للأسف الشديد نجد معظم أئمة وخطباء الجمعة لم يتعرضوا لحالة التطرف التي بدأت تتفشى في مجتمعنا السعودي؛ فالمساجد التي تقام فيها الجمعة ومساجد الأحياء التي يتردد عليها المصلون شيوخاً وشباباً وأطفالاً هي الأماكن المناسبة التي يستطيع فيها الأئمة والخطباء، وتوجيه الجميع إلى السلوك القويم الذي نادت به الشريعة الإسلامية، ولاسيما الشباب الذين يعيشون مرحلة المراهقة والذين يحتاجون إلى التوجيه والاحتضان الذي يجعلهم مرتبطين ببيئتهم المنزلية والاجتماعية بعيداً عن التشدد والتزمت؛ فبالنزول إلى عقلياتهم وتفكيرهم يكتشف الأئمة النزوات غير السوية والتي يتم معالجتها بالحكمة والتخاطب المباشر معهم لا بتوجيههم إلى الكتب وأشرطة الكاسيت، وما ينشر على مواقع الإنترنت والتي أحياناً لا تتوافر فيها مقومات العقيدة الصحيحة ومقاصد الشريعة التي توظف فقه الواقع ومصالح الأمة، ولو عدنا إلى الوراء قليلاً وتتبعنا ما يتم في معظم مساجد المملكة نجد العلم وفنونه حاضرة من خلال العلماء الأجلاء الذين يقومون بتبصير الناس بأمور دينهم وطاعة ولي الأمر ليست مجالا للأخذ والرد فهي من الخطوط الحمراء التي يجب عدم تجاوزها حتى وأن أثيرت بعض التساؤلات من قبل طلبة العلم لأن ولي أمر المسلمين أعطته الشريعة الإسلامية الكثير من الأمور الشرعية التي تتيح له التعامل بها بما يحقق المصلحة العامة التي تفيد المسلمين فقاعدة المصالح المرسلة من القواعد الشرعية التي يتعامل بها ولاة الأمر الذين يطبقون أحكام الشريعة في بلادهم، والمملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي منذ تأسيسها وهي تحكم بالشريعة الإسلامية والتي جعلت المواطن السعودي يتمتع بالتربية الإسلامية السوية حتى وأن صاحبت البعض منهم نزوات فهي لا تتعدى المعصية أما الجوهر العام عقيدة صحيحة بعيدة عن التصوف والخزعبلات هذه الأجواء الدينية عرفت بها المملكة بين دول العالم لأنها تمارس قولاً وعملاً (فالحجاب وعدم التبرج وإغلاق المحلات عند الصلاة وتحريم بيع الخمور وكل ما يسئ إلى دين الإسلام وهذا النهج لازال ولاة الأمر يحرصون على استمراريته ويعتبرونه سر نجاحهم في خدمة الحرمين الشريفين، كذلك مكتسبات الأمة والمحافظة عليها.
الأئمة والخطباء لهم دور في بناء عقلية المسلم التي تحب الوطن وتحافظ على إنجازاته سواء كانت علمية أو ثقافية او حسية أو ترفيهية والتي عادة نجد فعالياتها تقام في مؤسسات الدولة وخلاصة القول أستطيع أن أقول إن دور الأئمة والخطباء مهم في هذه المرحلة الراهنة باعتبار المسجد هو المكان الوحيد الذي يلتقي فيه المصلون مع بعضهم خمس مرات وهم في شوق ولهفة وحاجة إلى نفحات الإيمان، وخصوصاً عندما يكون الإمام متسلحاً بالعلم وملماً بالثقافة التي يحتاجها الداعية وأهمها الجانب العلمي والسلوك الأخلاقي.
والله من وراء القصد ...