يدشّن معالي وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى اليوم الثلاثاء في احتفال يُقام بالرياض منظومة المحاكم المتخصصة في المملكة التي هي إحدى ثمار مشروع الملك عبد الله - حفظه الله - لتطوير مرفق القضاء.
حيث سيتم انطلاق المحاكم المتخصصة هذا الأسبوع بافتتاح محاكم ودوائر الأحوال الشخصية في كل من الرياض ومكة والمدينة والدمام وجدة والتي تُعنى بنظر القضايا الأسرية شاملة قضايا الطلاق والخلع والنفقة والحضانة وماله علاقة بها، ويأتي ذلك امتداداً لما تم العمل عليه سابقاً من تهيئة محاكم التنفيذ تحت مظلتها الواسعة، لتتجاوز نطاق الدوائر في المحاكم العامة بعد صدور الأمر الملكي الكريم بإنشائها.
من جهته قال معالي الشيخ محمد أمين مرداد عضو المجلس الأعلى للقضاء رئيس لجنة تطبيق آلية تنفيذ نظام القضاء إن محاكم ودوائر الأحوال الشخصية ستشمل كافة الدوائر الإنهائية ما عدا إنهاءات الاستحكامات، والتي ستظل تحت ولاية المحاكم العامة, مشيراً معاليه إلى أن اللجنة المكلفة بتطبيق آلية تنفيذ نظام القضاء عقدت أمس الأول الأحد بمقر المجلس الأعلى للقضاء اجتماعاً بحضور أعضاء اللجنة للإشراف المباشر على هذه الخطوة المباركة.
وأوضح الشيخ مرداد أنه سيتبع تدشين محاكم ودوائر الأحوال الشخصية إطلاق المحاكم التجارية والتي ستمارس مهامها بعد أربعة أشهر - بإذن الله - وسيتم على ضوئها سلخ قضايا وقضاة ومنسوبي الدوائر التجارية في ديوان المظالم إلى تلك المحاكم حيث يجري حالياً استكمال التجهيزات اللازمة لذلك والانتهاء من تدريب القضاة من خلال دورات مكثفة، على أعمال ومهام القضاء المتخصص.
وأكد الشيخ مرداد أنه سيعقب تدشين المحاكم التجارية إطلاق المحكمة العمالية الذي تبذل وزارة العدل بالتعاون مع وزارة العمل جهوداً مشكورة ومقدرة، حيث قامت اللجنة المختصة بدراسة الموضوع من جميع جوانبه من ناحية توفير العدد اللازم من القضاة وآلية تدريبهم والموظفين والمباني والاحتياجات اللازمة وفق الإحصائية التي زودت وزارة العمل بها وزارة العدل.
إنجازات المنظومة العدلية
من جهته أكد رئيس محكمة الاستئناف بمنطقة الرياض الشيخ عبد العزيز بن صالح الحميد أن افتتاح منظومة المحاكم المتخصصة يمثّل حدثاً كبيراً في تاريخ القضاء لما يحمله من دلالات عظيمة في رقينا القضائي.
وقال الشيخ الحميد بأن المتأمل للنقلة الكبيرة لقضائنا في المملكة العربية السعودية يلمس ما تحقق من إنجازات كبيرة في المنظومة العدلية, ويدرك أن وراء هذه الإنجاز جهوداً عظيمة تُبذل, فخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله -يحفظه الله - وراء هذا الإنجاز العظيم منذ صدور أمره الكريم بتطوير القضاء وما أعقبه من مراسيم كريمة لكثير من الأنظمة يتصدرها نظام القضاء ونظام المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية ونظام التنفيذ وغيرها.
وأبان رئيس محكمة استئناف الرياض أن اليوم الثلاثاء سيكون يوماً تاريخياً وهو اليوم الذي يدشن فيه معالي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء منظومة المحاكم المتخصصة.
مؤكداً بأن وجود محاكم متخصصة تباشر أعمالها سينتج عنه سرعة في إنهاء القضايا وجودة في المخرجات والتسبيب؛ إذ إن القاضي المتخصص يساعد في تحقيق العدالة المنشودة.
ووجه في ختام حديثه الشكر إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وإلى سمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، وإلى سمو ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز على ما لقيه القضاء من دعم ومتابعة حتى وصل إلى ما وصل إليه, كما قدم شكره لصاحب المعالي الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى على مشاركته مع مقام الوزارة والمجلس الأعلى للقضاء لتحقيق ما وصلنا إليه من تقدم عدلي في كافة المجالات.
نقلة تطويرية
أما رئيس محكمة التنفيذ بالرياض الشيخ حبيب بن فهد البشر فقد أكد أن وزارة العدل قد بذلت جهوداً كبيرة وفق الأوامر السامية والتوجيهات الملكية المباركة لأجل أن نعيش هذا الأسبوع ثمرة افتتاح المحاكم المتخصصة ضمن مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير مرفق القضاء.
وأبان الشيخ البشر أن اليوم الثلاثاء يُعتبر من أيام القضاء السعودي المشهودة وهو الذي يدشن فيه وزير العدل الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى المحاكم المتخصصة (محاكم الأحوال الشخصية ومحاكم التنفيذ) في عدد من مناطق المملكة، وعدّه مناسبة عظيمة للقضاء وقضاته ومنسوبي القطاعات العدلية بالمملكة بل وللمواطن السعودي ومن يقيم على أرض هذه البلاد المباركة.
وكشف رئيس محكمة التنفيذ بالرياض أن المحاكم المتخصصة عمل وطني جبار ونقلة تطويرية غير مسبوقة بمثل ما نشهده اليوم لمرفق القضاء، ففيه توزيع للاختصاصات وتسهيل لإجراءات التقاضي وتسريع لها وسيعود أثر ذلك - بإذن الله - على الوطن والمواطن وكل من له علاقة تخصصية بأعمال القضاء.
وأوضح الشيخ البشر أن إنشاء محاكم متخصصة لقضاء التنفيذ - الذي يُعد ثمرة التقاضي - هو إعطاء صفة الاستقلالية لهذا النوع من القضاء وسيكون ذلك دافعاً للعاملين في قضاء التنفيذ من قضاة ومعاونين إلى تحقيق الغاية من استقلاليته، وسيكون - بإذن الله - قضاءً متميزاً في أدائه وسريعاً في إجراءاته قوياً في قراراته حازماً في إعادة الحقوق لأصحابها.
وشكر البشر في ختام تصريحه معالي وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء على جهوده واهتمامه بتطوير مرفق القضاء تحقيقاً لتطلعات خادم الحرمين الشريفين في تطوير مرفق القضاء.
فهم جوانب القضايا
من ناحية أخرى عدَّ فضيلة رئيس محكمة الأحوال الشخصية الشيخ حمد بن محمد الزيد أن تدشين المحاكم المتخصصة بما فيها محاكم الأحوال الشخصية هذا الأسبوع في عدد من مدن المملكة والتي تختص بجميع مسائل الأحوال الشخصية إنجازاً جديداً من إنجازات وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء.
وقال إن هذه المحاكم روعي فيها البعد الاجتماعي للأسرة السعودية وخصوصيتها لحل المشاكل الأسرية في إطار من التفاهم بما يحقق بقاء الروابط الأسرية وتقوية أواصرها.
وأضاف الشيخ الزيد قائلاً: إن تخصيص القضاة لنوع معين من القضاء يكسبهم قدراً أكبر وفاعلية في فهم جوانب القضية ومن ثم القدرة على حلها بطريقة تحقق بها الأهداف التي يتوخى منها تطبيق مشروع خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - لتطوير مرفق القضاء على أرض الواقع.
60 % من القضايا.. أحوال شخصية
من جهة أخرى أوضح مستشار وزير العدل للبرامج الاجتماعية والأسرية المشرف على الإدارة العامة للخدمة الاجتماعية بالوزارة الدكتور ناصر العود أن النقلة التطويرية في وزارة العدل نحو التوجه للقضاء المتخصص تمثّل إحدى أهم الإستراتيجيات والتوصيات الأساسية في مشروع الملك عبد الله لتطوير مرفق القضاء.
وأشار إلى تدشين عدد من المحاكم المتخصصة في المملكة والتي تأتي في مقدمتها محاكم الأحوال الشخصية في كل من الرياض ومكة وجدة والمدينة المنورة والدمام ضمن خطة متكاملة تشمل التجهيزات التنظيمية والتقنية والفنية.
وأردف د. العود قائلاً: إن بدء العمل في القضاء المتخصص في قضايا الأحوال الشخصية أتى من واقع الإحصاءات التي تشير إلى أن ما نسبته 60% من القضايا الواردة لمحاكم المملكة هي قضايا أحوال شخصية، يأتي في مقدمتها قضايا الطلاق والحضانة والنفقة والولاية والعضل إضافة إلى نزاعات الإرث وما يرتبط فيها.
وبين أن وزارة العدل بالتنسيق مع المجلس الأعلى للقضاء قد عملت على التهيئة المسبقة لمحاكم الأحوال الشخصية قبل أكثر من عام من خلال البدء في ما يُعرف بالدوائر القضائية في قضايا الأحوال الشخصية في كل من الرياض وجدة والتي ساهمت في تقليص مدة النظر في القضايا إلى أسبوعين أو أقل بعدما كانت تتجاوز 4 شهور.
وحول دور إدارة الخدمة الاجتماعية في محاكم الأحوال الشخصية قال المستشار العود إن أهمية العمل الاجتماعي والإصلاح الأسري في محاكم الأحوال الشخصية التي تدشن هذا اليوم تتطلب وضع خطة متكاملة تشمل تجهيز مكاتب للخدمة الاجتماعية في جميع تلك المحاكم الخمس في المملكة، كما شملت الخطة توجيه ما يقارب 40 أخصائياً اجتماعياً للعمل فيها إضافة إلى موظفي مكاتب الصلح والبالغ عددهم 30 موظفاً بشكل مبدئي.
ونوه د. العود في ختام تصريحه بأهمية العنصر النسوي في هذه المحاكم وما يمكن أن تقدمه المتخصصات في القضايا الحقوقية والأسرية، وقال إنه تم البدء في التعاون مع جمعية «مودة للحد من الطلاق» لافتتاح مكاتب مستقلة في محاكم الأحوال الشخصية تساهم في تقديم الخدمات المساندة للمراجعات من خلال متطوعات مختصات في الشريعة والحقوق والخدمة الاجتماعية.
نقلة نوعية
من جهته أكد رئيس الأنشطة الحقوقية بالشرق الأوسط بالاتحاد الدولي للمحامين د. ماجد محمد قاروب أن القرارات السامية الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير مرفق القضاء تدل دلالة أكيدة على متابعته - أيده الله - وحرصه على إحداث النقلة النوعية المطلوبة للسلطة القضائية من خلال المشروع الجليل لتطوير مرفق القضاء، مشيراً إلى أن ذلك سيسهم في تطوير إجراءات العمل القضائي بالمحاكم، وفي التحسن الإيجابي في منظومة العدالة القضائية.
وأوضح د. قاروب أن إطلاق المحاكم المتخصصة بوزارة العدل (الأحوال الشخصية والتجارية والعمالية والجزائية بالإضافة لمحاكم التنفيذ) سوف ينعكس بشكل متطور ومتنامٍ على مجمل العمل القضائي في مختلف وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة.
وأردف يقول: إننا أمام أنظمة متجددة لتطوير العمل القضائي سيحقق الموازنة بين المتقاضين ويحافظ على الضمانات القضائية ويعطي المرأة حقوقها كاملة عند التقاضي والترافع وتيسير إجراءاتها وسرعة الفصل في دعاواها.
وأضاف: نحن أمام مرحلة مهمة ونقلة نوعية كبيرة من تطوير السلطة القضائية وأعمال المحاكم لذلك فإنني أتطلع من جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية المساعدة في إنفاذ المشروع القضائي الجليل بأن تستكمل ما يجب عليها من استحداث الوظائف للقضاة وأعوانهم والخبراء والمستشارين في المحاكم التي تتطلب أعداداً كافية ومؤهلات عالية وتدريباً نوعياً خاصاً ومباني لائقة وتجهيزات حديثة ويحتاج التعليم القانوني والقضائي للتطوير والتجديد.
مشيراً إلى أهمية تضافر الجهود مع وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء لتحقيق الهدف من هذا المشروع الجليل وفق تطلعات القيادة الرشيدة والوطن والمواطن.
وطالب المستشار القانوني ماجد قاروب بالارتقاء بمكانة وتأهيل القاضي والمحامي على حد السواء من خلال تعديل نظام المحاماة ليرتقي المحامون لمستوى الطموح والتحدي بحيث يقصر التقاضي عليهم أمام القضاء، والإعلان عن هيئة المحامين لتستكمل عملية تطوير المهنة ليرتقي تأهيل وتدريب المحامين لمستوى الطموحات والآمال.