كنتُ أبحثُ في أحد الخطرات عن لفظ أسمي به حالة شعورية ما. أسمي به احتجاج الأشياء عليّ؛ كأن تبتلع حنجرتي صوتي فجأة, أو تجرح الدباسة يدي وأنا منتبهة تماماً كمنبه, أو العجز تماماً عن ترجمة ذهنية لكلمة بلا مترادفات!! هذه الأشياء التي لم أعد أشعر بأنه من المناسب تسميها بأسمائها التي أعرف. أتذكرُ الآن أن بودلير كان يقول من قصيدة الشُّرفة: «أنا أعرف فن انبعاث الدقائق السعيدة» أشعر به تماماً.. أنا أعرف أيضاً فن انبعاث «كل» الدقائق السعيدة, «وكل» الدقائق الصغيرة, «وكل» أحجام التذكيريات والينبغيات خاصتي, والتي لم أفلح كثيراً في أن أُلْبسها «درَّاعة» لفظية مناسبة لكل هذه الوجاهات. البحثُ عن الألفاظ قيافة ما بعد الحداثة!! واعتماد جيد جداً على أن هذه الروح ما زالت قادرة على القيام بدور المِرْشَحة السحرية.
الاعتناء بالذات الخشنة:
ثمة فعل يؤدي نفسه بلا مؤديات. ولا حتى تهذيب المؤديات إن صاحبت. الفظاظة على سبيل ذكر مثال: الفظاظة في ذاتها فعل لا يقبل الترويض, ولا تقبل طبائع الأشياء الفيزيائية. الفظاظة: فن تبشيع الروح بإرادة أو بغير إرادة. وحين يقول المعجم بتكلف كثير: بأن الفظاظة هي القسوة وسوء الخلق, لا يعني أنه حسمها في هذا الحيز. هي بُعد رابع لفعل صغير سيظلُ مشرشراً موغلاً بألم كلما تذكرته. من غرائب سوء التأويل والفهم. ومن نوافل غزارة التأويل أحياناً, من متكلفات الشعور الإنساني حين يصل إلى منطقة الأنا وحدها في حالة من حالات التجلي الآدمي الخاطئ, ومحاولة والاعتناء بالذات الخشنة!!
لحظة اكتمال مفترضة:
النموذج: النموذج أو القالب أو رمز الكمال للمقارنة؛ هذا التسلط القهري المؤذي في كل ناحية. الضغط غير المرئي, وبجدوى قهرية غير متناسقة! النموذج: أسوأ الأفكار حين ينصَّبُ ويرفعُ من أجل الاقتداء اللاواعي, فقط من أجل هذه النموذجية التي توقفت عند حدّ يُظن بأنه الأكمل. كان أحد الرسامين الفرنسيين المبتدئين في القرن الماضي يقول: «كنتُ أضجر أشد الضجر حينما يُطلب منا في المعهد أن نرسم اقتداء بنموذج ما, دون أن أفهم لماذا. رغم أنه كان قبيحاً جداً في نظري. ينبغي ألا يكون الفن نموذج». المثاليات المفترضة والكماليات في حالات النموذج في أي فكرة مضحكة أحياناً. النموذج: لحظة اكتمال مفترضة فقط حينما يتعلق الأمر بالحياة وتفريعاتها.
الطَوْعِيَات الشخصية:
أن تخرج الأشياء طواعية: إلهام مفاجئ بقصيدة طويلة. ارتخاء دمعة طويلة لمناسبة غير التي انسدلت فيها! أن تحيد كلمة عن سياق إعرابي ما, أولها ألف مرة وهي لا تقصد ذلك. أن تقول الشيء ذاته مرتين وأربع وست. أن تطير حمامة في المشهد طواعية لاكتمال الصورة. الطَوْعِيَات الشخصية: الاختيارات التي لا تناسب أحد سواك. كأن يفضي انعكاس صورتك في كلمة إلى شجرة. أو أن يستجمعك المكان وتصبح كلمة.