عندما قدمت مصر المبادرة وافقت عليها إسرائيل فوراً، وشجع المجتمع الدولي الفلسطينيين على قبول المبادرة، إلا أن المقاومة لم تقبلها إلا بتنفيذ مطالبها وهي مشروعة ومن أهمها:
* رفع الحصار البري والبحري الكامل عن قطاع غزة.
* رفع الحصار الاقتصادي والمالي عن غزة.
* تشغيل ميناء غزة.
* ضمان حرية الملاحة في شواطئ غزة إلى 12 ميلاً.
* فتح المعابر.
* الإفراج عن المعتقلين وعلى رأسهم رئيس المجلس التشريعي وأعضاء المجلس.
* إعادة الممتلكات الخاصة والعامة التي تمت مصادراتها.
* البدء ببرنامج إعادة إعمار غزة.
* وقف الاستهداف العسكري والأمني المتبادل.
عندما تضع المقاومة مطالب للموافقة وفي الجانب الآخر تقبل إسرائيل بالمبادرة المصرية فوراً فهذا نصر تحقق للفلسطينيين لم يتحقق منذ مدة، وقد يقول قائل والدمار والقتلى الفلسطينيين، نقول لهم إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ صدق الله العظيم.
37 قتيلا إسرائيليا، 450 جريحا، وأسير واحد وهذا الموضوع بحد ذاته يعتبر كارثة سياسية وأمنية على بنيامين، وموشي يعلون، وبني جانتس، استخدمت المقاومة طائرات بدون طيار (أبابيل) لأول مرة ولو اعتبرناها بتقنيات بدائية، إلا أنها استطاعت اختراق المجال الجوي الإسرائيلي ووصلت إلى العمق الإسرائيلي، استخدمت صواريخ مختلفة، براق، جراد.. الخ وضربت المدن الإسرائيلية (سديروت، اوفكيم، بينتيفوت، عسقلان، بئر السبع) بل وضرب مطار بن غوريون، نعم قد يكون الأثر ضعيفا لكن مجرد وصول الطائرات والصواريخ إلى تل أبيب يكفي لإصابتهم بالهلع، استغلت المقاومة بنجاح الضعف الجيواستراتيجي التاريخي لإسرائيل وهو أن طول إسرائيل لا يتجاوز 470 كم وعرضها 135 كم، وبالتالي فإن الوصول إلى أي مدينة إسرائيلية يمكن تحقيقه من قبل المقاومة الفلسطينية.
القبة الحديدية من الناحية العسكرية ثبت أنها أعطيت اسم لا تستحقه، فقد اتضح لدى الخبراء خصوصاً العسكريين، أن هذه القبة فيها خلل دفاعي كبير تم استغلاله بنجاح من قبل المقاومة.
نعود للوراء لشرح نقطة الضعف في هذا النظام.. القبة الحديدية عبارة عن نظام صاروخي دفاعي متحرك صمم ضد الصواريخ قصيرة المدى والمدفعية. اعتمد البدء في تطوير هذا النظام من قبل وزير الدفاع الأسبق عمير بيرتس، كل سرية يوجد بها عشرون صاروخا من نوع (tammir) وتعني بالعبرية (صاروخا اعتراضيا). وادخل للخدمة رسمياً في الجيش الإسرائيلي.
جرب النظام في عملية عامود السحاب ضد الفلسطينيين في غزة، وجرب الآن في عملية الجرف الصامد. استطاعت الصواريخ والطائرات بدون طيار اختراق هذا النظام في كلتا العمليتين، لأسباب سبق أن شرحها رؤوفين بيداتسور المحلل العسكري والاستراتيجي الإسرائيلي والأستاذ في جامعة تل أبيب في مقال نشر في صحيفة هارتس الإسرائيلية، بعد عملية عامود السحاب، وذكر بوضوح أن صواريخ القسام، تضرب أهدافها، بينما يحتاج نظام القبة الحديدية لاكتشاف الهدف والتعامل معه، والخبراء العسكريون يعلمون تماماً أن أجزاء الثانية مهم جداً في الدفاع الجوي الصاروخي. وقد أنكر الجنرال جولد الرئيس التنفيذي للمشروع هذا التحليل، إلا أن علماء شركة ريثيون الأمريكية للدفاع أكدوا ذلك من خلال التحليل الدقيق لأشرطة الفيديو التي تظهر في العمليات الاعتراضية لصاروخ (tammir) حيث يظهر انفجار واحد (وميض واحد)، بينما من المفترض أن يكون هناك انفجاران أو (وميضان)، وميض انفجار صاروخ (tammir) ووميض الهدف. وقد أثبتت عملية الجرف الصامد صحة ضعف القبة الحديدية، وان نسبة نجاح الاعتراضات قليلة، في أحسن الأحوال، وهو ما أقرت به إسرائيل؛ الأمر الذي استدعى الكونجرس الأمريكي إلى إقرار مساعدة عاجلة لوزارة الدفاع الإسرائيلية لتطوير وتحسين نظام القبة الحديدية.
إن هذه الحرب التي تكلف إسرائيل ما يقارب مليار دولار يومياً، وتستخدم فيها نظام مكلف مادياً، (50 ألف دولار قيمة صاروخ تامير، لتدمير صواريخ المقاومة (القسام) التي لا تتجاوز تكلفتها 1000 دولار)، يعد أول نصر استراتيجي عسكري (له ما بعده) حققته المقاومة، على الرغم من الخسائر البشرية والمادية، وعزاؤنا أن قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار، والنصر صبر ساعة.