أقام فخامة الرئيس فرانسوا هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية حفل عشاء تكريما لسمو ولي العهد ومرافقيه، وألقى الرئيس الفرنسي خلال حفل العشاء كلمة قال فيها: صاحب السمو يشرفني أن أستقبلكم اليوم في قصر الإليزيه، فسموكم صديق فرنسا، وقد أسررتم لي إبان زيارتي إلى الرياض في العام الماضي بأن أول زيارة قمتم بها إلى الخارج كانت إلى باريس، وكان ذلك في عام 1951م، ولم تتوقفوا منذ ذلك الحين عن التعبير عن تعلقكم ببلدنا في أثناء ممارسة مسؤولياتكم في جميع المناصب التي تقلدتموها، إن سموكم أحد بناة المملكة العربية السعودية وقد قدمتم مساهمة لا تثمن للمملكة في وضعها الحالي.
وأوضح أن المملكة العربية السعودية تمثل شريكا متميزا لفرنسا وقد توثقت عرى هذا التحالف في قصر الإليزيه عندما قام جلالة الملك فيصل -رحمه الله- بزيارة الجنرال ديغول عام 1967، وإن الزمن وتعاقب السلطة لم يزعزع العلاقات بين البلدين منذ ذلك الحين، منوها بعزم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- المعروف للجميع بحكمته ونفاذ بصيرته على زيادة التقارب بين فرنسا والمملكة العربية السعودية وتكثيف عمليات التبادل بينهما في الكثير من المجالات.
وقال: إن أولويتنا تتمثل في إرساء السلام والأمن في الشرق الأوسط التي أصبحت ضرورية الآن أكثر من أي وقت مضى، إذ انتقلت الأزمة السورية إلى العراق وثمة حركة إرهابية تدعي إقامة دولة، وقررت فرنسا أن تساعد العراق على الصعيدين الإنساني والأمني، غير أن هذا الدعم لا يسعه أن يكون فعالا ما لم تتألف حكومة تمثل جميع الطوائف على وجه السرعة تلافيا لتجزئة البلاد، أما في سورية فقد كانت فرنسا والمملكة العربية السعودية واضحتين بشأن خطورة الأزمة، ودعا بلدانا المجتمع الدولي إلى التدخل لكن دعواتهما لم تلب دائما، وهما يدعمان من يحارب الوحشية المزدوجة لبشار الأسد والإرهابيين في الوقت الراهن.
وبيّن أنه فيما يخص الشرق الأوسط فتدعم فرنسا مبادرة السلام العربية التي بلورتها المملكة العربية السعودية عام 2002مـ متطلعا إلى العمل معا على إنعاشها.
وقال: إن تعاوننا السياسي وطيد إلى حد بعيد، إذ تم تعزيزه بتعاون عسكري قيم للغاية، فقد أقام جيشانا أنشطة عملياتية منذ زمن بعيد في مجالات حاسمة لأمن المملكة، وأود أن أتقدم بالشكر إلى المملكة العربية السعودية للثقة التي توليها للخبرة والتكنولوجيات الفرنسية فيما يتعلق بدفاعها الخاص، وأيضا دفاع بلدان المنطقة، وتتجلى هذه الثقة والتعاون في لبنان، حيث نستعد لنزوده
معا بتجهيزات يحتاج إليها لبنان من أجل تحقيق أمن إقليمه وسلامة جميع طوائفه.
وأفاد بأن المملكة العربية السعودية بلد عظيم استطاع تسخير موارده في خدمة مشروع بناء طموح والمنشآت الفرنسية تشارك مشاركة كاملة في تطوير المملكة، فهي حاضرة في مجال الطاقة والخدمات والصحة والنقل، بيد أن فرنسا تود أيضا استقبال الكفاءات السعودية وإقامة شراكات مع منشآتها، مشيدا بقرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بزيادة الاستثمارات السعودية في فرنسا.
وقال: لقد حددنا معا فرصا سانحة في مجالات إستراتيجية عدة كبرى، أرغب في أن نتمكن من تنفيذها سريعا. وأضاف يقول: إن الصلات التي تربطنا سياسية واقتصادية ومالية ولكنها إنسانية أيضا، إذ يتوجه عدة آلاف من الفرنسيين كل عام إلى المشاعر المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وفضلا عن ذلك استضاف معهد العالم العربي منذ مدة وجيزة معرضا جميلا عن الحج دشنته بنفسي، ولاقى نجاحا باهرا وإقبالا من الجمهور، كما أن السعوديين يحبون فرنسا وعاصمتها باريس حيث يقيم الكثير منهم بصورة منتظمة، ويسرنا أيضا أن نستقبل عددا متناميا من الطلاب في جامعاتنا مع افتتاح كل عام دراسي، إن فرنسا تعرف قيمة الصداقة والمملكة العربية السعودية
هي واحدة من أعز الأصدقاء.
ثم ألقى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الكلمة التالية:
فخامة الرئيس فرانسوا هولاند..
أصحاب المعالي والسعادة
.. السيدات والسادة..
يطيب لي في مستهل كلمتي أن أعرب عن بالغ تقديري لفخامتكم ولحكومة الجمهورية الفرنسية على ما لمسته والوفد المرافق من حسن الاستقبال وكرم الضيافة, وعن سروري شخصيا بالالتقاء بأصدقائنا في هذا البلد الصديق.
كما يشرفني أن أنقل تحيات سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لفخامتكم, ولحكومة وشعب فرنسا الصديق.
إن زيارتي هذه تأتي في إطار توجيهات سيدي خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لتعزيز الشراكة الإستراتيجية القائمة بين بلدينا الصديقين, منذ أن أرسيت دعائمها في اللقاء التاريخي الذي جمع بين الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود والرئيس الراحل شارل ديغول هنا في باريس عام 1967, كما كان لزيارة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التاريخية إلى فرنسا عام 2007 وزيارة فخامتكم للمملكة عام 2013 دور كبير في تنمية العلاقات بين المملكة وفرنسا وتطويرها في المجالات كافة, وخدمة قضايا الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط وفي العالم.
فخامة الرئيس..
تدرك المملكة العربية السعودية مكانة فرنسا العالمية, هذه المكانة التي احتلتها بحكم إرثها الثقافي, ودورها السياسي, وثقلها الاقتصادي.
كما نقدر لحكومتكم جهودها الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في منطقتنا، التي تعيش وللأسف الشديد في دوامة من الأزمات المتتالية، نالت تداعياتها الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي.
ولقد دأبت المملكة العربية السعودية من خلال تواصلها مع الأصدقاء على تجسيد ما تتمسك به من قيم ومبادئ إسلامية، ومن ذلك قيم التسامح والإخاء والعدالة والدعوة إلى الحوار, ونبذ التطرف والعنف ومحاربة الإرهاب.
وأدركت حكومة المملكة العربية السعودية خطورة ظاهرة الإرهاب على المجتمع الدولي منذ وقت مبكر، حيث دعت إلى مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب عقد في مدينة الرياض في عام 2005, كما دعا سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى تأسيس مركز دولي لمكافحة الإرهاب ليكون جزءا من الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز مكافحة الإرهاب, وأمر -حفظه الله-
بالتبرع بمائة مليون دولار لتفعيل المركز، وفي هذا الصدد فإننا في المملكة العربية السعودية لنأمل أن تسارع الدول المحبة للسلام إلى الإسهام بفعالية في دعم هذا المركز ليكون محورا فاعلا وركيزة أساسية للتعاون الدولي لمكافحة هذه الآفة التي تهدد الأمن والاستقرار في العالم.
فخامة الصديق، أيها الحفل الكريم..
لقد أولت المملكة العربية السعودية اهتماما بالغا ولا تزال بالقضية الفلسطينية باعتبارها القضية الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، وقد جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي أصبحت المبادرة العربية للسلام لتؤكد هذا الاهتمام، حيث تضمنت هذه المبادرة أسس وركائز الحل العادل للقضية الفلسطينية الذي يجنب الشعب الفلسطيني ويلات الحروب والمعاناة القاسية, ويحقق له تطلعاته المشروعة وإقامة دولته المستقلة, تحقيقا للسلام العادل والدائم في المنطقة، وفي هذا الخصوص فإننا نؤكد هنا أن ما تعرض له الشعب الفلسطيني الأعزل من عدوان وحشي مدمر على غزة أمر لا تقره المواثيق والمبادئ الدولية وتستهجنه الشرائع كافة، وإننا لنهيب بالمجتمع الدولي أن ينهض بمسؤولياته لتأمين حماية الشعب الفلسطيني من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
وفي سوريا دعونا إلى تنفيذ قرارات مؤتمر (جنيف1) وما تضمنه من تشكيل هيئة حكم انتقالية تملك صلاحيات تنفيذية كاملة.
وفي لبنان فإننا نأمل أن يتم الاتفاق على رئيس يجمع كل الفرقاء، ويمكّن لبنان من تجاوز أزمته الحالية.
ولقد رحبنا في المملكة بالتوافق في العراق واختيار قياداته، متمنين لهم النجاح في تشكيل حكومة وحدة وطنية تحرص على وحدة العراق وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه.
وفيما يتعلق بالشأن اليمني، فإننا إذ نعرب عن قلقنا البالغ لتدهور الوضع الأمني فيه وما يتم القيام به من أعمال تهدف إلى تقويض العملية السياسية التي تستند إلى المبادرة الخليجية، لنأمل أن يسود الأمن والاستقرار في اليمن والالتزام بالشرعية وما صدر عن مجلس الأمن في هذا الشأن.
ولقد دعمنا كل هذه المبادرات والمواقف السياسية بمساعدات إنسانية وتنموية, وبرغبة جادة في تحقيق السلم والأمن والاستقرار السياسي في دول المنطقة.
فخامة الرئيس..
لقد أدركت المملكة دورها في مجموعة العشرين وعملت ما في وسعها لتعافي الاقتصاد العالمي بعد الأزمة التي مر بها, فزادت من إنفاقها على البنية الأساسية, ومن دعمها لصناديق التنمية الإقليمية والدولية, وأخذت بنهج معتدل لتأمين الاستقرار للسوق البترولية مراعاة لمصلحة المنتج والمستهلك, وقامت المملكة بمسؤولياتها وقت الأزمات في توفير الإمدادات البترولية، مدركة لدورها ومسؤولياتها تجاه الاقتصاد العالمي.
اسمحوا لي في الختام أن أكرر شكري وتقديري على ما لقيته والوفد المرافق من كرم الضيافة وحسن الاستقبال في بلدكم الصديق, مع تمنياتي لحكومة وشعب فرنسا الصديق بمزيد من التقدم والازدهار.
حضر الاستقبال وحفل العشاء صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان سمو ولي العهد المستشار الخاص لسموه، ومعالي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ومعالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، ومعالي وزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، ومعالي وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني، ومعالي رئيس هيئة الأركان العامة الفريق أول ركن عبدالرحمن بن صالح البنيان، وعدد من كبار المسئولين، فيما حضر حفل العشاء من الجانب
الفرنسي رئيس الوزراء إيمانويل فالس، كما حضر الاستقبال وحفل العشاء معالي وزير الخارجية لوران فابيوس، ومعالي وزير الدفاع جان ايف لو دريا، ومعالي وزير الاقتصاد والصناعة الرقمية توماس، وسفير فرنسا لدى المملكة برتران بوزانسنو.
** ** **
حساب ولي العهد في تويتر يغرد عن الشراكة الاستراتيجية السعودية - الفرنسية
أورد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع عبر صفحة سموه في موقع ( تويتر ) تغريدتين باللغتين العربية والفرنسية ، قال فيهما سموه: التقيت في باريس اليوم الرئيس الفرنسي fhollande@ ، ونأمل في تعزيز الشراكة الاستراتيجية القائمة بين بلدينا الصديقين ، وارفق حساب سمو ولي العهد صورة تجمعه مع الرئيس الفرنسي خلال حفل العشاء المقام تكريما لسموه في قصر الإليزيه في باريس.
** ** **
برنامج اليوم الثلاثاء
يستهل سمو ولي العهد اليوم الثاني لزيارته الرسمية لفرنسا بلقاء المبتعثين العسكريين السعوديين، فيما يفتتح سموه معرض «استثمر في بلدك» المقام في فندق جورج الخامس «مقر إقامة سموه».
كما يلتقي سموه رجال الأعمال السعوديين والفرنسيين ويتخلل اللقاء عرض مرئي للمشروعات الخدمية الكبرى التي تقيمها بعض الشركات الفرنسية الكبرى في المملكة.
ويختتم سمو ولي العهد برنامجه الحافل لليوم الثاني من الزيارة بعقد مباحثات رسمية مع رئيس الوزراء الفرنسي في مقر رئاسة الوزراء (الماتينيون).