وصلتني صورة على الواتس اب لصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله أمير الرياض مكتوب عليها انظر لتركي في بيته جالس يشتغل وأكوام الأوراق والملفات من حوله منتشرة والانهماك باد عليه بإرهاق واهتمام، الصديق الذي أرسلها لي سألني بعدها، وقال وأنت وش جالس تسوي، قلت له: إنني جالس ومريح وأنت وش تسوّى، قال قاعد أطالع تركي بن عبدالله وهو يشتغل وأنتظر العشاء ينزل، ضحكنا كثيراً وأخذتنا الأحاديث بعيداً عن الصورة وكل هذا وتركي جالس في بيته يشتغل.
لن أضخم الموضوع كثيراً لأني أعرف أن سمو الأمير هو أمير منطقة الرياض، وأن حجم العمل والمسؤولية كبير، وأنه حين ارتضى على نفسه أن يحمل الأمانة فإن الهدف الأساسي أن أجلس في بيتي مستريحاً وهو يجلس ويتابع ويتأكد أن كل مواطن جالس في بيته مستريحاً، وبالتالي طبيعة عمل سموه تستوجب منه ذلك وهو واجبه تجاه وطنه ومليكه، غير أن الفكرة التي أود طرحها هي أن الثقة عندما تتولد بين المسؤول وبين الرعية فإن الشعور بالاتجاهين سيؤدي إلى تحقيق نتائج أفضل دائماً، ثقتنا ونحن في بيوتنا جالسون أن هناك من يقوم بعمله على أكمل وجه تساعدنا على التفكير في أمور أخرى في مناحي الحياة العامة التي نعيشها وتولد الشعور بالسلام والطمأنينة، وفي نفس الوقت فإن شعور الأمير وهو جالس في بيته يشتغل وهو يعلم أننا نراه يعطيه الثقة أن هناك من يقدر عمله وينعكس ذلك على أدائه إيجاباً بحيث تصبح قراراته أكثر دقة وسرعة وشجاعة لأنه حينها يتيقن أنه لو اخطأ فإن الكل يثق في نيته ويثق في قدرته على التدارك والتصحيح، وكلنا نعلم ان الخطأ هو رفيق العاملين وليس النائمين.
هذا هو قدر بعض خلق الله ممن يختارهم ويهيئهم لتولي أمور العباد والبلاد، نراه أميراً ونراه مسؤولاً ولكن ايضاً نحتاج ان نراه إنساناً يثق في ربه أولاً ثم في قيادته ونفسه وفي فريق عمله، كل هذه الأمور تساعده كما تساعدنا، وسأتخذ من هذه الصورة رسالة أوجهها إلى كل المسؤولين ألا مانع من قليل من إظهار بعض من اهتمامكم بالشأن العام حتى وأنتم في بيوتكم تعملون أو متأخرون في مكاتبكم، ليست الغاية ان تلمعوا انفسكم أو تحصلوا على شهرة أو رضا القيادة لأن ما يحكم مثل هذه الأمور هي نتائج أعمالكم وإنجازاتكم، لكن مثل هذه الصور يزيد من تواصلنا معكم ومن ثقتنا فيكم، وبالتالي يساعدكم هذا في المضي قدماً وتنفيذ الأهداف وتحقيق الغايات دون خوف من لائم أو منتقد أو حتى فشل.
بقي أن أقول: إنني قمت بارسال صورة الأمير تركي وهو جالس في بيته يشتغل إلى كل أولادي قبل النوم فردوا جميعاً باختلاف تعابيرهم والله نحبه أمير قلوبنا، لكن صغيري سند ارسل قائلاً: أهم شيء ما عنده مدرسة ثاني يوم، ضحكت وقلت له لا عنده مدرسة اسمها مدرسة الوطنية ومديرها عبدالله بن عبدالعزيز، قال سجلني فيها، قلت أبشر أنت اصلاً فيها مسجل بس شرطها تحب الله وتحب الرسول وتحب المليك والوطن، وادعي ربنا يطول في عمر بابا عبدالله يا بوي.