كنا مجموعة طلاب وطالبات برنامج الدكتوراه جعلنا لنا تجمعاً نناقش فيه أمورنا الدراسية ونتبادل فيه الخبرات ونتلقى تبليغات أساتذتنا ومواعيد اختباراتنا.
وذات صباح قبل عدة أشهر:
استيقظت على رسالة هاتفية تقول كاتبتها:
«باع شقيق زميلتنا فلانة الدنيا بالآخرة وحظي بالشهادة في ساحة الجهاد في سوريا وتسعد أسرة زميلتنا باستقبال المهنئين لهم بشهادة ابنهم الشاب فلان......تغمده الله برحمته....»
كثير من الزملاء والزميلات كتبوا تعزية، لكنني لم أستطع، وظللت في حالة دهشة وتعجب من تغلغل هذا الفكر بين عقول شابة نالت الماجستير من أمريكا وتتابع دراستها للدكتوراه في أكبر جامعة في السعودية وتنال حظاً وفرصة لم تتح لغيرها وتدرس في تخصص دقيق وحساس ومهم وهو إدارة المؤسسات التعليمية، ثم للأسف تجدها تتبنى مثل هذه الأفكار، لن تقرب إلا من هو مثلها ولن تخطط إلا بما يدعم توجهها ولن تقيم البرامج إلا التي تحقق مبتغاها.
إن من يمتلك قلقاً حقيقياً على وطنه يدرك أن تنفذ الإرهاب الفكري خطير جداً وللأسف نجد له ذيولاً ممتدة وأجيالاً متلاحقة وداعمين لوجستيين يسهلون تمكينه في الجامعات والمواقع القيادية الحساسة ليبقى تأثيره وينشر أفكاره بين النشء الجديد سواء في وزارة التربية أو في التعليم العالي.
ومن الأهمية بمكان تجفيف منابع هذا الفكر واجتثاثه وذلك عبر مشروع وطني تتشارك فيه وزارة الداخلية ووزارتا التربية والتعليم العالي ووزارة الإعلام والثقافة ووزارة الشؤون الإسلامية ويعمل على تأسيس فكر إسلامي معتدل يعزز من قيم الإسلام الصحيح القائم على حب السلام وإعمار الأرض ويبث قيم الحياة والمواطنة والانتماء عبر برامج وأنشطة متنوعة ومدروسة بعناية. سدد الله الجهود المخلصة.