حينما صدر الأمر الملكي الكريم رقم 13876 - ب والتاريخ 2- 9- 1431هـ بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء وأعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ومن يؤذن له، بعد أن ظهرت فتاوى شاذة أخلت بديانة المجتمع وعباداتهم؛ تطاول السفهاء على ذلك الأمر شجبا له مستنكرين تسييس الفتوى بزعمهم، وقد قيض الله لذلك حكمة القيادة عملا بمقتضى السياسة الشرعية والأنظمة المرعية إلى تنظيم ذلك ومنع التطرق لأي موضوع يدخل في مشمول شواذ الآراء، ومفردات أهل العلم المرجوحة، وأقوالهم المهجورة، والناظر في تلك السياسة يجد أنها قد بنيت على ركن عظيم من أركان العلائق بين الراعي والرعية قال ابن تيمية -رحمه الله-: «موارد النزاع إذا كان في إظهارها فساد عام؛ عوقب من يظهرها» انظر: جامع الرسائل، 5-279، واليوم نشهد مواطناً للفتن والنزاعات السياسية هزت الاستقرار الأمني للمنطقة وانتهكت به أشد المواثيق الدولية لحفظ الإنسان وحقوقه، وفي نظرة حكيمة للواقع المؤلم يختلجها عطف الراعي على الرعية يصدر الأمر الملكي الكريم رقم أ - 44 والتاريخ 3- 4 -1435هـ ليحمي سياج الدولة من الخرق ويجمع أطرافها الفكرية والدينية مانعا من الخوض في شؤونٍ خارجية أو المشاركة في فوضى الصراعات القائمة داعيا إلى العمل في بناء مجتمع داخلي متزن بعيدا عن التحزبات الفكرية والصراعات اللامنهجية تحقيقا لمقاصد الشريعة وتعزيزا للمصالح المرسلة المعتبرة في حزم تتطلبه المرحلة الحرجة التي تمر بها الأمة مع مراعاة لجسور الإخاء وبسط أكف المساعدة للثكالى والمظلومين، وامتدادا لذلك الحنان الأبوي من لدن خادم الحرمين الشريفين والشفقة على الأمة الإسلامية منطلقا من النصوص الشرعية الموجبة للنصح للأمة وجّه كلمته الثمينة للأمتين العربية والإسلامية في أوجّ الصراعات المتتالية التي تعصف بالأمة وتوهن من عزيمتها داعيا إلى وحدة الكلمة ونبذ العنف بشتى أشكاله دعوة للسلم الذي حث عليه ديننا الحنيف قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً}، ودعوة للوقوف أمام طوفان الإرهاب الذي ابتليت به الأمة المسلمة لتكون سدا منيعا ضد أعدائها بوحدة سليمة من الأفكار المنحرفة، مستشعرا -سلّمه الله- ما يمر به اخواننا في غزة من طغيان المحتلّ وسفكه للدماء البريئة في ظلّ صمت عالمي تتفكك به مواثيق العدالة، وقد أنعم الله علينا في هذه البلاد المباركة بملك حكيم تتعدد ماقفه الإنسانية النبيلة والتي لن ينساها العالم بأسره، حمى الله بلاد المسلمين من كيد الكائدين، وسدد قائد النهضة وحكيم الأمة خادم الحرمين الشريفين للعمل لمافيه نفع للإسلام والمسلمين.