ليس ثمة عاقل يرضى عما تفعله داعش من قتل وترويع وخراب في الأراضي المختطفة، وما يزيد الأمر سوءاً انضمام مواطنين سعوديين لهذا التنظيم الإرهابي! حتى أصبحنا كل يوم - تقريباً - نسمع عن مقتل شاب سعودي في جبهة القتال، أو قيام بعضهم بالتمويل والتجنيد والتخطيط والدعم والمشاركة في أعمال قتالية!
ويزداد الأسف وتتسع الحيرة حول أسباب سفر أولئك الشباب وتفجيرهم أنفسهم بأحزمة ناسفة وسيارات مفخخة. ونرقب الأمر من قرب وبعد، فلا نجد من المبررات العقلانية التي تجعل منهم وقوداً لتلك الحرب الخاسرة مهما أوغلنا في التفسير أو تعمّقنا بالتحليل!
وكلنا نأسف على ما وصلت له الأمور لدرجة اصطحاب الآباء الإرهابيين لأبنائهم الأبرياء لتلك الساحات الموبوءة بجز الرؤوس، وصفّها على الأرض وتصويرها ونشرها عبر قنوات التواصل الاجتماعي!
ولعل فيما يحدث من فتنة وفرقة وتشظٍّ في البلاد الإسلامية، هو من سنن الله في خلقه لحكمة يعلمها عزّ وجلّ، ونجهلها لقلة إدراكنا ومحدودية علمنا، حتى لو قتلنا الأسى وفتك بنا الهمّ وافترسنا الغم!
وأجزم أنه لم ولن ينسى المواطنون والوافدون ما حل في بلادنا الحبيبة، وما عانته منذ أكثر من عشر سنوات من هجمات إرهابية متوالية استهدفت العسكريين والمواطنين والمستأمَنين، بحجج التكفير والتشكيك بمنهج الدولة ونهجها، حتى تحولت المملكة لحالة من الترقب والتقصي والخوف.
وبرغم أن الحكومة قامت بدورها المطلوب لحماية الشعب والمكتسبات من نير واعتداء الجماعات الإرهابية، فضيقت عليهم الخناق بتجفيف منابع دعمهم وتقليم أظافر شرهم وقصِّ أجنحة غيِّهم، حتى انحسرت أنشطتهم بفضل الله ثم الجهود الأمنية والعيون الساهرة؛ إلاّ أنهم كانوا يتحيّنون الفرصة لزرع الخوف ونشر الفتنة، فالنفوس القذرة تظل بقذارتها وترفض الاستسلام والاعتراف بالفشل! وحينما ضاقت عليهم السبل نقلوا معركتهم الخاسرة لمكان آخر، ولم يتوانَوا عن تنفيذ مخططاتهم عندما وجدوا لهم مرتعاً خصباً في بلدانٍ تشهد قلاقل وحروباً، فكانت سوريا والعراق هما المكان الملائم لهم، وكان شبابنا الضال هم وقودها.
وبقدر ما نأسى على ما وصلت إليه أحوال شبابنا المعجب بأفكار شاذة، المخطوف بشعارات وهمية، المتعطش للدماء وتنفيذ أجندات خارجية؛ لنحمد الله أن كشف سترهم هناك، وجنّب بلادنا الحبيبة شرهم وأبعد خطرهم، مع الحزن العميق على ذهاب نفوس بريئة من جراء تفجير أولئك الإرهابيين وقتلهم للآمنين من السكان.
وحسبنا الله على من أوصلهم لهذه الحال، وجعلهم فريسة لفكر ضال!