من المعروف أن الحرمين الشريفين هما مقصد المسلمين من كل مكان يأتون إليهما أفواجاً؛ رغبة في الحصول على الثواب من خلال أداء شعيرتي الحج والعمرة والطواف حول الكعبة والسعي وزيارة المسجد النبوي الشريف، وليس هناك مكان في هذه الدنيا يجتمع فيه هذا العدد الكبير من البشر بشكل يومي كما هو الحال في الحرمين، إذ لا يخلوان في أي وقت من الأوقات من مسلمين قادمين من مشارق الأرض ومغاربها.
والكثير من هؤلاء يتعمدون أن يوافق وجودهم في مكة والمدينة يوم الجمعة لأداء صلاتها والاستماع إلى الخطبة فيها.
ومن متابعة شخصية لخطبة الحرمين في فترات متباعدة وجدت أنها في الأغلب العام يركز فيها على قضايا تتصل بالوعظ والإرشاد والتخويف من النار وتقوى الله، مع ذكر قضايا محلية لا تهم المعتمر والزائر من خارج المملكة.
ومن هنا فإنني أرى أهمية أن تكون خطبة الجمعة في الحرمين الشريفين ذات مقصد عالمي وخطاب شمولي يوجه لمناقشة قضايا الإسلام والمسلمين وهي كثيرة جداً منها: قضايا التطرف والإرهاب والفقر وغياب العدالة والتعايش مع الأمم الأخرى والاهتمام بالعلم والاهتمام بالتنمية الصناعية والاهتمام بالنظام والاهتمام بالنظافة وغير ذلك مما يمس حياة المسلمين قاطبة في إطار هذا العالم.
وبذلك نكسب في تثقيف وتوجيه أفراد من مختلف أنحاء العالم بما يصب في مصلحة الإسلام والإنسانية أولاً، ويجعل من المملكة مصدرا من مصادر التوجيه والقيادة وهو أمر أساسي؛ لأن وجود الحرمين فيها يجعلها دون شك على رأس الدول الإسلامية ذات الأهمية وهي القبلة ومكان الجذب والاستقطاب.
ويقودني هذا الحديث إلى ضرورة الاستعانة بالعلماء الكبار بالمملكة من ذوي المكانة الرفيعة بأن يكلفوا بإلقاء خطب في الحرمين بين فينة وأخرى، على أن يكون التوجه العام هو ضرورة مناقشة قضايا الإسلام والمسلمين المعاصرة وليست مسألة وعظ وإرشاد، فهذا المسلم الذي يأتي من أقاصي الأرض يحتاج إلى توعية تمس حياته وحياة مجتمعه.