هناك فرق بين من يتكاسل عن العمل ومن لا يرغب بأداء عمل بعينه. الكسول هو من يتثاقل أو يتقاعس عن أداء جميع الأعمال لأسباب نفسية أو بدنية أو غيرها، أما عدم الرغبة في عمل ما فيعني العزوف عن هذا العمل بذاته وليس كل الأعمال أو المهام إما لعدم القناعة به أو عدم القدرة على إنجازه أو لأن العمل مكلف به من هو أكثر قدرة وكفاءة.
قد يقبل الكسل أو الغفلة فيما يرتبط بأمور تتعلق بأمن الوطن والمواطنين فقط إذا كانت المبررات منطقية وما عدا ذلك يندرج ضمن تفسيرات التخاذل أو غض الطرف أو خشية الاتهام بنفاق الدولة أو الرضا عما يفعله كل متآمر على هذا البلد الطاهر. الملك عبدالله بن عبدالعزيز حين واجه العلماء والمشايخ لم يشأ أن يستطرد بتفسيرات وتفصيلات وإنما جاءت كلماته كعادته أبوية حانية، فقط طلب طرد الكسل وعدم الصمت والقيام بما يجب عليهم، وإذا كان في حديثه السامي يحفظه الله إحسان ظن ظاهر فإن المنتظر خلع أردية الكسل، والصدح بالحق قياماً بالواجب الديني والوطني والإنساني إنقاذاً لأبناء الوطن من براثن الجماعات الإرهابية بتوعيتهم بخطرها وشرح المنهج الإسلامي الصحيح كي تخرج لنا أجيال واعية مدركة لا يسهل اختطافها لتكون لقمة سائغة لتلك الفئات الضالة.
إذا كان المبرر الكسل أو الصمت فإن الملك عبدالله قد وضع النقاط على الحروف وندب الجميع للقيام بواجباتهم، أما إن كان الأمر عدم رغبة في توعية الناس بسبب عدم القناعة بهذا الواجب الوطني على كل مواطن فهذه مصيبة. أعرف من خلال اطلاعي على أخبار بعض المشايخ أن لديهم طاقات هائلة. سفر متواصل طوال العام ومحاضرات وفتاوى وبرامج ولقاءات في القنوات الفضائية وتأليف كتب، ورحلات دعوية إلى الشرق والغرب حتى أنه يساورك الشك في قدرتهم على تنظيم الوقت فهل نصف مثل هؤلاء بأنهم كسالى؟
أعتقد أن كسلهم إن كان لديهم شيء من الكسل مقصور على الأمر الأهم والأوجب عليهم. في توجيه الملك عبدالله واضح أن هناك تقصيراً في توعية الناس بخطر الإرهاب والجماعات الإرهابية وبيان ظلالها وانحرافها عن المنهج الصحيح. إذا كانوا يقومون بأعمال يرون بأنها لخدمة المسلمين فأجزم بأن وطنهم بحاجتهم أكثر وبالذات في مثل هذه الظروف المضطربة التي تشهدها الساحة من حولنا وليست بعيدة عنا، وأبناء بلادهم فيهم كثر لا يعرفون شيئاً عن الجماعات الإرهابية مثل داعش والنصرة وأنها جماعات خارجية مارقة عن الدين، ومجتمعنا المحافظ في هذه المسائل بالذات لا يثق إلا بعلماء الدين لقناعته بأنهم يمتلكون القدرات على إيضاح ما التبس على الناس أو ما لبس عليهم من خلط للحق بالباطل، ولمعرفتهم المتعمقة بالفرق الضالة ومن تستخدم الدين لأغراض سياسية فلا تتورع عن العصيان غير مكترثة بقوله تعالى {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} ولا تتورع عن تكفير المسلمين وسفك دمائهم مستخدمة شبابنا الغر حطبا لتلك الحماقات.
الضرورة تقتضي توظيف كل الوسائل للتوعية والتوجيه ومقارعة الفكر بفكر أقوى، ومسؤولية المشايخ والدعاة عظيمة في منابر الجمعة والتجمعات الدعوية والمحاضرات والبرامج الفضائية وغيرها. أما الكسل أو عدم الرغبة في هذا العمل الوطني فأمور غير مقنعة ولا مقبولة.