أشاد عدد من الأكاديميين والمشايخ والمسؤولين بمواقف المملكة الثابتة المؤكدة رفضها وإدانتها للإرهاب والتصدي له بكل أشكاله وصوره، ودورها الكبير في محاربتها للإرهاب، وما يصاحب ذلك الإرهاب من أفكار هدامة واستغلال لبعض عقول الشباب وإيقاعهم في شراكه، ولاسيما أن المملكة لها دور كبير في مكافحة الإرهاب بصوره كافة، والقضاء على جذوره، ونشر سماحة الدين وتعاليمه الرفيعة. لافتين إلى ما قطعته الدولة من جهود كبيرة على الصعيد المحلي والدولي في الوقوف في وجه الفكر المتطرف، والسلوك الإرهابي، وتقديمها كل أوجه التعاون الفعال مع الدول من أجل جعل العالم أكثر سلاماً وأماناً..
إن الإقدام على هذه الجرائم النكراء والتخطيط لها لا يكون إلا من شخص تأصل الشر في نفسه، والعدوان في طبعه، واستولت عليه الغفلة، وانتزعت من قلبه الرحمة، وانعدم ضميره، وتخلى عن دينه وقيمه ومثله، فأشبه بالحيوانات الضارية والوحوش المفترسة.
إن هذه الفئة بأفعالها لا تريد للدين نصرة، ولا للإسلام رفعة، بل تريد زعزعة الأمن والاستقرار، وترويع الآمنين وتخريب المنشآت العامة والخاصة، وتسليط الأعداء على بلاد المسلمين. وليكن ما يحدث في بعض البلدان عبرة وعظة. واختتم فضيلة الشيخ العبدلي: إن موقف المملكة والملك من الإرهاب مثلها مثل غيرها من الدول التي عانت وما زالت تعاني من الإرهاب والإرهابيين، تلك الفئة التي لم تستشعر نعمة الأمن، الذين يريدون لوطننا أن يكون كغيره من البلدان التي تفيق وتنام على صوت المدافع والرصاص والصواريخ. لقد تبنت المملكة العربية السعودية، ممثلة بقائدها خادم الحرمين الشريفين، فكرة إنشاء مراكز تحارب الإرهاب، منها مركز الملك عبد الله لمكافحة الإرهاب. وقد قدمت الدولة مشكورة الدعم المالي السخي له؛ لكي يؤدي رسالته المرجوة منه في تقويض الإرهاب، رغبة منها في حفظ الأمن والاستقرار؛ لكي يعيش الناس آمنين على أعراضهم وأموالهم وممتلكاتهم، ويمارسوا حياتهم بشكل طبيعي.
الدكتور ذياب بن مقبل هارب الشراري من جامعة الجوف أشاد بمحاربة المملكة لقضية الإرهاب، وأكد أنه في الوقت الذي يسود فيه العنف في أجزاء كثيرة من العالم وما تمر به الأمة العربية والإسلامية من أحداث مؤلمة مليئة بالعنف والفوضى والقتل، نرى مملكتنا خالية من العنف بفضل الله أولاً، ثم بفضل السياسة الرشيدة التي تنتهجها القيادة الحكيمة لقائد مسيرة نهضتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - وبُعد نظره واستشرافه للمستقبل، ودوره في الحفاظ على أمن وسلامة وكرامة الوطن والمواطن، واتخاذ الإجراءات كافة اللازمة للحفاظ على تراب الوطن وحماية ثرواته ومكتسباته، وضمان الأمن والاستقرار للشعب السعودي الأبي. وأضاف الدكتور الشراري: نستحضر حكمةً للأب الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - عندما قال: «إن أحب الأمور إلينا أن يجمع الله كلمة المسلمين فيؤلف بين قلوبهم، ثم بعد ذلك أن يجمع كلمة العرب فيوحد غاياتهم ومقاصدهم ليسيروا في طريق واحد يوردهم موارد الخير». وأضاف الدكتور الشراري: لقد تشكلت في عصرنا الحالي بيئة أمنية معقدة، تطور خلالها الإرهاب، وقَويت شوكته، وازدادت شراسة وعنفاً، وتعددت مجالاته بسبب تقنيات الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية التي أحدثت طفرة هائلة في تداول المعلومات، ومن ثم اتسعت دائرة منظومة الأمن؛ لتشمل الأمن المجتمعي والاقتصادي والسياسي والإنساني والبيئي، بجانب الأمن العسكري. وقد أشار إلى ذلك خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - في كلمته للأمة عندما خاطب الشعب السعودي بمناسبة عيد الفطر قائلاً: «علينا أن ندرك أن خطر الإرهاب لن يتلاشى أو يزول في زمن محدد؛ لذلك فحربنا ضده ربما تطول وتتوسع، وقد يزداد شراسة وعنفاً كلما ضاق الخناق عليه، لكننا على ثقة تامة بالمولى - جل وعلا - بأنه ناصر الحق على الباطل لا محالة، ديناً ندين الله به، ويقيننا بأنه سيندحر بعون الله». لقد عبّرت تلك الكلمة الشافية عن ضمير الأمة، وأظهرت حرص القائد ذي النظرة الثاقبة على الوقوف في خندق الحق، وعكست إيمانه الصادق بترسيخ قيم العدل والمساواة والتصدي للأفكار الدخيلة ووأد الفتنة في مهدها وحماية الأمن والسلم العالميين، وصون عقيدة الأمة من الغلو والتطرف ونبذ العنف والكراهية، والوقوف بكل حزم في وجه من يقرؤون القرآنلا يجاوز تراقيهم، ويمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. كما أكدت تلك الكلمة المانعة استمرار القيادة الرشيدة لمملكة الإنسانية في الاضطلاع بدورها الطليعي في توحيد صف الأمة في مواجهة التحديات والمؤامرات والدسائس، وسعيها إلى تقديم الصورة المشرقة للإسلام وشريعته السمحة. وأكد الدكتور الشراري أن ظاهرة التطرف والإرهاب لا دين لها، وقد اكتوى بنيرانها أغلب شعوب العالم في أرجاء المعمورة على مر العصور. يصف أرنولد كريلينستن الإرهاب باعتباره نمطاً من أنماط التواصل العنيف، أو الإقناع الإكراهي، مؤكداً ضرورة تحليل البعدين المكاني والزماني لأي نشاط إرهابي؛ لكي نفهم سبب ظهور أي جماعة إرهابية وأهدافها وآليات عملها. يُذكر أن المملكة سعت جاهدة إلى مد جسور التعاون وتعزيز الروابط مع الدول العربية والإسلامية، وتوحيد صفوفهم، ولمّ شملهم، وحل خلافاتهم، وتحرير أراضيهم، وصيانة حقوقهم، ورأب الصدع في نسيج العديد من البلدان العربية والإسلامية. إن نظرة الأمة الإسلامية للمملكة، باعتبارها قبلة للمسلمين وحاضنة للحرمين الشريفين ومهداً للرسالة ومهبطاً للوحي، يفرض عليها التزامات ومسؤوليات تتمثل في تبني قضايا الأمة وقيادة نهضتها، والحفاظ على لحمة صفها، والذود عن محارمها، وصون كرامتها، ودعم تطلعات شعوبها. وانتهجت المملكة سياسة تهيئة بيئة حاضنة للحوار وتبادل الرأي لإيجاد حلول للمشكلات والتصدي لمصادر الفتنة والشقاق، وإعلاء قيم العدل والمساواة وحقوق الإنسان، والتوافق على نبذ العنف والكراهية والعنصرية. لذلك لا بد من تضافر الجهود، كل في مجاله؛ لنكون درعاً واقيةً، تسهم في حماية أمن الوطن وتعزيز استقراره، ويداً واحدة تقتلع الإرهاب من جذوره، وسداً منيعاً في وجه الطغيان والإرهاب واستباحة الدماء. كما ندعو الله - عز وجل - أن يديم علينا نعمة الأمن والأمان، وأن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل مكروه.
وتحدث رئيس كتابة العدل المساعد بالقريات فضيلة الشيخ محمد بن عنيف الشمري بأن الإرهاب هذا المصطلح الذي انتشر في السنوات الماضية في وسائل الإعلام بكثرة هو عمل تضرر منه الكثير، وما زالوا يعانون. أقصد إرهاب الآمنين إرهاب معصومي الدم، فمُسَمَّى الإرهاب يطلق على جميع الأعمال العدوانية التي تُحدث الخوف في القلوب، والرهبة في النفوس، والاضطراب في الأمن، لكن الذي لا يصح قوله أن يتخذ ذريعة ضد الإسلام وأهله، والدعوة إلى الخير. فالإرهاب صناعة غريبة على المسلمين، أتت من خارج بلدانهم، وهي من صنع أعداء الله الماكرين؛ ليكون ذلك دافعًا لهم للوقوف أمام المد الإسلامي الجارف على مستوى العالم بأَسْره. وأكد فضيلة الشيخ الشمري الدور الكبير والمؤثر لخادم الحرمين الشريفين في بيان حقيقة أن الإرهاب الذي بات يهدد أمن العزل الأبرياء، ويزعزع استقرار بعض الشعوب والدول الإسلامية، ليس من الدين في شيء، ولا يمثل شرع الله، وذلك برعايته لكثير من المؤتمرات العالمية. كما أن بلادنا - ولله الحمد - عزيزة بشرع الله، ثم بحكامها وشعبها الوفي، نسيج متماسك، استطاع دحر الشر، والانتصار عليه. وفي كل يوم يظهر فيه خادم الحرمين على الأمة الإسلامية عامة وعلى شعب المملكة خاصة فإن كلماته تلامس القلوب قبل الأذان، ناصحاً للدين وأهله، يوصيهم بالتمسك بالدين الحق.. يشحذ هممهم بأن يطردوا الكسل، وأن يعملوا بما علموا، يحذرهم من مخططات أعداء الدين، ويكشفها لهم. وعلى الصعيد الأمني فدعم خادم الحرمين مذكور مشكور ملاحظ لكل أحد. وفي ختام الحديث أسال الله بمنه وكرمه أن يجعل بلادنا وجميع بلاد المسلمين في أمن وسلام واستقرار، وأن يوفق خادم الحرمين لكل خير، وأن يدحر أهل الشر ومن يعينهم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
فضيلة الشيخ عمر بن عبدالله الثويني إمام وخطيب جامع سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز المحاضر بجامعة حائل ذكر أنَّ أصقاع المعمورة تموج بالصراعات والمتغيرات والاضطرابات، فأضحت الفتن يشعل فتيلها أعداءُ الإسلام من خلال حروبٍ طائفية، ونزاعات حزبية، وفتن داخلية وخارجية تهدد العالم بأسره، بما تحمله من خطر الإرهاب وأهله؛ لتشوه بذلك دين الإسلام، وتقطِّع أوصاله، وتوسِّع مساحة التفرُّق والشتاتِ واليأسِ والذِّلة والصَّغارِ. فالإرهاب بمفهومه القائم ما هو إلَّا صنيعة استخباراتٍ دولية يهودية معتدية غاصبةٍ، أو نصرانية ظالمةٍ، أو إلحادية كافرةٍ، أو إقليمية رافضية مجوسيةٍ، يُسْعرُ ضرامَ نارها خوارج ضالون وشبابٌ جاهلون وسفهاءُ أحلام باتوا عملاء لأعداء الدِّين، شعروا أم لم يشعروا، فكفَّروا المجتمعات المسلمة، واستباحوا الدِّماء المعصومة، وخرجوا على أهل الإسلام، وتركوا أهل الأوثان. إذن، الإرهاب على ضربين: دولي يمارس القتل والتشريد والإبادة للأطفال والنساء والشيوخ بأبشع صوره، ويُبَارِك ويؤازرُ من يفعله، وليس ما يحدث في بلاد المسلمين كالشام وفلسطين والعراق وغيرها إلا خير برهان وشاهد. والضرب الآخر هو: إرهاب المنظمات الفكرية والهيئات المختَرقة التي نشأت على ضلال، واستقطبت الجهلة، وشذَّت عن جماعة المسلمين، فشقت الصفَّ، وأعْمَلَتْ مِعْوَلهَا في بناء الأمة الإسلامية كداعش والقاعدة ومن يسير خلفهم من الجماعات والأحزاب الضالة المضلَّة التي تشكك في أصول ومبادئ الدين، ويزجُّون بالصغار إلى مواطن التناحر والتنازع والاقتتال. وتالله ما هذا هو الجهاد الذي شرعه الله سبحانه، وأمر به رسوله عليه الصلاة والسلام. ومن كان شاكًّا في ذلك فليقل لي أين هو المكان الذي ظهرت فيه القاعدة فانتصر وعلا شأنه؟ والآن وليدتها داعش. وصدق من قال: إنَّ العَصَا مِنْ هذه العُصَيَّة لا تلدُ الحيَّة إلَّا حيَّة. وأكد فضيلة الشيخ عمر الثويني أن أصدق من ذلك قوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ}، وقوله سبحانه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِه أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَة أو يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، وغير ذلك من الآيات. يا شباب الأمة، الجهاد المزعوم من خوارج العصر جمعوا فيه بين الطوَّام كلِّها: أولاً: الجهل في الدين، فتشبثوا بالشبهاتوالشاذِّ من الأقوال، ونزَّلوا الآيات والأحاديث على غير منزلها، وابتدعوا في دين الله. ثانياً: فساد الاعتقاد، فكفَّروا أهل الإسلام، وخرجوا على المسلمين وأئمتهم، واتبعوا الأهواء. ثالثاً: فساد الأعمال والأخلاق والفطرة، فسفكوا الدماء، ونفَّروا من الدين، وأظهروا السباب والشتم، وتعاملوا بالخيانة والسرقة والكذب والخديعة، وتعصبوا للخلق، ولم يتعصبوا للحق، بل صدُّوا عنه. ويكفي في وصفهم ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكتفي بحديث واحد لضيق المقام. ففي صحيحَي البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّه قال: «بَعَث علي رضي الله عنه - وهو في اليمن - إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذُهَيْبَة في تُرْبَتِهَا، فقَسَمها بين الأقرع بن حابس الحنظلي، ثم أحد بني مجاشع، وبين عيينة بن بدر الفزاري، وبين علقمة بن علاثة العامري، ثم أحد بني كلاب، وبين زيد الخيل الطائي، ثم أحد بني نبهان، فتغيظت قريش والأنصار، فقالوا: يعطيه صناديد أهل نجد ويدعنا، قال: (إنَّما أتألفهم). فأقبل رجلٌ غائر العينين، ناتئُ الجبين، كثُّ اللحية، مشرفُ الوجنتين، محلوقُ الرأس، فقال: يا محمد، اتق الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (فمن يطيع الله إذا عصيته، فيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنونني)؟ فسأل رجل من القوم قتله - أراه خالد بن الوليد - فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما ولَّى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ من ضِئْضِئِ هذا قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرُقون من الإسلام مُروق السَّهم من الرَّمِيَّة، يقتلون أهلَ الإسلام ويدعون أهلَ الأوثان، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد)».
وأخيراً، لا يخفى على كلِّ ذي لبٍّ جهود المملكة في التصدي للإرهاب ومحاربة أهله، بدءًا من خادم الحرمين - وفقه الله لطاعته - ومروراً بجميع الأجهزة الحكومية الأمنية والمدنية. ويظهر جلياً دور العلماء وأهل العلم في ذلك. ووصولاً إلى جميع أفراد المجتمع في هذه البلاد المباركة. وما هذه الُّلحمة إلا لأنَّ الجميع يعرف خطورة الأفكار الهدّامة على الشعوب والأفراد. ولن يكفي في هذه العجالة ذكر ما تمَّ من إنجازات لصدِّ الشرِّ وأهله، ولكن سأذكر من ذلك على سبيل المثال لا الحصر: أوَّلاً التحصين الفكري للمجتمع من خلال التثقيف وبرامج التوعية وعقد الندوات والمؤتمرات واللقاءات الفكرية وإدراج ذلك في المناهج وصدور الفتاوى والإرشاد من خلال المنبر وجميع المؤسسات العلمية والإعلامية. ثانياً: احتواء من تأثر بهذه الأفكار وعرضه على لجان للمناصحة ومناقشته من علماء وخبراء ومستشارين نفسيين ومن ثبتت توبته يطلق سراحه ويدمج في المجتمع. ثالثاً: الحكمة في التعامل مع المنخدعين بالأفكار الإجرامية وإبعادهم عن مواطن التأثر والتأثير. رابعاً: الضرب بيد من حديد على كلِّ من ثبت تورطه وإفساده وكان رأساً في عمليات تخريبية وإزهاق لنفوس بريئة. خامساً: مواساة كلِّ من تضرر من أعمال المخرِّبين الإجرامية معنوياً ومادياً. وغير ذلك.
واختتم فضيلة الشيخ الثويني: أوجِّه دعوتي لجميع أطياف المجتمع بأن يتقوا الله في دينهم وأمنهم وبلادهم وأوطانهم ومقدَّراتهم، ولا يكونوا أبواقاً لمخططات إفسادية. ومن ذلك الإعلام، لا يحارب الدِّين، وينقض عرى الإسلام، وينخر في المجتمع باسم التحرر والبُعد عن الإرهاب، وهو بذلك يوجد إرهاباً من نوع آخر؛ إذ البعد عن الدِّين هو من أهمِّ مسببات الإرهاب ووجوده.
حفظ الله العباد والبلاد من شرِّ الأشرار، وكيد الفجَّار، وشرِّ طوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن. وصلَّى الله وسلَّم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فضيلة الشيخ محمد بن صالح الشراري مدير المعهد العلمي بالقريات قال: الحمد لله القائل {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمنا وَارْزُقْ أَهْلَه مِنَ الثَّمَرَاتِ}. والصلاة والسلام على رسول الله القائل: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»، وعلى آله وأصحابه وسلم يا رب تسليماً كثيراً إلى يوم الدين. أما بعد: إن تقدم الأمم والمجتمعات ومبعث أمنها واستقرارها مرهون بسلامة عقول أفرادها، ونزاهة أفكار أبنائها، ومدى ارتباطهم بمكونات أصالتهم، وثوابت دينهم، وأساس حضارتهم وأئمتهم وولاة أمورهم وعلمائهم، كما قال صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله - كلمته المشهورة في اجتماع الدورة (24) لمجلس وزراء الداخلية العرب المنعقد في تونس يوم الثلاثاء 11-1-1428هـ: «إن ما غزا عالمنا العربي من متغيرات فكرية وتوجهات سلبية يهدف إلى عزل الأمة عن ثوابتها وقيمها الأصيلة والسعي إلى استبدالها بثقافات العنف والتحلل والصراع تحت شعارات زائفة، عملت على نشرها والترويج لها جهات يديرها أشخاص مأجورون أو مغرر بهم أو جاهلون، يتسترون وراء واجهات وأقنعة مختلفة، لا تخفى على ذوي البصيرة والعقول المنيرة». وأضاف - حفظه الله: «المحافظة على أمننا الفكري في محيطنا العربي ضرورة استراتيجية ملحة، ومصلحة عربية عليا، يتوقف على نجاحها في تحقيق لقاء أمتنا العربية متحدة قوية آمنة مستقرة». وأضاف - رحمه الله «أقولها من دون تردد: إن مشكلاتنا وإفرازاتنا كلها - وسمها كما شئت - جاءت من الإخوان المسلمين». إنَّ المتتبع للأفكار المنحرفة، والفئات الضالة، والإرهاب الذي عانى منه المسلمون وغير المسلمين في كل الأوطان، يجد أن أساس هذه الأفكار جماعات استخدمت الدين غطاءً، وألبست تصرفاتها غطاء الشرعية، ومررتها بمصطلحات وشبهات يظنها الناس ديناً. وعلى رأس تلك الجماعات جماعة الإخوان المسلمين الذين نص بيان وزارة الداخلية الموفق عليهم، وما تفرع منهم من تنظيمات. والباحث المطلع على فكر هذه الجماعة منذ تأسيسها على يد مؤسسها حسن البنا، ومروراً بجماعة التكفير والهجرة التي خرجت من رحمها، وتشكلت من أبنائها، وحتى جبهة النصرة والجماعات التي تجرف شبابنا إلى ما يسمى بميادين الجهاد، يجد أن صلتها بتلك الجماعة وثيقة، وأنها تفرعات لهذه الجماعة بصورة أو بأخرى؛ لأن من أسس هذه الجماعة أن الغاية تبرر الوسيلة، وأن ما يحققذه الغاية فهو مشروع ولو كان بالتعاون مع أي مخالف. وتوارد علماؤنا على التحذير منهم. وقد أكد الشيخ الشراري أن ما بينه فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله - عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة العلمية للبحوث والإفتاء عندما سئل: هل هذه الجماعات تدخل في الاثنتين والسبعين فرقة الهالكة؟ قال: «نعم، كل من خالف أهل السنة والجماعة ممن ينتسب إلى الإسلام في الدعوة أو في العقيدة أو في شيء من أصول الإيمان فإنه يدخل في الاثنتين والسبعين فرقة، ويشمله الوعيد، ويكون له من الذم والعقوبة بقدر مخالفته». وسئل: ما حكم وجود مثل هذه الفرق: التبليغ والإخوان المسلمين وحزب التحرير وغيرها في بلاد المسلمين عامة؟ فقال: «هذه الجماعات الوافدة يجب ألا نتقبلها؛ لأنها تريد أن تنحرف بنا فتفرقنا، وتجعل هذا تبليغيًا وهذا إخوانيًا وهذا كذا... لِمَ هذا التفرق؟ هذا كفر بنعمة الله سبحانه وتعالى، ونحن على جماعة واحدة، وعلى بينة من أمرنا. لماذا نستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ لماذا نتنازل عما أكرمنا الله سبحانه وتعالى به من الاجتماع والألفة والطريق الصحيح، وننتمي إلى جماعات تفرقنا وتشتت شملنا وتزرع العداوة بيننا؟ هذا لا يجوز أبداً».
وأضاف الشيخ الشراري: من محاسن شريعة الإسلام أنها جاءت بحفظ الضروريات الخمس (الدين والنفس والنسل والمال والعقل)؛ لما في ذلك من تحقيق مصالح العباد في العاجل والآجل وفي أمور المعاش والمعاد. فحفظ العقل والفكر من ضروريات الإسلام، ومثلها حفظ أمن الأمة أفراداً وجماعات. وشُرعت لذلك العقوبات الزاجرة لمن ينتهك شيئاً من ذلك، قد تصل إلى القتل حداً أو تعزيراً؛ لأنه لا قيمة للحياة بدونها. وقد شاع بين الناس الشهوات والشبهات؛ لذا فإن الحاجة ماسة إلى الحديث عن قضية (خطر هذه الجماعات الضالة وأهمية الأمن الفكري)، ولاسيما في هذا العصر الذي هبت فيه رياح الجنوح عن منهج الاستقامة والوسطية والاعتدال، وتعددت أسباب الانحراف ووسائل الانحلال، وبخاصة في هذا الوقت الذي تمر فيه الأمة بمنعطف خطير في تاريخها؛ ما يحتم على الجميع الوقوف صفاً واحداً ضد أي انحراف فكري، والحفاظ على الأمن الفكري وتحقيقه. ومن ثم فإنني سأتحدث عن دورنا في تحقيق الأمن الفكري في الآتي:
1- ترسيخ العقيدة الإسلامية الصحيحة، والتمسك بثوابتها، وتعزيز قيم الوسطية والتسامح والاعتدال، والعمل على إشاعة ثقافة الحوار، وتقبل الرأي الآخر في المؤسسات التعليمية.
2- تضمين مناهج التربية والتعليم على ما ينمي في الطلاب حب الوطن وضرورة الحفاظ على أمنه وحمايته من أي ضرر أو خطر أو اعتداء.. كذلك تحصينهم فكرياً وأمنياً من أي زيغ وانحراف عن الجادة، مع إبراز خصائص المملكة العربية السعودية الدينية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
3- توعية الناس بأخطار التكفير والغلو في الدين، وأخطار ومضار الإرهاب (الدينية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية والسياسية) وسبل الوقاية منه.
4- قيام المؤسسات التعليمية بما في وسعها لئلا تكون مأوى أو منطلقاً للانحرافات الفكرية والأفكار الضالة.
5- تضمين المناهج الدراسية شرحاً وافياً لأحكام الإسلام ومقاصده فيما يستند إليه دعاة الانحراف الفكري لتبرير أقوالهم وأعمالهم، وبيان منهج الإسلام العادل في تنظيم علاقة الحاكم والمحكوم، وغرس مبادئ الطاعة.