإقليميَّة في مجال مكافحة الإرهاب منها معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي، 1999م ومدوّنة قواعد السلوك لمكافحة الإرهاب الدولي المعتمد من قبل منظمة المؤتمر الإسلامي في مؤتمر القمة الإسلامي السابع عام 1995م والاتفاقية العربيَّة لمكافحة الإرهاب خلال اجتماعات مجلس وزراء الداخليَّة والعدل العرب المنعقدة في 25 ذي الحجة 1418هـ الموافق 22 أبريل 1998م وهي الاتاقية الأبرز التي تَمَّ إنجازها على الصعيد الأمني العربي حيث سجل العرب من خلالها سبقًا بين دول العالم في اتفاقهم على مكافحة الإرهاب إضافة إلى الاتفاقية العربيَّة لمكافحة الإرهاب، 1998م والإستراتيجية العربيَّة لمكافحة الإرهاب الصادرة عام 1996م عن الأمانة العامَّة لمجلس وزراء الداخليَّة العرب واتفاقية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربيَّة لمكافحة الإرهاب، 2004م والإستراتيجية الأمنيَّة الموحدة لمكافحة ظاهرة التطرف المصحوب بالإرهاب لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربيَّة، 2003م. ووقعت المملكة على اتفاقيات أمنيَّة ثنائية مع عدد من الدول العربيَّة والإسلاميَّة والصديقة تتَضمَّن بين بنودها مكافحة الإرهاب والتعاون في التصدي له ومحاربته. كما استضافت المملكة في الفترة من 16 إلى 17 من شهر فبراير هذا العام 2013م المؤتمر الدولي المعني بتعاون الأمم المتحدة مع مراكز مكافحة الإرهاب «تشجيع الشركاء على المساهمة في بناء القدرات» بالتنسيق مع الأمم المتحدة ممثلة في «سكرتارية مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وفرقة العمل المعنية بالتنفيذ في مجال مكافحة الإرهاب، وبمشاركة مساعد الأمين العام للأمم المتحدة وعدد من الخبراء والسفراء. الذي افتتحه نيابة عن الأمير سعود الفيصل وزير الخارجيَّة الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجيَّة للعلاقات المُتعدِّدة الأطراف بحضور مساعد الأمين العام للأمم المتحدة وممثلين عن 49 دولة حول العالم و28 مركزًا دوليًّا فاعلاً في مكافحة الإرهاب. حيث قال وزير الخارجيَّة في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه وكيل وزارة الخارجيَّة للعلاقات مُتعدِّدة الأطراف: إن خطر «الإرهاب لا يزال قائمًا»، داعيًا إلى التعاون في هذا المجال وعلى ضرورة مواجهته بكلِّ الوسائل وعلى كافة المستويات المحليَّة والإقليميَّة والدوليَّة. وأضاف: إن «الإرهاب يُهدِّد الجميع دون تمييز»، مؤكِّدًا على ضرورة بناء القدرات ومواجهة الفكر المتطرف، وتحصين المجتمع، وإعداد المشروعات التي تقوّض مخططات الإرهابيين من خلال تفعيل التنسيق والمشاركة بين المراكز المتخصصة في مجال مكافحة الإرهاب. وقد هدف المؤتمر إلى دعوة المراكز الدوليَّة والإقليميَّة والوطنيَّة الفاعلة والناجحة في مجال مكافحة الإرهاب وجمعها تحت مظلة مركز الأمم المتحدة، ومناقشة سبل التعاون بين جميع المراكز الدوليَّة المشاركة، واستعراض قدراالمراكز المختلفة ومجال تخصصها والطرق الناجحة التي يستعملها كل منها في مجال مكافحة الإرهاب، وعرض المشروعات التي يعمل عليها مركز الأمم المتحدة ودعوة جميع المراكز المشاركة إلى المشاركة في تحسينها والتعاون معها كل في مجال تخصصه، والتَّوصُّل إلى توصيات محددة لتحسين مس توى التعاون بين المراكز المختلفة عن طريق مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بوصفه المركز الوحيد المعتمد من الأمم المتحدة. وبالرغم من كل ذلك فإنَّ مكافحة الإرهاب تتطلب جهودًا حثيثة ومتواصلة ومشاركة فكرية مساعدة للجهود الأمنيَّة المميزة ووضع إستراتيجية طويلة المدى لمكافحة الفكر المنحرف المتطرف الظلامي وهو ما أكَّد عليه خادم الحرمين الشريفين -وفَّقه الله- الذي طالب فيه زيادة جهود العلماء وأهل الفكر في إنكار الباطل وإيجاد الحدود الناجعة لدحر طلائع الظلام والجهل والله الموفق والحافظ لبلادنا الطاهرة.
خطر الإرهاب على عقيدة المسلمين
الباحث الشرعي الشيخ الدكتور عبد الله المالكي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الطائف قال: إن ما يحدث في المنطقة العربيَّة من ظهور العديد من التنظيمات الإرهابيَّة ما هو إلا نتاج تراكمي لما حدث في العقود الماضية منذ السبعينيات الميلادية، (التسعينيات الهجرية)، حيث حموة الأحداث والاضطرابات السياسيَّة في العالم العربي والإسلامي، التي من أبرزها الصراع العربي الإسرائيلي، الغزو السوفيتي لأفغانستان، حيث ظهر فيها نتوءات لحركات اتخذت من الدين ستارًا في العديد من دول المنطقة، بل وفي العديد من دول العالم الإسلامي، وفتحت مع الأسف الشديد مكاتب لها في بعض الدول، وتركت لها تلك الدول حرية ممارسة نشاطاتها الفكرية، كحركة الإخوان في مصر.
غربة الإسلام.. أداة لشق الصف
وقال الدكتور المالكي: إن تلك الحركات وغيرها فتت في عضد الدول التي تنتمي إليها، وشقت صف الاتحاد الوطني الذي كان منتظمًا في شعوب كل دولة من تلك الدول التي قامت بها تلك الحركات، وكان شعارها الذي تستعطف به كل الشعوب العربيَّة والإسلاميَّة هو: (غربة الإسلام) وأن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء، وكانت تلك الحركات والأحزاب تشحن نفوس الناشئة بالبغضاء والكراهية والحقد على كل الحكومات المحليَّة والعالميَّة، ويوهمون الناس بأنَّهم مضطهدون من دون سبب إلا أنهَّم يقولون ربنا الله، مما حدًا بالشعوب التي ينتمون إليها أن تتعاطف معها، بل وتخولها العمل الإصلاحي المزعوم في مجتمعات تلك البلدان، وتدرجوا حتَّى وصلوا إلى السلطة في بعض الدول كما حصل في مصر وتركيا وشمال إفريقيا، ثمَّ خرجت منهم الجماعات التكفيرية المعاصرة التي عاثت في البلاد العربيَّة والإسلاميَّة بالقتل والتشريد والفساد.
المكفرون من أوساط المُتعلِّمين..؟!
وأضاف الدكتور المالكي قائلاً: إن الخطر الحقيقي للإرهاب يكمن في الأوطان كلّّها بما فيها مملكتنا العربيَّة السعوديَّة الآمنة المطمئنة في عدَّة مجالات الخطر الأول على عقيدتنا الإسلاميَّة السمحة: فهم يكفرون حكام ومجتمعات المسلمين: بدعاوى وشبه كثيرة يعتقدونها نتيجة جهلهم المركب بفهم النصوص الشرعية وفهم دلالاتها اللفظية، فلا يعرفون العام من الخاص من النصوص، ولا المطلق من المقيد، ولا المجمل من المبين، ولا الناسخ من المنسوخ، ولا أبسط قواعد اللغة في دلالات فهم واستنباط الأحكام الشرعية: (دلالة العبارة- دلالة الإشارة- دلالة المنطوق- دلالة المفهوم...الخ) حيث إن أغلب هؤلاء من أوساط المُتعلِّمين، أو أقلهم، علمًا من حيث المستوى العلمي التحصيلي. فهؤلاء أكثرهم من رواسب مراحل التَّعليم العام أو العالي، ولجهلهم المركب كفروا علماء الدول وحكامها، وحكموا بتكفير أعضائها بأعيانهم، وكفروا بقية أفراد النظام حتَّى وصل بهم الغلو إلى تكفير أعيان الشرط ورجال الأمن بشبهة أنهَّم أعوان النظام الكافر، وقد سوغ لهم هذا الفكر المنحرف استباحة دماء المسلمين من رجال الأمن والشرطة، فسفكوا دماءهم ظلمًا وعدوانًا. واشتط فكرهم المنحرف فكفروا عموم المسلمين بحجة أن من لم يكفر الكافر فهو كافر، دون أن يلتفتوا إلى شروط التكفير وموانعه، ودون أن يلتفتوا إلى أقوال أئمة العلم قديمًا وحديثًا، بل أنهَّم جعلوا الوطن دار حرب فاستهدفوا الآمنين والمفاصل الاقتصاديَّة والمواقع الإستراتيجية، والمرافق العامَّة للوثة في عقولهم جعلتهم يسترخصون الأرواح ويستبيحون الأموال، دون مبالاة، ودون وازع من دين أو ضمير في ذلك فأين الدين الذي يزعمون أنهَّم يدافعون عنه، وهم يسفكون دماء المسلمين؟! والعجيب أن أحدهم لو سُئل عن حكم شرعي جزئي لنصح السائل بسؤال أهل العلم الموثوقين في دينهم المعروفين بعلمهم وأمانتهم. تساهل في الدماء والأرواح، مقابل تحرٍ ودقة زائدة في المسائل الفرعية الجزئية.
خطرهم على الوطن واستقراره
ولفت الدكتور عبد الله المالكي إلى أن الخطر الثاني يتمثَّل في الخطر على الوطن ووحدته ومنجزاته، فهم بهذا الفكر الضال ينفذون مخططات أعداء الأوطان بتمزيق وحدة شعوب كل مجتمع وكل دولة، ويدمرون بنيته التحتية والتنموية، وتأمل حالهم الآن حيث بات ولاء هؤلاء لجهات خارجية تستخدمهم ـ من حيث شعروا أم لم يشعروا ـ أدوات لهدم الدار فوق رؤوسهم ورؤوس أبناء جلدتهم من المسلمين. وجعلوا طاعتهم وولاءهم كذلك لأشخاص يحركونهم بالخطابات الحماسية والرسائل الإنترنتية والعبارات المشفّرة، عبر قنوات عميلة ومواقع مشبوهة، ولا يُعرف هؤلاء بعلم ولا فقه ولا حرص على مصالح الأمة وقضاياها. ولا يرون في أعناقهم بيعةً لولاة الأمر، ولا يعتقدون بوجوب طاعتهم في غير معصية الله، ولا يتبعون منهج النصح والدُّعاء لهم. فينبغي الحذر منهم كل الحذر فالدين السمح يُهدم بالأفكار الضالة المنحرفة التي جعلت العالم يكره دين الإسلام لتشويهه بهذا الشطط والغلو، ثمَّ إن الوطن له حق الولاء والانتماء، فهو مهبط الوحي ومنبع الرسالة وحمايته من كل ما يكدر صفوه واجب على كل أبنائه بحسب تخصصاتهم العلميَّة والعملية، فكل منهم على ثغرة من ثغور الوطن ليبقى أمنًا مستقرًا رخاءً سخاءً بعيدًا عن الفتن والملاحم وسفك الدماء.
المملكة قادرة على دحر الإرهاب وردع الإرهابيين
وقال: إن مملكتنا العربيَّة السعوديَّة محفوظة بإذن الله بثوابت لا تتغيَّر في كلِّ مراحلها وتطورها، وذلك بفضل الله أولاً، ثمَّ بحكمة ورجاحة عقول ملوكها وولاة الأمر فيها على مرِّ العصور، وبصدق علمائها، وتعاون مواطنيها وحبهم الكبير لبلادهم والحرص كل الحرص على أمنها واستقرارها ورخائها، وذلك لعلمهم المسبق أن أجدادهم قبل توحيد الملك عبد العزيز عليه رحمة الله هذا الكيان الكبير كانوا أشتاتًا وقبائل متناحرة عبر رمال الصحراء وسهول الأودية وقمم الجبال حتَّى أشرق الفجر وتجدد التوحيد وكمل التوحد على يد الملك الإمام رحمه، وجعل دستورها كتاب الله وسنَّة رسوله. وعلى ذلك لم تسلم على فترات مُتعدِّدة من أذية الإرهاب وتجاوزاته على مرِّ العقود الماضية، فالمملكة جزء من العالم لا يمكن أن ينفك عنه بشريًّا واقتصاديًّا وعلميا، وكل منشط من مناشط الحياة، وبالتالي فهي تعاني مما يعاني منه العالم إلا أنَّه بفضل الله، ثمَّ بحنكة ولاة الأمر والتفاف الشعب حول قيادته وعلمائه المخلصين استطاعت أن تدحر الإرهاب مرارًا عديدة وهي بإذن الله قادرة على دحره في الحاضر والمستقبل كما دحرته في ماضي السنين.
رسائل خادم الحرمين
وشدد المالكي على أن أهم ما يستوجب علينا كأفراد ومؤسسات في هذه البلاد لتفادي هذا الخطر الداهم هو التفافنا حول قيادتنا وعلمائنا المخلصين للوطن والمواطن، فهذه أرض الإسلام ومهبط الوحي ولا مجال للعبث بأمنها ومقدراتها من أيّ جهة كانت، حتَّى ولو كان ذلك من أبنائها، فإنَّه يؤخذ على يد السفيه منهم العابث بأمن البلاد ومقدراتها. وأضاف لقد لخص أحد الكتاب قبل أيام- لا أذكر اسمه الآن- تحليل عميق لكلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز» - حفظه الله- حيث كان تحليله منطقيًا وعقلانيًا جدًا قال: الملك عبد الله يعطي الدرس تلو الدروس، فهو في عتابه الأبوي قبل أيام حينما استقبل في مجلسه عددًا من العلماء والمشائخ أرجع تأخر العلماء والمشايخ عن تناول الأخطار المحدقة بالمملكة، وتعاطف بعض أبنائها مع تنظيمات تكفيرية كفرية، وانضمامهم إلى أنشطتها، أرجعه للكسل، وليس لأن العلماء بعضهم راضون عن ذلك الفكر لا قدر الله، ومن يقرأ رسالة الملك عبد الله بتمعن يجد فيها الرسائل الأبوية التالية:
أولاً: إن الأخطار محدقة ولا مجال للمجاملة والانتظار و»الكسل» والتسويف أمامها.
ثانيًا: إن من لا يقف مع المملكة وطنًا ومستقبلاً فلا مكان له معنا في سفينة النجاة.
ثالثًا: إن البقاء على الحياد هو وقوف مع الشر والظُّلم والتآمر، وليس مثالية تدعى، ولا تمهلاً يبتغى.
رابعًا: إن هؤلاء الشباب الذين يتم استقطابهم وإرسالهم إلى مواقع الفتن لم ترسلهم مخلوقات فضائية، بل أرسلهم تأثرهم بدعاة ووعاظ هم جزء من الجسم الوعظي والدعوي في المملكة، وعلى كبار المشايخ ردعهم وإيقافهم عند حدهم فمصلحة الدين في أن تكون الفتن في منأى عن هذه البلاد المقدسة.
خامسًا: إن من يحرّض ويقف ويتآمر ضد مواقف المملكة لحماية نفسها، وحماية شعبها ومقدساتها هم أيْضًا دعاة فتنة في غالبيتهم فينبغي الحذر منهم.
وأخيرا: فإنَّ الوقت لا يزال في يد الدولة تستطيع أن تتحرك لوحدها لو لزم الأمر، وهو ما فعلته خلال الأخطار المحدقة التي مرت، فالجميع يلحق بها ولن تنتظر أحدًا أرهقه الكسل أو أقعده التآمر والأمنيات، فالوطن فوق الجميع، وأهم حتَّى من المجاملات والاحترامات التي لا تُقدر.
العقيدة الفكرية هي الخطر الحقيقي
فيما أكَّد الأستاذ الدكتور فهد الجهني أستاذ الدراسات الإسلاميَّة بجامعة الطائف؛ أن المنطقة العربيَّة خصوصًا والعالم بشكل عام تمر بمرحلة استثنائية ومعقدة ومخيفة، وقال: لا أظن أن الأمة مرَّت بفتنِ وإشكالات مثل ما تمر به الأمة في هذه الأوقات! فتنٌ وحروب تنظيمات وتحزبات، في الشرق والغرب في الشام واليمن. في ليبيا والعراق! فالوضع بشكل عام مخيف ويُنذرُ بنتائج سيئة، وأرى أن الحذر كلّ الحذر هو الواجب على مستوى الدول والأفراد في هذه الأيام، ولفت إلى أن الخطر الحقيقي للإرهاب ـ في ظني ـ ليس في العمليات التخريبية أو العسكرية التي تنفذ بين حينٍ وآخر؛ والتي يُمكن التصدي لها أو مراقبتها أو تحييدها أو إنهائها على الأرض! إنما يتمثَّل في هذا الفكر والمُعتقد الذي تحمله وتتبناه وتنطلق منه هذه التنظيمات، (العقيدة الفكرية) هي الخطر الحقيقي!! هذه العقيدة هي التي تُؤثِّر في توجُّهات وأفكار شبابنا المُغرّر بهم، وتدفعهم بكلِّ جهلٍ وحماسٍ إلى الهلاك! لا بُدَّ أن نضع ذلك في الحسبان، لماذا تُؤثِّر هذه التنظيمات؟ وكيف؟ ما جذورها الفكرية؟ فهذه البلاد، بلاد الحرمين المملكة العربيَّة السعوديَّة، محفوظةٌ بحفظ الله، هذه بلاد طاهرة مُقدسة تهوي إليها أفئدة الملايين وتتوجه إلى قبلتها المليارات كل يوم خمس مرات، فهي عصيةٌ أبية على كل حاقدٍ وحاسد وقد وفق الله الجهات المعنية في هذا الوطن للتصدي لهذا الإرهاب الخبيث، وبكل اقتدار ومهنيةٍ عالية، على المستوى الميداني وعلى المستوى الفكري كذلك إلى حدٍ ما. حتَّى أصبحت المملكة نموذجًا يحتذي في التصدي للإرهاب بكلِّ صوره وممارساته.
خادم الحرمين دق جرس الإنذار
وأضاف الدكتور الجهني بأن الكلمة التي صدرت من خادم الحرمين، تعتبر كلمةُ مسؤول يعي تمامًا الخطرَ الحقيقي، ويعرف بواطن الأمور، ويحسن تقدير الوضع المحلي والعالمي بكلِّ شجاعةٍ ووعي. لذلك دقّ الملك الجرسَ وبصوتٍ عال وبكل شفافية. وقال: إن هذه الفتنُ والقلاقل التي تحدث حولنا، لسنا بمعزلٍ عنها، بل يصطلي بنارها وشررها كلُّ من جاورها! انعكست هذه الأوضاع علينا في الداخل، أعداد من شبابنا تأثروا وأصبحوا حطبًا ووقودًا لحروب لا ناقةَ لهم فيها ولا جمل.. ولم تجب عليهم شرعًا، وعصوا ولاة أمرهم وأدخلوا الهمّ والخوف والحزن على قلوب أمَّهاتهم وآبائهم، فوقعوا من حيث يجهلون أو لا يجهلون في كثيرٍ من المخالفات والشرور! وأصبحوا يُستخدمون من قِبل هذه التنظيمات المشبوهة أو المجرمة كداعش، يُستخدمون كأدوات للقتل وسفك الدماء، ومنْ تورّط في سفك الدماء المعصومة فقد تورط ورطةً عظيمة، وخاب وخسر في الدنيا والآخرة، كيف لا وربُّ العالمين يقول وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً .
عمل مؤسسي ضد الإرهاب
يضيف الدكتور الجهني: من أولويات المرحلة ومن أهم الواجبات، أن يكون هناك عمل مؤسسي كبير وعلى درجة عالية من الوعي والمصداقية والعلم والمنهجية والديمومة، ترعاه جهات علميَّة عليا، للقيام بأمور مهمة وأولية منها:
1ـ دراسة الوضع التي تمرُ بـه المنطقة من جهة الوقوف على حقيقة هذه التنظيمات، حتَّى نصل لمرحلة دقيقة من فَهم الواقع الحالي.
2ـ رصد المنطلقات الفكرية وكشف أغوار العقيدة التي تنطلق منها وتدعو إليها هذه التنظيمات الإرهابيَّة، التي تُؤثِّر من خلالها على الآخرين.
3ـ السماع والجلوس مع نماذج من هؤلاء الشباب الذين سبق لهم التأثُّر بهذه الأفكار (ثم عادوا أو تابوا) للوقوف الحقيقي على حقيقة الأمر، وما الوسائل التي استخدمت للتأثير عليهم.
4ـ إعداد خطة منهجية علميَّة للتصدي لهذه الشُبه والأفكار الضالة، وتفكيكها، والرد عليها بأجوبةٍ مقنعة ووافية وصادقة.
5ـ فتح أبواب الحوار الجاد والصادق والمُقنع مع الشباب، واختيار شخصيات مقبولة ذات علمٍ وحكمة وخبرة من العلماء والدعاة والتربويين والمثقفين، للمشاركة في هذا العمل والجهد الفكري الدقيق والمهم.
الإرهاب قضية دوليَّة
ولفت الجهني إلى أن الإرهاب قضية دوليَّة، ولادينَ له، وأن من أبرز الأمور المُثيرة له بين حينٍ وآخر، هو ما يحصل ويقع في العالم من بعض القوى منْ ظلمٍ واعتداء واحتلال، هذا الجو المشحون الغارق في الظُّلم وانتهاك حقوق الإنسان في أماكن كثيرةٍ من العالم، وأكثرها مع الأسف تُمارس ضد عالمنا العربي، هذا الجو يُقدّم بيئةً خصبة لنمو الأفكار المنحرفة التي تنتج مع الزمن فكرًا وعملاً إرهابيًا! بما أن النظام الدولي والعالمي غير قادر أو لا يُريد أن يكون منصفًا وعادلاً في تعامله مع الجميع، فإنَّ قضية وهمّ ومشكلة الإرهاب ستبقى مخيمة على العالم، لذلك لا بُدَّ لنجاح معالجة أيّ مشكلة أن نتلمسَ أسبابها أولا قبل كلِّ شيء ومن هنا يبدأ العلاج، ومن الخطأ أن ننظر للنتائج والآثار ونترك الأسبا.
الخطاب الملكي.. وثيقة تأريخية
فيما عدّ الكاتب المعروف الأستاذ صالح مطر؛ أن ما يجري اليوم من أحداث ومنظمات إرهابية ما إلا انفلات لفئة من المتشددين الذين سعوا إلى تأسيس العديد من المنظمات والأحزاب وفق أطر سياسيَّة وليست دينية تديرها أياد خفية تعمل لمصالح دول معادية للإسلام والمسلمين وهدفها تفكيك العالم العربي ومن ثمَّ العالم الإسلامي، وقال: لقد ظهرت مؤخرًا إحصائيَّة تقول: إن عدد المنظمات الإرهابيَّة في العالم بلغت 85 منظمة نصفها عربيَّة تعمل باسم الإسلام والإسلام منها براء، ولو نظرنا إلى عناصر هذه المنظمات لوجدنا أن الغالبية العظمى من أعضائها متوسطي التَّعليم وليس لديهم تعمق في الأحكام الشرعية، فهم تكفيريون لكل من يكون ضدهم في الفكر والتوجُّه وأغلبهم من الشباب دون العشرين لأن هذا السن قابل لتنفيذ ما يُطلب منه ولا تجد بينهم كبار في السن إلا القليل جدًا ممن اتبعوا فكرًا ضالاً كفر العلماء ورجال الدين وولي الأمر، وطبقوا قاعدة إن لم تكن معي فأنت ضدي.
تمزيق الأمة
وأكَّد مطر بأن المخاطر التي تواجه العالم الإسلامي كبيرة فهذه المنظمات أو التنظيمات تسعى إلى تمزيق الأمة الإسلاميَّة لإضعافها ومن، ثمَّ إضعاف الإسلام وهذا ما يهدف إليه الغرب، والسعي إلى تنصير كثير من شعوب الدول الإسلاميَّة وخصوصًا الدول الفقيرة التي يسهل العمل على التنصير فيها، وكما نعلم جميعًا أنَّه إذا تحقق لهم ذلك فإنَّه سيسهل عليهم غزو ما تبقى من الدول بحجة القضاء على الإرهاب، ويثبت ذلك الإعلام الغربي الذي يبث سمومه شرقًا وغربًا وكذلك الإعلام العربي الذي تحالف مع قوى الشر. أما المملكة العربيَّة السعوديَّة التي تنعم - والحمد لله - بالأمن والاستقرار فهي المستهدف الرئيس لأنّها محط أنظار العالم بأكمله ففيها بيت الله الحرام ومسجد نبيه صلَّى الله عليه وسلَّم وهي غنية بمصادر الطاقة وبعض الثروات الطبيعيَّة الأخرى، إذن فهي مطمع لكل الدول الكبرى، ولكن الله سيحميها طالما تمسك أبناؤها بالشريعة الإسلاميَّة، والحمد لله أن أبناء هذا الوطن حتَّى وإن ظهر بينهم بعض الشواذ إلا أن أمن الوطن لا يمكن أن يُسمح باختراقه، وتقع علينا جميعًا المسئولية للحفاظ على بلادنا بمنأى عمَّا يدور حولنا فالكل مطالب بالإبلاغ عن كل ما يراه مخالفًا سواء اجتماعيًّا أو دينيًا، ويجب أن نفعل القول الذي نردده دائمًا بأن المواطن رجل الأمن الأول والأمة لا يرفعها إلا أبناؤها ولا يذلها إلا أبناؤها.
يتآمرون ولكنهم يفشلون
وأضاف قائلاً: لقد تعرَّضت المملكة وما زالت تتعرض ولن يتوقف المرجفون عن هذا المشروع الإرهابي العالمي، الذي يسعى إلى تمزيق وحدة الصف ولكن الله وعد عباده الصالحين بالنصر فقال سبحانه (ولينصرن الله من ينصره)، والمملكة محسودة من دول العالم لما تمتلكه من قدرة على دحر هؤلاء الإرهابيين، فقد أفشلت مخططاتهم وفرَّقت جموعهم ولم يقتصر الأمر على داخل المملكة فقط فقد كان لها الفضل بعد الله في كشف كثير من المؤامرات والمخططات في بعض الدول الأخرى ومنهم من استجاب وبقي في مأمن من المؤامرات ومنهم من لم يستمع إلى النصيحة فأوقع نفسه فريسة للأعداء فكان لهم ما أرادوا، والمملكة منذ زمن طويل تُحاك ضدها المؤامرات ولكن ما تلبث أن تفشل والحمد لله ومن كان الله معه فلن يُهزم، ولننظر إلى كثير من الأمور التي يوهمنا بها الغرب بأننا مظلومون وأن الشعب لم يأخذ حقه ويجعلونها قضايا مهمة بينما قضايا هامشية ومنها قيادة المرأة للسيارة والاختلاط وغيرهما، ونسي أولئك أن الشعب الذي يريدون تغيير سلوكه قد تشبع بالإيمان وحب قيادته ووطنه ولن يستطيع كائن من كان اختراقه.
تحذير خادم الحرمين
وقال صالح مطر: لقد حذّر خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله- العالم في أكثر من مناسبة من توسع الإرهاب وانتشاره وأن الجميع سيكتوي بناره التي لن ترحم أحدًا، لكن العالم كان في غياب تام، بل إن عدم الاستجابة لنداءته - حفظه الله- كان وراءها ما وراءها من تخطيط لنشر الفوضى في ربوع العالم العربي، وكلمته الأخيرة كانت واضحة وصريحة وذات دلالات ومعاني كبيرة قد يجهلها الكثيرون، لكن الغرب أخيرًا تفهم أن الإرهاب ليس له وطن وأنه اليوم هنا وغدًا في موقع آخر وسيكتوي بناره الجميع سواء الذين خططوا له أو الذين خُطط لهم، لقد حذّر - حفظه الله- الأمة مما يحيق بها من مخاطر وما يعتريها من محن ووضع الجميع أمام مسؤوليتهم أمام الله عز وجل، في ترسيخ سماحة الإسلام المستمدة من القرآن الكريم ومن السنَّة النبويّة المطهرة، واستنهض خادم الحرمين الشريفين أولئك المخلصين من أصحاب الضمائر الحية والوجدان اليقظ من قادة وعلماء الأمة لأداء واجبهم في التصدي لكثير من الفئات التي ضلت الطريق بانحرافات عقدية وفكرية أدت والعياذ بالله إلى سفك الدماء وقتل الأبرياء، وكلمته دليل على ما يحمَّله وجدانه من غيرة على هذا الدين العظيم ومن حس وطني تجاه قضايا أمته، وتُعدُّ بحق وثيقة تاريخية ورسالة سامية تمثِّل ضمير الأمة، وتعكس ثوابت الدولة أعزها الله وقد جاءت في الوقت المناسب.
المركز الدولي لمكافحة الإرهاب
وأضاف بأن دعوة المملكة إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب لم تلق الترحيب من الدول التي تتبنى الإرهاب وتعمل على خلخلة أمن الشعوب حتَّى وإن أعلنت تأييدها في بادئ الأمر لكن ذلك التأييد مبطن فهم لا يريدون هذا المركز في هذا الوقت لأنَّه سيفسد عليهم مخططاتهم، حتَّى إن أمين عام الأمم المتحدة رحب بفكرة المركز لكن الأمم المتحدة لم تتبن هذه الفكرة ولم تعمل على تنفيذها، والآن بعد أن قدمت المملكة دعمًا ماديًّا لإقامة هذا المركز أصبحت الكرة في مرمى هيئة الأمم المتحدة لخروجه من مُجرَّد اقتراح إلى واقع ملموس، ولأنه سيفضح جميع المتآمرين وسيكشف كل ما كان يدور خلف الكواليس فإنَّ المتآمرين سيقفون ضده لأنَّه ضد مصالحهم، فهم المنتفعون من هذه الحروب، فهم يبيعون علينا أسلحتهم لنقتل بعضنا، ولن يعترفوا بحقيقة الإرهاب حتَّى يكتوون بناره، وعند ذلك سيتسابقون إلى دعمه، وأرى أن تقوم المملكة بدور فعَّال في هذه الخصوص وأن يَتمَّ التنسيق مع بعض الدول التي تضررت من الإرهاب أو اتهمت أنها وراءه حتَّى يتكاتف الجميع للضغط على الدول العظمى لتنفيذ الفكرة وتحقيق النجاح لها.