(1)
جسر الوصال
هناك نهر عظيم يمر من خلال قريتين كبيرتين كالشريان الذي يغذي كلا من قلبهما. لكن بطريقة مختلفة, فالقرية الأولى تعتمد عليه في صيد الأسماك وأما الثانية ففي الزراعة. شاع عند الأولى أن بسبب عمل الزراعة واستخدام السماد أصبحت رائحتهم كريهة وأما الثانية فشاع أن بسبب صيدهم للأسماك أصبحت رائحتهم نتنة.
ورغم وجود القريتين على ضفاف النهر العظيم لكن نيران الكراهية كانت دوما مستعرة. حتى قرر احد شبابهم رمي القرية الأخرى بالحجارة وقوبل بالمثل من شاب آخر واشترك مع الشابين جماعة في رمي الحجارة لكن أي من الحجارة لم تصل إذ كان النهر يبتلعها بكل يسر وسهولة.. حتى مر بالقرية الأولى الحاكم ولم يستطع الذهاب إلى القرية الأخرى إلا بقارب متواضع فقرر بناء جسر يصل ما بينهما.
اشترك في بناءه شباب من كلا القريتين, عملوا معا, وسال عرقهم معا, وأكلوا معا واستراحوا معا حتى انتهى الجسر واختفى الخلاف وكأنه لم يكن.
(2)
العجوز والطيور
على ضفاف أحد الشواطئ لأحد المدن الساحلية اعتاد عجوز أن يطعم الطيور يوميا ببقايا الخبز التي يجمعها من بيته وبيوت جيرانه. ألفته الطيور فمجرد أن يقترب من الشاطئ، تحيط به ويتسلى برميها في الهواء فتلتقطها الطيور بكل رشاقة وما يسقط في المياه تلتهمه الأسماك.
اقترب منه يوماً عامل النظافة مؤنبا: أنت يا هذا, الطيور توسخ الشاطئ وترمي قاذوراتها في كل مكان لكن العجوز لم يهتم واستمر على عمله كل يوم. وفي يوم آخر خاطبته والدة طفل: أن الطيور تفزع الأطفال وقد تؤذيهم أنت تنشر الأخطار في المكان ولكن العجوز لم يكترث واستمر على عمله كل يوم. وفي يوم خاطبه طبيب: أيها العجوز إن الطيور هذه تنشر الأمراض أو لكن العجوز لم يرد واستمر على عمله كل يوم.
ففي يوم من الأيام اختفى العجوز، وبعد فترة اختفت الطيور ثم الأسماك. توقف الصيد للأسماك التي كانت تتغدى على الخبز وتوقف السياح عن القدوم ثم ظهر جرذان في الشاطئ إذ كانت الطيور على ما يبدو تخيفها فهجر السياح الشاطئ وأغلقت المطاعم أبوابها وأصبح مهجورا مقفرا.
هرع الجميع إلى بيت العجوز ومن بينهم الأم وعامل النظافة والطبيب وحين وصلوا وجدوا عشرات الطيور تحوم حول بيته وبداخل البيت وجدوا العجوز متوفىً في سريره وبجانبه كيس خبز يتناول منه اليمام وجبته الأخيرة.