عانت المجتمعات المسلمة في السنوات الماضية من ظهور عدد من الظواهر المنحرفة والمخالفة لما جاء في كتاب الله الكريم، وسنة رسوله - عليه أفضل الزكاة وأتم التسليم -، مما أدى إلى الإضرار بأفراد المجتمع وتماسكه ووحدته، ومقدراته، وتعد ظاهرة الانحراف الفكري والعقدي من أبرز الظواهر التي برزت أخطارها الجسيمة، وآثارها السيئة على المجتمع المسلم في السنوات العشر الماضية، الأمر الذي جعل المسلم العاقل في حيرة من أمره أمام تلك الظواهر الخطيرة التي وقع فيها عدد ليس بالبسيط من شباب الأمة الإسلامية التي زاغت قلوبهم وعقولهم عن جادة الحق والصواب، والصراط المستقيم، إلى طريق الخطأ والضلال، والهلاك والظلام حتى أضحوا خطراً على دينهم ومجتمعاتهم، وحرباً على أهليهم، وأوطانهم.
وفي ظل هذا الوضع الذي يندى له جبين المرء المسلم، ورغبة من «الجزيرة» في تسليط مزيد من الضوء على هذه الظاهرة التي أضحت تؤرق البيت المسلم، استطلعت آراء كوكبة من العلماء والدعاة وطلبة العلم وأساتذة الجامعات وخبراء في العمل الإسلامي إضافة إلى عدد من المسؤولين المعنيين حول دور المؤسسات الشرعية في ترسيخ منهج الوسطية والاعتدال ونبذ الغلو والتطرف ومكافحة الإرهاب، من خلال ملف تفتح «الجزيرة» أولى صفحاته هذا الأسبوع.
ادارة الفكر الإسلامي
بداية، يقول الشيخ عازب بن سعيد آل مسبل عضو مجلس الشورى: عندما نتحدث عن الوسطية والاعتدال فإننا نتحدث عن منهج وضعه الله - عز وجل - لهذه الأمة وبينه نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - واختلف الناس في فهمه وتطبيقه فالله - عز وجل - يقول: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ}، فهي أمة اختار الله لها الوسطية في كل أمور الدين عقيدة وشريعة فلا غلو ولا تفريط ولا تشديد ولا تهاون وطبق ذلك من أمرنا بإتباعه وهو نبينا صلى الله عليه وسلم فكان وسطاً في كل أموره حتى إن مما وصفه الله به قوله تعالى:
{وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ}، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) وهذا دليل على يسر هذا الدين وتطبيق لقوله تعالى {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا}، بل أن من مهماته - صلى الله عليه وسلم - وضع الاصرار والأغلال التي يضعها الناس على أعناقهم تكلفاً قال تعالى: {يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}، وهذا هو دين الاسلام الذي يجب أن يطبقه معتنقيه ويبينه علماؤه ويبلغونه للناس كافة وعندما ننظر إلى أحوال من ضل عن سواء السبيل من الفرق التي انحرفت عن هذا المسار الوسطي والمنهج القويم نجدها قد ذهبت بعيداً عن هذا المنهج وأول من خرج عنه هم الخوارج الذين خرجوا على عثمان رضي الله عنه ثم علي من بعده وما زالوا يطلون بفتنتهم في كل عصر كما أخبر بذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومن هنا فإنه يجب على جميع الجهات المسؤولة أن تقوم بدورها في بيان وتوضيح هذا المنهج القويم منهج الوسطية والاعتدال ولا أخص المؤسسات الشرعية وحدها فهي جزء من منظومة الدولة وإن كان عليها أن تتحمل الجزء الأكبر من البيان والتوضيح عبر وسائلها المتمثلة في الدعوة إلى الله وتدريس العلوم الشرعية وإدارة الفكر الإسلامي عبر منابر الجمعة والبرامج الدعوية ليتنفس الناس طهارة ونقاوة شريعة الإسلام وأن يقوم العلماء بتبيين آيات الله التي هي منهجنا المحفوظ من الله - عز وجل - وسنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - على مراد الله ورسوله لا أهل الزيغ والهوى وبهذا ينشأ مجتمع يحمل رسالة الاسلام التي هي رحمة ونور وهدى للعالمين وقد تفضل سماحة المفتي يحفظه الله ببيان هذا المراد في بيانه الذي أصدره للأمة.
الاعتدال والوسطية
وحث الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن علي الرومي قاضي التمييز السابق بوزارة العدل الناس على الاعتصام بالكتاب والسنة فهما منهج الوسطية ومنبعها، وأنه يتعين تنقية بعض المؤسسات الشرعية من المتنفذين فيها ممن يحملون أفكارا منحرفة أفسدت الشباب وصنفت علماء السنة وخرجت بها عن رسالتها الحقيقة وتولية العلماء الناصحين المعروفين بالاعتدال والوسطية وإذا تم هذه فمن الممكن وضع إستراتيجية للمؤسسة للخوض في هذا المجال أما مادام قادة المؤسسة من الفئات التي أشرت إليها فالمجتمع كله لا يتقبل التوجيه والإرشاد والنصح من طائفة هذا منهجها وديدنها النيل من العلماء والدعاة وتصنيفهم والتحذير منهم وإقصائهم عن المناصب القيادية أوالحصول على الدرجات العلمية، فإصلاح الخلل في النفس والتجرد من الهوى والاعتدال والوسطية مطلب أساسي لك إذا أردت أن تسعى في نشر وترسيخ هذا المبدأ.
وأنه يجب أن نسخر وسائل إعلامنا المرئية والمسموعة والمقروءة لنشر منهج الاعتدال والوسطية ونبذ الغلو والتطرف والإرهاب ونستقطب لهذا المشروع العلماء المعروفين بالاعتدال والوسطية وممن لهم القبول في المجتمع لكي يتقبل المجتمع منهم ويسمع كلامهم ويأخذ بتوجيههم ويؤسف أن الندوات التي تعقد في بعض وسائل إعلامنا وبعض المؤسسات الشرعية لهذا الغرض لا يقوم بها إلا ممن ينتمون لبعض الأفكار والتوجهات، وكأنه لا يوجد في الساحة علماء ودعاة إلا هذه الفئة والله المستعان!!
إدارات ومراكز بحثية
أما الدكتور سليمان بن صالح الغصن أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فيؤكد أن ترسيخ منهج الوسطية والاعتدال في المجتمع وكذا نبذ الغلو والتطرف والإرهاب لا يمكن أن تتفرد مؤسسة ولا جهة بالقيام بذلك، بل لا بد أن تتضافر الجهود من جميع مؤسسات الدولة والمجتمع، وأن تكون هناك رؤية مشتركة نحو هذه الأمور بمفاهيم وأهداف واضحة، ووسائل مشروعة وممكنة، ومن الخطأ أن تُحمّل جهة معينة القيام بذلك وتبقى الجهات الأخرى أو بقية أفراد المجتمع في موضع المتفرج أو المقوم والناقد للجهود فقط!
وواصل قائلاً: أما ما يتعلق بما يمكن أن تقوم به المؤسسات الشرعية على اختلاف مهامها واختصاصاتها، فهناك أمور كثيرة منها:
1 - التأصيل الشرعي المقرون بالأمثلة التي تبرهن على المنهج الإسلامي الوسطي المعتدل في: العقائد، والعبادات، والمعاملات، والأخلاق، وغير ذلك..
2 - الرد على مظاهر الغلو والتطرف في العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق وغير ذلك..
3 - تفنيد الشبه التي يعتمد عليها الغلاة وأهل الأهواء عموماً.
4 - العدل مع المخالفين وعدم مقابلة التطرف بتطرف مضاد.
5 - إبراز أسباب التطرف والغلو والإرهاب والعمل على إزالتها.
6 - ترسيخ المنهج الوسطي كما يكون بالتحذير من الغلو والتطرف، فإنه لا يتم إلا بالتحذير مما يقابله من منهج التحلل والانسلاخ من الدين والسخرية بأهله ومؤسساته وعلمائه وشعائره..
7 - على المؤسسات الشرعية أن تفرغ أشخاصاً مؤهلين وتخصص إدارات ومراكز بحثية لتعزيز مبدأ الوسطية والتحذير من مظاهر الغلو والتطرف، من خلال بحوث ودراسات ومشاركات إعلامية (صحفية وإذاعية وتلفزيونية) وكذا المشاركة في وسائل التواصل في الإعلام الجديد (فيسبوك، تويتر...)
8 - من المهم أن تتسم المعالجات والمشاركات بالوسطية والموضوعية والاعتدال، حتى تؤتي ثمارها المرجوة
9 - إن من علامات التوفيق والنجاح للمؤسسات الرسمية أن تستطيع إشراك كل المجتمع - لاسيما العلماء وأساتذة الجامعات والدعاة - في ترسيخ المفاهيم الصحيحة ونبذ ما يخالفها، لاسيما وهذه الأمور - ولله الحمد - موضع اتفاق بين أفراد المجتمع ولا يخالف فيها إلا الشواذ.
فمن القصور ألا تتواصل تلك الجهات المعنية للحديث عن هذه الموضوعات إلا مع أسماء محدودة ومكررة، مما قد يوهم البعض بأن المقتنع أو القادر على التحدث بهذه الأمور قليل!!
10 - تعزيز مكانة المؤسسات الشرعية، ودورها الرقابي، وإعطائها الصلاحيات لمتابعة وأد منافذ التطرف والغلو ومسبباته، والقيام بالبرامج التي ترسخ مبادئ الإسلام الوسطي المعتدل بلا إفراط ولا تفريط.
منهج ووعاء
وتبين الدكتورة هدى بنت دليجان الدليجان أستاذة التفسير وعلوم القرآن جامعة الملك فيصل بالأحساء أن الوسطية وعاء، ودواء، ومنهج وعطاء، يمر العالم اليوم بموجة صحراوية وعاصفة جافة من الفتن القاتلة التي تدع الحليم حيرانا، وتنشر إكسير الغلو والتطرف والمحن بالأمم فيصطلي بنارها الصغير والكبير والدول والمجتمعات وإذا لم تتخذ المؤسسات الشرعية كالمساجد والمدارس والجامعات وبيوت العلم دورا حصيفا وعاجلا في بيان الحق، ونشر العدل، والوقوف ضد الظلم، وإلا سيعم الشر عموما لا نهاية له، ويأكل الأخضر واليابس، وهذه قاصمة للأمة وجالبة للنكوص وسالبة للعزة والرفعة.
وأضافت تقول: فالمؤسسة الشرعية اليوم في بلادنا هي القائمة بالحق، وهي الوسط، وهي الشاهدة، وهي العدل، وهي مقياس لمحاسن الأمور التي تبصر محل الداء، وتبادر في صرف الدواء، ويمكن أن يكون هذا الدور المنوط بها على عدة مراحل:
أولاً: تبدأ هذه المؤسسات بالإعلان والإعلام عن هذه المنهجية الوسطية في كل المحافل والندوات والمحاضرات ليتسنى للصغار والكبار تشرب هذا الماء البارد الزلال، فالنفوس إذا مرضت خايل لها طعم الماء مرا، وهكذا القلوب إذا تشربت الشبهات والعياذ بالله رأت في الحق كدرا، فإذا لم تقم هذه المؤسسات ببيان المنهج الوسط في كل شاردة وواردة وكل عمل صغير وكبير ضاعت الأدوات اللازمة لبيان الوسطية وانتشرت المناهج الدموية الظالمة والعياذ بالله.
ثانياً: تشكيل فرق عمل متميزة لإقامة مناشط متعددة ميدانيا في أرجاء البلاد، تتضمن ورش عمل للرجال والنساء في جميع الأعمار والفئات، لنشر مفاهيم الوسطية الجليلة، ونبذ التطرف والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وتهيئة المجتمع بكامل فئاته، وتأهيل شبابه وفتياته لتجارب عملية في تحويل الوسطية من شعار إلى منهج ووعاء، يسكب فيه الأفراد والمجتمع حب الدين وخدمة الوطن والبذل فيه، ليكون عزيزاً جليلاً دوماً.
ثالثاً: تسخير الطاقات التقنية الحديثة والثورة المعلوماتية التي يتعامل بها الصغار والكبار ليكون هناك مواقع متميزة لبيان الوسطية وتجاربها ومميزاتها ومآثرها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في أسلوب علمي رصين وخطاب سلس لين يلامس القلوب والعقول.
رابعاً: أن تكون هناك ملتقيات علمية دورية لأهل العلم والفكر والثقافة من الرجال والنساء الذين تتوافر كفاءاتهم ويبذلون طاقاتهم لخدمة دينهم بوسطية واعتدال، فهم شامة بين المناهج، وعلامة من علامات السعادة والرخاء، فعليهم مناقشة كل ما يدور في أرجاء المجتمع من أفكار وأعمال ووضع الخطط القصيرة والطويلة لمعالجة أي فكرة أو خاطرة تدعو إلى الغلو والتطرف أو تخالف منهج الوسطية لتكون الرؤية جمعية متكاملة بعيدا عن الارتجالية والمزاجية واللغو في التصنيفات وترويج الفكر الضال أياً كان نوعه وهدفه..
إدارة حكومية شرعية
واستهل الشيخ بدر بن علي العتيبي مدير مركز الدعوة والإرشاد بمحافظة الطائف حديثه بقول الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدً} فأمة محمد - صلى الله عليه وسلم - وسط في عقائدها وأحكامها وآدابها بين الإفراط والتفريط، وبين الغلو والتشدد من جانب والانحلال والاستحلال من جانبٍ آخر، ومن كبريات مشكلات الزمان أن كل صاحب توجه منحرف يزعم أن ما هو عليه هو وسطية الإسلام! ولكن البرهان يكشف الصادقين من الكاذبين، والبرهان يكون بالدليل المأخوذ من مجموع الأدلة ومقاصد الشريعة لا ذاك الذي نتج عن اتباع الهوى، وأخذ ما يوافق الهوى، وترك ما يخالفه على سنة {الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} ويدسون بين الناس منحرف العقائد والأحكام {لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}، ولما أكرم الله هذه الدولة بتحكيم شرع الله، وحماية بيضة الإسلام وهما مكة والمدينة، وبينهما يتردد الإيمان كلما استحكمت الفتن، وغلب الجهل، وكثر الاختلاف، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إن الإيمان ليأرز إلى المدينة، كما تأرز الحية إلى جحرها) أخرجه البخاري ومسلم، وولى الله علينا ولاية إسلامية صحيحة معروفة بنصرة الإسلام، والقيام على شؤونه وخدمته، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين.
ومضى الشيخ بدر العتيبي يقول: كان الواجب علينا جميعاً القيام بهذه المهمة، وإيضاح الصورة الصحيحة النقية الصافية للإسلام تحقيقاً وتطبيقاً، وأخص من يجب عليهم تجلية هذه المبادئ، وإيضاح ذلك للناس: هم القائمون على المؤسسات الشرعية، لأنهم حملة العلم، وأنصار الشريعة، وسياج الأمة، وقد جاء في الحديث الذي صححه بعض أهل العلم من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (يحمل هَذَا الْعلم من كل خلف عدوله، ينفون عَنهُ تَحْرِيف الغالين، وانتحال المبطلين وَتَأْويل الْجَاهِلين)، فالناس بحاجة إلى هذا الجنس في هذا الزمان الذي اختلط فيه حبائل التواصل والمعرفة، وتعددت فيه المقالات، وقلّت فيه الأمانات، وكثر فيه التزييف والتحريف.. وقد كان يقال عن كثير من العلماء الناصحين الصالحين من قبل: (بقاؤه أمان لأهل الأرض) لصلاحهم ولنضالهم في دفع شبه أعداء الإسلام، كما كان الصحابة - رضي الله عنهم -، وقد جاء في الحديث الصحيح: «النجوم أمنة السماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون» أخرجه مسلم.، ويروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (اللهم إني أعوذ بك من فتنة ليس لها أبو الحسن) يعني علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ويريد بذلك الاستعاذة بالله من فتنة لا يوجد عالمٌ من العلماء يكشفها. وأعرب فضيلته عن أمله أن تقوم المؤسسات الشرعية بمجموعة من الأعمال ومنها:
1 - سرعة المواكبة للمستجدات بما يوافق الشرع ولا يخالفه، مع الاحتفاظ بأصالة الدين وتراثه، والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة في إيصال رسالة الإسلام.
2 - سرعة التفاعل مع الأحداث! وعدم التواني في بيان الواجب الشرعي فيسبقهم المغرض والجاهل، والله تعالى قد أحال إليهم الأمر في قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} وهم في الغالب (لجان) و(مؤسسات) وليسوا أفراداً فلا موجب للتأخر والتواني من إصدار بيان (عاجلٍ) بعد التثبت والتبين لبيان الموقف الصحيح من الحادثة، والمسلك الوسط، ولا يترك المجال للمفرطين والمفرّطين فيضلوا الناس عن السبيل.
3 - التصريح بما لا يجوز فيه التلميح! فلا يكاد يوجد بين الناس مخفي! فقد كشفته وسائل التواصل الاجتماعي، فالتعريض بالكلام يجعل فريق يقول: لست معنياً به، وإنما المعني به فلان! وهذا خطأ بل يجب أن نقول للمخطئ صراحة: أخطأت، أو أخطأ فلان، حتى يتبين الناس من المخطئ وما هو الخطأ.
4 - تنصيب ناطق رسمي للجهة الرسمية، بما في ذلك هيئة كبار العلماء، يوضح رأي العلماء حيال كل حادثة، وما الواجب على المجتمع سلوكه واتخاذه.
5 - الخروج عن النمطية في المشاركات الإعلامية في برامج (الفتوى) فقط إلى إقامة البرامج والحلقات واللقاءات الإعلامية في كافة وسائل الإعلام في نقاش المستجدات بمنظار شرعي متعمق.
6 - تشكيل اللجان المعنية بـ(المتابعة) و(الرصد) و(الجمع) و(التحليل) و(العلاج) في كل مؤسسة لضمان صدق المعطيات لينتج عن ذلك كله صحة الفتوى وثباتها وألا تكون مبنية على (أكذوبة إعلامية) أو (مبالغة في تصور الواقع وتصويره).
ودعا مدير الدعوة بالطائف - في نهاية حديثه - إلى إنشاء إدارة حكومية شرعية تعنى بمكافحة التطرف العقدي والأخلاقي تعين كافة المؤسسات الشرعية على تحقيق هذا المطلب وتفعيله أسباب العلاج.