أشاد عدد من الأكاديميين والمشايخ والمسؤولين بمواقف المملكة الثابتة المؤكدة رفضها وإدانتها للإرهاب والتصدي له بكل أشكاله وصوره، ودورها الكبير في محاربتها للإرهاب، وما يصاحب ذلك الإرهاب من أفكار هدامة واستغلال لبعض عقول الشباب وإيقاعهم في شراكه، ولاسيما أن المملكة لها دور كبير في مكافحة الإرهاب بصوره كافة، والقضاء على جذوره، ونشر سماحة الدين وتعاليمه الرفيعة. لافتين إلى ما قطعته الدولة من جهود كبيرة على الصعيد المحلي والدولي في الوقوف في وجه الفكر المتطرف، والسلوك الإرهابي، وتقديمها كل أوجه التعاون الفعال مع الدول من أجل جعل العالم أكثر سلاماً وأماناً..
** فقد تحدث في البداية لـ«الجزيرة» الدكتور علي بن دبكل العنزي، عضو مجلس الشورى السابق أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود، وقال: لقد شخّص خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في كلمته قبل شهر تقريباً للأمة قضية الإرهاب وخطره على الأمة؛ إذ ركز في كلمته أن هناك فئة ترتكب أفظع الجرائم باسم الدين، والدين براء منهم، وشوهوا الدين، حتى جعلوه أمام أعين من لا يعرفه بأنه دين إرهاب وقتل وتدمير، بينما الإسلام دين التسامح ودين الإنسانية والرحمة، ودين البناء والمعرفة، داعياً المجتمع الإسلامي من قادة وعلماء ودول للوقوف في وجه هذه الشرذمة التي اختطفت الدين، وتاجرت به، وضللت أبناءنا، وجعلتهم وقوداً لمخططاتها الدنيئة، ومذكراً من يدعمهم بأنهم سوف يندمون على ما يفعلونه، وسيدفعون ثمن دعمهم لهذا الإرهاب القاتل والمدمر غالياً.
وأضاف الدكتور العنزي بأن المرحلة التي تمر بها الأمة خطيرة جداً، وذلك بفعل بعض الأدوات التي تستخدم لهدم كيان هذه الأمة من خلال دعم الحركات الإرهابية التي في حال نجاحها - لا قدر الله - لن تبقي على أحد، وحتى داعموها سيدفعون الثمن. لقد استبقت المملكة العربية السعودية فيما يتعلق بالإرهاب، فدعت إلى إنشاء (المركز الدولي لمكافحة الإرهاب)، وكان محل تقدير وتأييد المجتمع الدولي، لكن لم يتفاعل هذا المجتمع مع هذا المركز بالشكل المطلوب والاستفادة منه؛ لذلك منذ فترة طويلة تحذر المملكة كل من يتعامل مع الإرهاب لتنفيذ أهداف وقتية أو مصلحة شخصية بسوء العاقبة من هذه الآفة التي لن تذر أحداً من شرها، فالإرهاب ليس له حدود ولا وطن، وليس له قيم أو أخلاق، فما نشاهده من مظاهر لا يستوعبها العقل، فالقتل سمة هؤلاء الإرهابيين، وكذلك التدمير والفرقة هما ما يسعون إليه، وهو ما يقومون به خدمة لمن يساعدهم في تنفيذ مخططاتهم الهدامة، فأي عاقل يرى أن كل ما يقومون به من أعمال تخدم إسرائيل وداعميها وبشكل واضح وفاضح. ومبيناً تخاذل مؤسسات المجتمع الدولي تجاه معالجة القضايا التي تهدد الأمن الوطني لبلدان العالم، وعلى رأسها الإرهاب الذي أصبح عابراً للحدود، وطال خطره مختلف قارات العالم ودوله؛ لذلك كانت نظرة القيادة السعودية فيما يخص الإرهاب ثاقبة ورشيدة، من خلال الدعوة للتعاون لرسم استراتيجية دولية لمواجهة هذا الفكر الهدام، وتعود بالنفع على العالم، وهو ما تمليه مكانة المملكة السياسية والاقتصادية والإسلامية، إضافة إلى حسها بواجبها الإنساني تجاه ما يخطط لتدمير العالم الإسلامي فكرياً وحضارياً.
وأضاف الدكتور العنزي: لقد كانت المملكة العربية السعودية من أولى الدول التي تعرضت للإرهاب، وما زالت، فكان آخرها حادث الوديعة، الذي راح ضحيته عدد من أبنائها من رجال الأمن. وما زالت مستهدفة، لكنها واجهته بحزم، وحاربته دون هوادة بالأساليب كافة، وهنا لا بد من الإشادة بجهود وزارة الداخلية، وعلى رأسها سمو الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية، الذي كرس حياته وجهده لمواجهة هذه الآفة، حتى كاد يفقد حياته ثمناً لمحاربته لها، وأصبحت المملكة من خلال استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب محط إعجاب الجميع، ونجاحها في احتوائه والقضاء عليه، وعدم مهادنته، لكن يبقى دور المجتمع لمواجهة هذه الآفة بدءاً من الأسرة والمدرسة والجامعات والمساجد ورجال الدين، وهم من يفترض أن يكون دورهم هو الرائد في هذا المجال، فالفكر لا يواجَه إلا بفكر؛ لذلك لا بد من التركيز على أهمية دور مؤسسات التعليم والإعلام والعلماء والمفكرين في إيضاح الصورة الحقيقية لهذه المخططات التي هدفها تشويه الإسلام وتدميره، وكذلك توضيح حقيقة المخططات التي تستهدف تحطيم مستقبل وقود الأمة، وهم الشباب، وتعزيز التواصل مع الشباب، وتنمية مهاراتهم فيما يعود عليهم وعلى أمتهم بالنفع، وأن تقوم الأسرة بدورها في توجيه أبنائها التوجيه الصحيح، فهي النواة في المجتمع، فالأساليب التي يستخدمها الإرهابيون وداعموهم وممولوهم تستهدف الشباب والنشء في هذه الأمة.
لقد قالت المملكة العربية السعودية كلمتها، فالإرهاب آفة، ولا بد من مواجهته جميعاً، فلن يترك أحداً، وحتى الداعمون له سوف يندمون على دعمه، والتاريخ شاهد على ذلك.
** كما أوضح مدير إدارة التربية والتعليم الأسبق بالقريات الدكتور مرزوق بن ملفي الخنجر لـ»الجزيرة» أن المملكة العربية السعودية لها دور ريادي في مكافحة الإرهاب؛ فقد جاءت المملكة في طليعة دول العالم التي تكافح الإرهاب وتتصدى له، انطلاقاً من التزامها الكامل بثوابتها، وقيمها، وأحكام الشريعة الإسلامية. وأيضاً يأتي هذا الدور الرائد للمملكة بسبب خبرتها التراكمية التي باتت أنموذجاً يحتذى بعد أن طالتها هذه الظاهرة، وعانت من هجمات إرهابية في الماضي، وعملت منذ زمن طويل على مقاومة هذه الآفة الخطيرة.. تلك الهجمات تعددت في أشكالها وصورها ما بين اختطاف وتفجيرات وهجمات انتحارية.
وأكد د. الخنجر: مما لا شك فيه أن الإرهاب في السنوات الماضية أصبح هو الشغل الشاغل لكثير من الدول، وهو ظاهرة خطيرة تُفسد المجتمعات، وتُشغل الكثير، ولا يمكن أن ندير لها ظهورنا أو أن نتجاهلها، والدور الكبير على الدولة لمكافحته بتعاون مباشر مع الأسر والمؤسسات التربوية التي لها دور كبير في تنشئة الأبناء ومتابعة سلوكهم، إضافة إلى تعزيز الانتماء الوطني لديهم، سواء من خلال المناهج والتثقيف؛ ما سيخرج جيلاً واعياً، لديه فكر صحيح، لا يتقبل تلك الأفكار الهدامة والشاذة. مشيراً إلى أن كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - ما هي إلا مناداة للعالم، وتذكيره بما سبق أن حذر منه، وأن الفرصة ما زالت قائمة للعمل المشترك والمنظم لمكافحة الإرهاب. واختتم حديثه قائلاً: يجب أن نقف يداً واحدة، ونحن بمشيئة الله كذلك، فنحن أبناء الوطن مع قادتنا وولاة أمرنا ماضون بإذن الله لدحر فئات الضلال، والمضي قدماً في مواصلة مسيرة البناء والتقدم والنمو. حفظ الله حكومتنا الرشيدة، وأدام عز هذه البلاد الطاهرة، وأدام نعمة الأمن والأمان والرخاء والاستقرار، إنه سميع مجيب.
** إمام جامع خادم الحرمين الشريفين بالقريات فضيلة الشيخ عطاالله بن يحيي البلوي أكد أنه لا يخفى على كل ذي لب أن الله ما شرع الشرع ولا أنزل الكتب ولا أرسل الرسل إلا لإسعاد البشرية ونقلها من التفريط والإفراط إلى الصراط المستقيم، الذي هو الوسطية السمحة التي حاربت كل ما يمس كيان هذا الدين العظيم (الإسلام)، الذي هو دين الأنبياء قاطبة من لدن آدم عليه السلام إلى خاتمهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام. وإن مما ابتُليت به المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية قديماً وحديثاً جنوح بعض أفرادها إلى منهج العنف والتخريب أو مما اصطلح على تسميته عالمياً بالإرهاب. وقد تنبه العقلاء في كل الأمم إلى خطر هذا الفكر على الدول والمجتمعات، بل على الحياة بأسرها؛ فعملوا على مكافحته والوقوف بوجه دعاته ومنظريه بكل قوة وحزم. وقد كان لهذه البلاد (المملكة العربية السعودية) - حرسها الله - وقادتها القدح المُعلا في هذا الأمر؛ فقد لمسوا خطره على الأمة عامة وعلى الشباب خاصة؛ لما يحمل بعضهم من قِصر النظر وقلة العلم والحماس غير المنضبط والتأثر بالأفكار الدخيلة.
وأكد الشيخ البلوي أنه مما يحسب لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- دعمه اللامحدود في مكافحة هذا الفكر، ومناداته لقادة العالم ودوله في الوقوف صفاً واحداً ضد الإرهاب بشتى صوره، ودعوته لإنشاء مركز عالمي يُعنى بهذا الأمر (مكافحة الإرهاب). وقد لمس الجميع في هذه البلاد من مواطنين ومقيمين وزائرين ما تتمتع به بلادنا - ولله الحمد - من أمن وأمان وإقصاء لهذا الفكر أمنياً وفكرياً من خلال جهود وزارة الداخلية في لجان المناصحة وغيرها، وقد شهد العالم بذلك، وأثنى على تلك الخطوات الموفقة. ومما يجب التنبيه والتنبه له أن أي فكر منحرف يجب أن يواجه أولاً بالفكر، وهذا يحتم على قادة العمل التربوي أولاً وكل من له صلة بالشباب من أب وأم ومربٍّ أن يعملوا على حماية أبنائنا وتحصينهم من هذه الأفكار وتزويدهم بما يدفع عنهم غوائلها، وعدم التمكين لمنحرفي الفكر من الوصول إليهم وبث سمومهم مهما كانت المبررات، فأمانة التربية عظيمة، وعواقب إهمالها جسيمة وغرس القيم أولى من غرس الشجر وبناء الحجر. واختتم الشيخ البلوي حديثه لـ«الجزيرة»: نوصي شبابنا - حرسهم الله - بتحكيم عقولهم، والرجوع عند اختلاف الأمور إلى أهل الحل والعقد من العلماء المعتبرين، والالتفاف حول قادة هذه البلاد لخدمة دينهم وبلادهم وفق المنهج الشرعي الذي قامت عليه هذه البلاد، والحذر كل الحذر من التفرد بالرأي أو الافتئات على ولي الأمر، والانسياق وراء الأفكار والأحزاب والجماعات التي تريد تفريق الصف، وتفتيت لحمة الوطن بأفكار دخيلة، ولدينا - ولله الحمد والمنة - من المنهج الحق ما يغنينا عنها وعن غيرها. اللهم وفِّق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين لما فيه رضاك، واحفظ بلادنا وشبابنا من كل سوء ومكروه، واكفنا مكر الماكرين وكيد الكائدين وعبث العابثين.
** الدكتور عبدالله بن عبدالهادي العنزي من جامعة الجوف قال: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. والصلاة والسلام على نبيا محمد، نبي الرحمة والاعتدال والتسامح والوسطية، وعلى آله وصحبه أجمعين.
يشهد العالم أجمع هذا العصر موجات إرهابية كثيرة ومتنوعة، فليس هناك بلد في العالم إلا وقد اكتوى بنار هذا الوباء، فليس للإرهاب دين ولا وطن، وليس له لون. إن ظاهرة الإرهاب تُعتبر أحد أهم التحديات العالمية التي تجاوزت حدود الدول وقومياتها وثقافاتها لما تشكله من تهديد للمجتمعات الإنسانية. وأضاف الدكتور العنزي: يعرف المجمع الفقهي الإسلامي بجدة في المملكة العربية السعودية الذي أصدره في 15-10-1421هـ، الموافق 10-1-2001م، وجاء فيه: الإرهاب (هو العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغياً على الإنسان في دينه، أو دمه أو عرضه أو عقله، أو ماله، ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد، والقتل بغير حق، وما يتصل بصور الحرابة، وإخافة السبيل، وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد تنفيذًا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي. ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر. ومن صنوفه: إلحاق الضرر بالبيئة، أو بأحد المرافق والأملاك العامة أو الخاصة. فكل هذا من صور الفساد في الأرض، كما قال تعالى: {وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّه لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (القصص: 77). من هنا جاءت مواقف المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين في مكافحة الإرهاب بصورة وأشكاله كافة. وأضاف الدكتور العنزي: منذ كان - حفظه الله - ولياً للعهد، قام خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبدالعزيز بالدعوة إلى مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب، دعا إليه في الرياض، قال فيه: «إننا سنضع تجربتنا في مقاومة الإرهاب أمام أنظاركم ومؤتمركم، كما أننا نتطلع إلى الاستفادة من تجاربكم في هذا المجال. ومما لا شك فيه أن تجاربنا المشتركة سوف تكون عوناً لنا جميعا بعد الله». وفي فبراير 2005، دعا الملك عبد الله العالم إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، تقوم من خلاله الدول بتقديم المعلومات والسبل المثلى لمكافحة هذه الظاهرة. وفي عام 2011 جاء توقيع اتفاقية مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بدعم بمبلغ 10 ملايين دولار، وتجدد ذلك الدعم بمئة 100 مليون دولار في عام 2013م. ولم تقتصر جهوده السياسية على تأسيس المركز؛ فعمل على بناء منظومة داخلية لمكافحة الإرهاب في السعودية؛ إذ سنّ الأنظمة الخاصة بغسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ثم تفعيل قانون مكافحة الإرهاب وتمويله، كذلك أصدر أمراً يقضي بتجريم القتال في اخارج أو التحريض عليه. أما فيما يتعلق بالنواحي الوقائية فقد قامت المملكة بالعديد من المبادرات للقضاء على هذا الفكر والأعمال الإرهابية، من أهمها المبادرة التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود في الخامس من شهر جمادى الأولى 1425هـ، الموافق 23-6-2004م، وتضمنت عفواً عن كل من يسلم نفسه ممن ينتمي إلى تلك الفئة الضالة. كذلك شكّلت وزارة الداخلية لجنة المناصحة، وهي لجنة شرعية تتكون من العلماء والدعاة والمفكرين بهدف تصحيح المفاهيم الخاطئة والمغلوطة لدى الموقوفين ونصحهم وتوجيههم إلى تعاليم الدين الإسلامي الصحيحة السلمية، وتم إنشاء (مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة والرعاية) الذي يهدف لكشف الشبهات وتوضيح المنزلقات الفكرية التي يتبناها أصحاب الفكر المنحرف، الذي يقود إلى الإرهاب، وتمت الإشادة بهذه التجربة عالمياً. وقد تبنت بعض الدول هذه التجربة. وأشاد الدكتور العنزي بجهود المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز - حفظه الله - منذ أن دعا إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب خلال المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عُقد في الرياض عام 2005، وتوجت بالتوقيع على اتفاقية تأسيس (مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب) بين المملكة العربية السعودية ومنظمة الأمم المتحدة، بمساهمة المملكة بمبلغ عشرة ملايين دولار للتمويل في تأسيس المركز؛ لتؤكد أن الإرهاب لا دين له، ولا يمثل الدين أو المجتمع الذي ينتمي إليه من يقوم بهذه الأعمال. فمن يقوم بهذه الأفعال المنافية للدين والأخلاق والمثل العليا من أبناء المسلمين يعطي صورة ذهنية سيئة عن الإسلام، تستغل أسوأ استغلال من قِبل أعداء المسلمين لتحقيق غاياتهم وربط الإسلام بالإرهاب والعنف، وهذا ما تقوم به بعض الجماعات التي تدعي الإسلام، وتقوم بالقتل وسفك الدماء والاعتداء على غير المسلمين وتهجيرهم رافعين راية الإسلام، والإسلام منهم براء. حفظ الله بلادنا وبلاد المسلمين، وأتم علينا نعمة الأمن والأمان، ووفق الله قائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله في قيادة هذه البلاد إلى مزيد من التطور والرقي.
** فضيلة الشيخ والخطيب محمد بن فنخور العبدلي وصف خطورة الإرهاب بهذه الكلمة: الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد: إن الإنسان بلا وطن هو كيان بلا روح، وجسد بلا إحساس، والفاقد للوطن فاقد للأمن والاستقرار، والفاقد للأمن والاستقرار فاقد للاطمئنان، والوطن بلا أمن واستقرار غابة يعيش فيها القوي، ويهان فيها الضعيف. ونحمد الله على الأمن الذي نعيشه في بلادنا، أدام الله أمنها واستقرارها. فأين المرجفون الإرهابيون من نعمة الأمن التي هم الآن يفتقدونها. إن الإرهاب انتحار فكري، وإفلاس منهجي، قبل أن يكون انتحاراً بدنياً، إنها تراكمات جاهلية، وآثام إجرامية نتيجة لاختلال الفكر، فكانت النتيجة مخرجات شوهاء، لا تنصر ديناً ولا تعمّر دنيا، ولا تستردّ حقاً، بل تعود على الجميع بالتشويه والخراب والتدمير. إن دم المسلم له عصمة لم يقدرها الإرهابي. وأشار الشيخ العبدلي إلى أن نعمة الأمن أعظم من نعمة الرزق. قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمنا وَارْزُقْ أَهْلَه مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمن مِنْهُم بِاللّه وَالْيَوْمِ الآخِرِ} فبدأ بالأمن قبل الرزق لسببين: السبب الأول: أن استتباب الأمن سبب للرزق، فإذا شاع الأمن ضرب الناس في الأرض طلباً للرزق، ولا يكون ذلك إذا فُقِدَ الأمن. السبب الثاني: لا يطيب طعام ولا يُنتفع بنعمة الرزق إذا فقد الأمن. وبيّن الشيخ العبدلي حرمة هذه الأفعال وشناعتها من الأمور المحكمة والقضايا القطعية التي دلت عليها نصوص الشريعة وقواعدها الكلية والفرعية، ودلت عليها البداهة العقلية، والفطرة السوية، والفكر السليم؛ فالمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، ونفى كمال الإيمان عمّن نقض العهد، وانتهك الأمانة، فلا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له، والإيمان الصحيح يحجز صاحبه عن التخوّض في الدماء المعصومة والذمم المحفوظة، ويحجزه عن الفتك والقتل. وإذا انحرف الفكر، واختل التفكير، وانصدع الإيمان خرج علينا من لا يخاف الله، فيسفك الدماء ويروع الآمنين، فيختل الأمن. ولا حول ولا قوة إلا بالله. وأكد الشيخ العبدلي أنه في مقابل هذا الفكر المنحرف لا بد من أن نعي دورنا (علماء ودعاة وطلبة علم وأمراء ووجهاء وآباء وأمهات ومدرسين ومثقفين ومفكرين أفراداً وجماعات ومؤسسات تربوية ودينية وأمنية)، ونخطط لمرحلة تتأكد فيها العناية ببناء العقول على الوسطة المنضبطة، وتوجيه الفكر توجيهاً سليماً يرتكز على الأدلة الشرعية، وتوجيه الشباب خاصة، وإرشادهم إلى المنهج الصحيح، منهج أهل السنة والجماعة، والتحذير من الدعوات المضللة والأفكار المنحرفة والمؤامرات الماكرة التي تحاك لبلاد المسلمين، والرجوع إلى الأمراء والعلماء وأهل الاختصاص فيما يشكل عليهم أو يثار عليهم، أو يقع من الأمور المهمة والقضايا العامة. وأشار الشيخ العبدلي إلى أن أمانة الكلمة وفقه المرحلة يحتم على صُنّاع الرأي وحملة العلم والفكر أن يتوافروا على حماية الثوابت الشرعية والفكرية والمكتسبات الوطنية من خلال عطاءاتهم وأطروحاتهم وحضورهم الفاعل والمتجدد؛ إذ إن هذا العنف الداخلي الإرهابي نوع من الانفراد بالتفكير وضيق النظر وعدم إدراك الإنسان للخارطة التي يعيش فيها، وللمجتمع الذي يحيا فيه، وكيفية الإصلاح الصحيح، فضلاً عما فيه من الإخلال بالأمن وتدمير للحياة. إن الإنسان بدون أمن لن يصلي بهدوء، وبدون أمن لن يعمل ويبني ويصنع حضارة لأمته ودينه، فالاستقرار في المجتمعات الإسلامية ضرورة. وأضاف الشيخ العبدلي بأن سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء أكد أن ما تقوم به الفئة الضالة من عمل إجرامي آثم لا يمكن أن يقدم عليه مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، يعتقد حرمة التعدي على الدماء المعصومة والأموال المحترمة، فقال سماحته: لقد تابعنا بأسى وحزن بالغ ما أقدمت علية الفئة الضالة من أعمال وتدابير عدوانية، تستهدف عقيدة وأمن هذا البلد المبارك وأهلها واستقرارها ومقدراتها، فكانوا أدوات طيعة في أيدي أعداء الدين والوطن. فإن ما تقوم به هذه الفئة الضالة من عمل إجرامي آثم لا يمكن أن يقدم عليه مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر، يعتقد حرمة التعدي على الدماء المعصومة والأموال المحترمة. وقد قال الله تعالى {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّه إِلاَّ بِالْحَقِّ} وقوله {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُه جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّه عَلَيْه وَلَعَنَه وَأَعَدَّ لَه عَذَابًا عَظِيمًا}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه»، وقال صلى الله عليه وسلم: «لزوال الدنيا أهون على الله من قترجل مسلم».