الزميل فهد الجليد في مقالته النقد والفشل التي علق فيها على رد معالي رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الأستاذ عبد الرحمن الهزاع على أحد الكتاب الذين تناولوا موضوع ذهاب الدوري السعودي إلى قناة الـ(ام بي سي) أوجب عليَّ الاجتهاد بالمشاركة في هذا الموضوع الذي يحتاج منا جميعاً إلى العقلانية وضبط النفس والوقوف على أرض صلبة، وذلك في حال كنا جميعاً متفقين على أن التلفزيون السعودي هو تلفزيون الوطن.
لو تتبعنا بعضاً مما أورده الجليد في مقالته لوجدنا أنه إلى حد كبير يطابق ما عناه الهزاع في رده, وهذه حقيقة هي لغة الغيورين على وطنهم ومقدراته, لكن ما يؤخذ على الجليد أنه أنكر على الهزاع الرد وفي الوقت نفسه أخفى أهم ما ارتكز عليه الهزاع في رده مما أتى في المقالة الأولى للكاتب الذي فعلياً لم يهاجم التفلزيون السعودي بل قصفه بعبارات لا يمكن أن نقبلها ولا نهضمها، وأهمها تلك التي أعلن فيها عن إصدار شهادة وفاة التلفزيون السعودي. ولكي تكون الصورة واضحة أعيد ما قاله الكاتب حرفياً: «بقصد أو غير قصد وقعت على شهادة وفاة التلفزيون السعودي», وطبعاً يقصد الكاتب توقيع الـ(ام بي سي) على عقد نقل الدوري السعودي. لكن السؤال: ماذا يعني في كلمة بقصد أو غير قصد؟ هذه أتركها للجليد ليفسرها لأنها قد تحمل من المعاني الكثير وإن كان التفسير أنها مجرد رأي كاتب فسأقبل بهذا الرد!!!!.
الأستاذ الهزاع حين رد في بداية كلامه ارتكز على هذه العبارة والتي أثارت حفيظتنا كلنا، لأنها مصطلح قوي غير مقبول, وأيضاً الهزاع تناول الاتهامات التي وجهها الكتاب من حيث شبهات الفساد وهي اتهامات مباشرة، وأذكر أن الهزاع طلب منه البينة والدليل, وبالتالي فإن ما بين رد الهزاع والمقالة الأولى أمر أراه حيوياً لا يدخل في مجال رفض النقد، بل هناك من اتهم وهناك من وضح ورد. قوة الردود وشدتها نارية أو مائية هذه تعود إلى الفعل الأساسي، وليس من الحكمة أن نحكم على ردة الفعل دون الإتيان على الفعل نفسه. أعجبني الجليد في تناوله لما يجب أن يكون بعد ذهاب نقل الدوري من التلفزيون السعودي الوطني, وأنه وجب علينا المراجعة الذاتية وتقييم العمل وتحسينه وتطويره ومواكبة العصر الحديث. وأضيف على القول هذا بأنه علينا عدم الإكثار من المقارنة بين تلفزيون الدولة الرسمي وبين التلفزيونات التجارية الأخرى، لأن الأهداف والتوجهات والأساليب كلها مختلفة, التلفزيون التجاري يسعى إلى نيل رضا فئة من الجمهور ويركز على زيادة عدد متابعيه من خلال تقديم ما يريدونه, لكنهم ليسوا كل الجمهور بل فئة منه, أما تلفزيون الدولة فهو معني بأن يكون على مسافة واحدة من كافة أبناء الوطن من الصغير للكبير وعليه مراعاة تنوع ثقافاتهم ورغباتهم.
الانتصار إما أن يكون بالحق وإلا فإن الصمت أفضل, إلا الانتصار للوطن فهو واجب على كل الأحوال, والجليد انتصر لكاتب مقالة شهادة الوفاة وكان الأولى به أن ينتصر لكليهما، فلا نهضم حق الكاتب في التعبير عن رأيه ولا نهضم حق الهزاع في الدفاع عن إدارته ولا نهضم حق المواطن في المعرفة. السؤال الذي علينا دائماً أن نطرحه ونسأله هو: لمصلحة من ومن المستفيد؟ وليست بنظرية المؤامرة لكن بنظرية الإيجابية لمصلحة الوطن. كاتب المقالة غرد بعيداً إذ إنه لم يحصر نفسه في مدح الـ(ام بي سي) والمباركة لها بل هو أعلن عن توقيع شهادة وفاة التلفزيون الرسمي كما يقول الهزاع «أبو سيفين ونخلة», (بقصد أو غير قصد), واتهاماته بالفساد يجب عليه أن يقدم الدليل والبينة وإلا صرنا في غابة كل يتهم الكل, نقبلها من مواطن عادي يعبر عن رأيه لكن أبداً غير مقبولة من كاتب أو صحافي أو إعلامي خاصة إذا ما أتيحت له الفرصة أن ينشر مقالاته وآرائه عبر مواقع أخبارية مرموقة.