ها هو شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران قد غادرنا بعد أن قضاه المسلمون في بقاع المعمورة صياما بالنهار وقياماً بالليل من خلال صلاة التراويح والقيام. غادرنا أفضل الشهور، أسأل الله أن يعيده علينا باليمن والبركات والأمة الإسلامية تنعم بالنصرة والعزة والتمكين.
الركن الرابع من أركان الإسلام مر علينا ويا (بخت) من استغله في الطاعة والصيام والقيام والصدقة وقراءة القرآن واستغلال كل لحظاته لما يعود عليه بالنفع دنيا وآخرة. أما الفوائد في الآخرة فلا يخفى على الكثيرين منها امتثالا لأمر الله عز وجل وعملاً بركن من أركان الإسلام لتكتمل أركان الإسلام لدى المسلم الحقيقي. وأنا هنا لن أتحدث عن الفوائد الدينية للصيام بل سأتطرق إلى فوائده الدنيوية التي تتمثل بأهم شيء يتعلق بالإنسان وهي صحته أغلى ما يملك الإنسان. مما لا شك فيه أن الدراسات العلمية والأبحاث الدقيقة التي أجريت على الإنسان وجسمه ووظائفه الفسيولوجية أثبت يقينا أن الامتناع عن الأكل والشرب لما يقارب أربع عشرة ساعة في كل يوم يتبعه سويعات يسمح فيها للإنسان بالأكل تمكن الإنسان من أداء وظائفه الحيوية بكل كفاءة واقتدار وأن الصيام ضرورة ملحة لصحة الإنسان، تماما كما هو حال الضرورة للأكل والتنفس والحركة والنوم، وكما أن الإنسان يعاني بل ويمرض إذا حرم من النوم أو الطعام لفترات طويلة الحال مشابه تماماً فيما يخص الصيام؛ حيث إن الجسم يصاب بالسوء - لا سمح الله- لو امتنع عن الصيام.
قال - صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الطبراني: «صوموا تصحّوا».. أثبت الطب الحديث أن الصيام يساعد على القيام بعملية الهدم التي تتمثل بالتخلص من خلالها من الخلايا القديمة، وكذلك الخلايا الزائدة عن حاجة الجسم ونظام الصيام المتبع في ديننا الحنيف الإسلامي والذي يشمل، كما ذكرت صيام على الأقل ما يقارب أربع عشرة ساعة هو النظام المثالي لتنشيط عمليتي الهدم والبناء، وليس كما يتصوره الناس من أن الصيام سبب إلى الهزال والضعف بشرط أن يكون الصيام بمعدل معقول حيث يصوم المسلمون شهرا كاملا في السنة، وسن لهم بعد ذلك صيام ثلاثة أيام في الشهر يقوم الصيام بدور ومقام مشرط الجراح الذي يستأصل كل ما هو تالف في الجسم؛ فالجوع الذي يفرضه الصيام على الإنسان يحرك الأجهزة الداخلية لجسم الصائم لاستهلاك الخلايا الضعيفة، الهدف هو مواجهة ذلك الجوع فتتاح للجسم فرصة ذهبية كبيرة كي يسترد خلالها حيويته ونشاطه كما أنه يستهلك أيضا الأعضاء المريضة ويجدد خلاياها، وكذلك يكون الصيام وقاية للجسم من كثير من الزيادات الضارة: لِمَ لا نجعل من الصوم عبادة امتثالا لأمر الله عز وجل وتطبيقا لركن من أركان الإسلام الخمس وكذلك يكون وسيلة للبحث عن العافية والصحة كل ذلك يثبته المثل النجدي المعروف والمشهور الذي يقول العافية في أطراف الجوع.